أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 30

جلسة 2 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف نائب رئيس المحكمة، أحمد أبو الحجاج، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.

(175)
الطعن رقم 1033 لسنة 56 القضائية

(1) تأميم. اختصاص. حكم.
اختصاص لجان التقييم. ق 38 لسنة 1963. عدم جواز تقييم ما لم يتم تأميمه أو استبعاد عناصر من الأموال المؤممة. مؤدى ذلك. انحدار عملها إلى مستوى الفعل المادي المجرد من المشروعية. المنازعات المتعلقة بما جاوزت فيه اللجان اختصاصها تختص المحاكم العادية بالفصل فيه. المنازعة على دخول الأرض ضمن الأصول الثابتة للمشروع المؤمم. للمحاكم القضاء في موضوعها إذا لجأ إليها الأطراف وكان داخلاً في اختصاصها.
(2) نقض "السبب الجديد" "السبب المختلط بالواقع". حيازة. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. وجوب التمسك أمامها بطلب ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يد الخلف لقيامه على أمور تتعلق بالواقع. خلو الأوراق مما يفيد ذلك. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) نقض. حكم. التماس إعادة النظر.
الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. سبيل الطعن عليه التماس إعادة النظر. الطعن فيه بطريق النقض. شرطه. صدوره من المحكمة وهي مدركة حقيقة الطلبات وأنها تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه.
(4) نقض. بطلان. دعوى "الصفة". نظام عام.
بطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم. عدم تعلقه بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اختصاص لجان التقييم كما بينته المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 هو تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت بالقانون المذكور وتقييم رأس مال المنشأة إنما يكون بتحديده على أساس من العناصر المكونة له وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وتتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة وشرط ذلك ألا تضيف إلى الأموال والحقوق المؤممة شيئاً لا يدخل في نطاقها أو أن تستبعد منه مالاً أو حقاً خضع للتأميم إذ ليس من اختصاصها أن تجري التأميم على ما لم يؤمم بمقتضى القانون وإلا تردى عملها إلى مستوى الفعل المادي المجرد من المشروعية وهو وضع يجيز لصاحب الحق أن يلتمس من القضاء العادي صاحب الولاية العامة أن يرفع العدوان عن ماله أو حقه ذلك أن ما يخرج عن نطاق التأميم من الأموال والحقوق يدخل في نطاق الحماية القضائية للمحاكم العادية لما كان ذلك وكانت منازعة المطعون ضدهم قد انصبت على عدم دخول أرض النزاع ضمن الأصول الثابتة للمحالج حتى يشملها التأميم - وكان للمحاكم - إذا سعى الأطراف إليها - أن تتبين طبيعة النزاع المطروح عليها، فإن دخل في اختصاصها قضت في موضوعه، وإلا حكمت بعدم اختصاصها بنظره.
2 - المقرر أن وجوب التمسك بطلب ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يد الخلف أمام محكمة الموضوع لقيامه على أمور تتعلق بالواقع، وإذ خلت الأوراق من التمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - تعييب الحكم لتجاوزه طلبات الخصوم ليس من الأسباب المقبولة في الطعن بالنقض إلا إذا كانت المحكمة قد بينت في قضائها وجهة نظرها فيما قضت به مدركة حقيقية ما قدم إليها من الطلبات عالمة بأنها - في قضائها - تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه ومع ذلك أصرت على القضاء به أما إذا لم يبد من الحكم أنه قصد تجاوز هذه الطلبات فإن سبب الطعن فيه يكون بالتماس إعادة النظر.
4 - بطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى لا يتعلق بالنظام العام ومن ثم لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد تمسك الشركة الطاعنة بالدفع بانعدام الصفة فإن النعي المبني عليه يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - يتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1604 لسنة 1978 مدني كلي سوهاج ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لمساحة 7 س 13 ط 3 ف الموضحة الحدود بالصحيفة مع التسليم - وقالوا بياناً لدعواهم إنهم ومورثهم كانوا يمتلكون الشركة المصرية لتجارة وحلج الأقطان بطهطا، ومن بين أموال تلك الشركة محلجاً للأقطان آلت ملكيته للشركة الطاعنة بتأميمه بمقتضى القرار بقانون 38 لسنة 1963 وقد ثبت من تقرير لجنة الجرد أن المحلج مقام على أرض مساحتها 17 س 19 ط 14 ف منها 9 ط 2 ف مملوكة للغير، وقد وضعت الشركة الطاعنة يدها على أرض المحلج وعلى أرض أخرى مملوكة للمطعون ضدهم مساحتها 7 س 13 ط 3 ف دون سند من القانون ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. كما أقامت الشركة الطاعنة الدعويين رقمي 5715 لسنة 1979، 3800 لسنة 1979 مدني كلي سوهاج ضد بعض المطعون ضدهم بطلب تثبيت ملكيتها لمساحة من الأرض محل النزاع وبطلان عقدي البيع الصادر بشأنها. ضمت المحكمة الدعوى رقم 1604 لسنة 1978 إلى الدعويين المشار إليهما ليصدر فيها حكم واحد، وبعد أن ندبت خبيراً قضت بإجابة طلبات الشركات الطاعنة وبرفض دعوى المطعون ضدهم، استأنف المطعون ضدهم الحكم بالاستئناف رقم 86 لسنة 58 ق استئناف أسيوط - مأمورية سوهاج وبجلسة 2/ 2/ 1986 حكمت المحكمة بعدم جواز استئناف الحكم الصادر في الدعويين رقمي 5715، 3800 لسنة 1979 مدني كلي سوهاج وبإلغاء الحكم في الدعوى رقم 1604 لسنة 1978 م كلي سوهاج وبتثبيت ملكية المطعون ضدهم لمساحة 22.5 س 14 ط 2 ف الموضحة الحدود بتقرير الخبير مع التسليم. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثالث والسبب الرابع والوجه الثاني من السبب الخامس - الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وبطلان الحكم وفي بيان ذلك تقول إن لجنة التقييم قد حصرت ما كان مخصصاً لنشاط المحلج وقت التأميم ومن بينه الأرض موضوع النزاع والتي ما زالت لازمة لمباشرة نشاط المحلج وقد عوض أصحاب المحلج عن قرار التأميم وما كان للخصوم ولا للخبير التعرض لقرار التأميم إذ يعد ذلك تجاوزاً لحدود القانون رقم 38 لسنة 1963 وقد طعنت الشركة على هذا التقرير لتناقضه مع تقرير آخر لنفس الخبير كما أن الشركة تمسكت بضم ملف تقييم المحلج إلا أن المحكمة التفت عن هذا الطلب إذ كان يبين منه أن المحلج هو الذي شمله قرار التأميم من ضمن أملاك الشركة المصرية لتجارة وحليج الأقطان وظلت بقية أملاك الشركة - بما فيها المعصرة ومصنع العلف داخل نشاطها حتى وضعت الحراسة اليد عليها ومن ثم فإن أملاك المطعون ضدهم لا تكون ضمن ممتلكات المحلج وإنما في القدر الباقي بعد تأميمه، وإذ كان التعرض لقرارات لجنة التقييم هو في حقيقته تعرض لقرار إداري يختص به القضاء الإداري فما كان لمحكمة الاستئناف ولا للخبير الحق في تناول هذا القرار ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف قاعدة آمرة من قواعد الاختصاص فضلاً عن أوجه النعي الأخرى على ما سلف بيانه.
وحيث إن النعي برمته غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اختصاص لجان التقييم كما بينته المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 هو تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت بالقانون المذكور وتقييم رأس مال المنشأة إنما يكون بتحديده على أساس من العناصر المكونة له وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وبتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة شرط ذلك ألا تضيف إلى الأموال والحقوق المؤممة شيئاً لا يدخل في نطاقها أو أن تستبعد منه مالاً أو حقاً خضع للتأميم إذ ليس من اختصاصها أن تجري التأميم على ما لم يؤمم بمقتضى القانون و إلا تردى عملها إلى مستوى الفعل المادي المجرد من المشروعية، وهو وضع يجيز لصاحب الحق أن يلتمس من القضاء العادي صاحب الولاية العامة أن يرفع العدوان عن ماله أو حقه ذلك أن ما يخرج عن نطاق التأميم من الأموال والحقوق يدخل في نطاق الحماية القضائية للمحاكم العادية لما كان ذلك وكانت منازعة المطعون ضدهم قد انصبت على عدم دخول أرض النزاع ضمن الأصول الثابتة للمحلج المؤمم حتى يشملها التأميم وكان للمحاكم إذا سعى الأطراف إليها - أن تتبين طبيعة النزاع المطروح عليها، فإن دخل في اختصاصها قضت في موضوعه، وإلا حكمت بعدم اختصاصها بنظره - وكان تقرير الخبير - الذي أخذ به الحكم المطعون فيه - قد انتهى - أمام محكمة أول درجة - أن مسطحه 22.5 س/ 14 ط/ 2 ف هو ملك لمورثي المطعون ضدهم ولم يكن ملكاً للشركة أو المحلج المؤمم وأن لجنة التقييم أدخلت هذه المساحة ضمن المشروع المؤمم لأن قرار التأميم لم ينفذ على الطبيعة فإن لجنة التقييم تكون قد أضافت دون سند من القانون هذه المساحة لتكون ضمن المشروع المؤمم ومن ثم يتردى فعلها إلى مستوى الفعل المادي المجرد من المشروعية ويكون للقضاء العادي أن يفصل في موضوع النزاع وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه منتهياً فيه إلى النتيجة الواردة بتقرير الخبير وهي دعامة كافية لحمل قضاء الحكم، ومن ثم تكون أوجه النعي سالفة البيان على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته يطعن على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إن الشركة الطاعنة تعد خلفاً للشركة المؤممة ومن ثم تضاف مدة وضع يد السلف إلى وضع يدها بالنسبة لأرض النزاع وهو ما تكتمل به مدة اكتسابها لها بالتقادم غير أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر ومن ثم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر وجوب التمسك بطلب ضم مدة وضع يد السلف إلى مدة وضع يد الخلف أمام محكمة الموضوع لقيامه على أمور تتعلق بالواقع وإذ خلت الأوراق من التمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني والوجه الثاني من السبب الثالث القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون والقضاء بما لم يطلبه الخصوم وفي بيانه يقول إن الحكم جاوز الطالبات المعروضة على المحكمة من المطعون ضدهم حيث أوردوا بصحيفة دعواهم إن الشركة الطاعنة تضع يدها على المحلج البالغ مساحته طبقاً لقرار التقييم 17 س 10 ط 12 ف بالإضافة إلى 9 ط 2 ف مؤجرة من الغير فضلاً عن المساحة التي طلب المطعون ضدهم تثبيت ملكيتهم لها وهي 7 س 13 ط 3 ف إلا أن الخبير أورد أن المساحة المملوكة للمطعون ضدهم هي 22.5 س/ 14 ط/ 2 ف وهي تدخل ضمن مساحة 17 س 10 ط 12 ف وبذلك قد تجاوز بهذا التقرير الطلبات المطروحة على المحكمة، ورغم ذلك قضت المحكمة به مما يعيب الحكم بأوجه النعي سالفة البيان.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن تعييب الحكم لتجاوزه طلبات الخصوم ليس من الأسباب المقبولة في الطعن بالنقض إلا إذا كانت المحكمة قد بينت في قضائها وجهة نظرها فيما قضت به مدركة حقيقة ما قدم إليها من الطلبات - عالمة بأنها - في قضائها - تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو أكثر مما طلبوه ومع ذلك أصرت على القضاء به أما إذا لم يبد من الحكم أنه قصد تجاوز هذه الطلبات فإن سبيل الطعن فيه يكون بالتماس إعادة النظر، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خلواً مما يفيد تعمده القضاء بمساحة تدخل ضمن المساحة التي أوردها بصحيفة الدعوى أنها تدخل ضمن أملاك الطاعنة، لما كان ذلك وكان رأي الخبير يعد عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لتقدير المحكمة دون معقب عليها وكانت المحكمة قد أخذت بهذا التقرير محمولاً على أسبابه على الوجه المبين بالرد على الوجه الأول من السبب الأول فإن ما أثاره الطاعن بصفته في سببي النعي يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الخامس بناؤه على إجراء باطل وفي ذلك يقول إنه لما كانت وزارة المالية هي المالكة للشركة الطاعنة فقد كان على المطعون ضدهم أن يختصموا الوزير الممثل لها في الدعوى وإذ لم يتخذ هذا الإجراء من قبلهم فإن الدعوى المقامة على الشركة تكون غير مقبولة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن بطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى لا يتعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد تمسك الشركة الطاعنة من الدفع بانعدام الصفة فإن النعي المبني عليه - يكون غير مقبول ولما تقدم يتعين رفض الطعن.