أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 48

جلسة 3 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين ومحمد محمود عبد اللطيف.

(178)
الطعن رقم 1843 لسنة 56 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن". "التنازل وترك العين المؤجرة" "احتجاز أكثر من مسكن بدون مقتض". محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه". "عيوب التدليل" ما يعد قصوراً".
(1) التعبير عن التخلي أو التنازل عن العين المؤجرة للغير. جواز أن يكون صريحاً أو ضمنياً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف الإرادة إليه.
(2) إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتنازله عنها لآخر. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديره. متى كان استخلاصها سائغاً.
(3) إقامة الطاعنة دعواها لإخلاء المطعون ضده من عين النزاع لاحتجازه أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض. استخلاص الحكم علمها بحصول تنازله له عنها من مستأجرها الأصلي المذكور من واقعة سداد المستأجر من الباطن لها لقيمة استهلاك المياه عن تلك الشقة. وقبولها لهذا التنازل فساد في الاستدلال وقصور. علة ذلك.
1 - تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي أو التنازل للغير عن العين المؤجرة يجوز أن يكون صريحاً كما يجوز أن يكون ضمنياً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف قصده إليه.
2 - إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتنازله عنها لآخر هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك إلا أنه يشترط أن يكون استخلاصها سائغاً ومن وقائع تؤدي عقلاً ومنطقاً إلى ما استخلصته منها.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض طلب الشركة الطاعنة إخلاء الشقة رقم 37 لثبوت عدم احتجاز المطعون ضده للشقة الأخرى رقم 38 بتنازله عنها سنة 1966 إلى من يدعى...... وعلم الشركة الطاعنة بهذا التنازل وقبولها ضمناً له المستفاد من قبولها سداد المتنازل إليه لها قيمة استهلاك المياه بالشقة عن شهري يونيه وأغسطس 1968 بموجب إيصالين باسمه وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أجر الشقة رقم 138 المشار إليها إلى من يدعى........ من الباطن استناداً لحقه المخول بمقتضى عقد استئجاره لها والذي يبيح له تأجيرها للغير من الباطن وكان التزامه كمستأجر أصلي بسداد قيمة استهلاك المياه عن العين المؤجرة إلى المالك بأخذ - بنص المادة 37 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - حكم الالتزام بسداد الأجرة ويترتب على التأخير في سداده ما يترتب على التأخير في سداد الأجرة من آثار ومن ثم فإن قبول الطاعنة لقيمة استهلاك المياه عن الشقة المشار إليها من المستأجر لها من الباطن لا يعد بمثابة قبول ضمني منها لتنازل المستأجر له عنها. لما هو - مقرر بنص المادة 596 من القانون المدني - من أحقية المؤجر في أن يستأدي من المستأجر من الباطن مباشرة ما قد يكون ثابتاً في ذمته للمستأجر الأصلي من الأجرة. ويكون الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال إذ استخلص - من واقعة سداد المستأجر من الباطن لقيمة استهلاك المياه بالشقة عن شهري يونيه وأغسطس - علم الطاعنة بحصول تنازل له عن هذه الشقة من مستأجرها الأصلي وقبولها ضمناً لهذا التنازل وقد حجبه هذا الفساد في الاستدلال عن بحث مدى توافر شروط حظر الاحتجاز مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 1176 لسنة 1983 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقتين رقمي 33، 37 بالعقار المبين بالصحيفة والتسليم وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب ثلاثة عقود مؤرخة 28/ 10/ 1940 استأجر المطعون ضده ثلاثة شقق أرقامها 33، 37، 38 بالعقار المبين بالصحيفة والذي آلت ملكيته إليها بطريق الشراء من الحراسة العامة فيكون قد احتجز بغير مقتض أكثر من مسكن في البلد الواحد مخالفاً للحظر الوارد بنص المادة 8 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فأقامت الدعوى. تدخل....... منضماً للمطعون ضده في طلب رفض الدعوى بالنسبة للشقة رقم 37 على سند من أن هذه الشقة مقراً لشركة قائمة بينه وبين المطعون ضده وآخر، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت برفض تدخل الخصم المتدخل وبإخلاء الشقة رقم 37 وبرفض ما عدا ذلك من طلبات - استأنف الخصم المتدخل الحكم بالاستئناف رقم 7246 لسنة 101 ق القاهرة واستأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 7247 لسنة 101 ق القاهرة كما استأنفت الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 265 لسنة 102 ق القاهرة ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة وبتاريخ 9/ 4/ 1986 قضت برفضها وتأييد الحكم المستأنف - طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن تأجير المطعون ضده الشقة رقم 38 إلى من يدعى....... استناداً لحقه في تأجيرها للغير ‌‌‌من الباطن والمخول له بموجب عقد استئجاره لا يعتبر مبرراً لاحتجازه أكثر من مسكن في البلد الواحد كما لا يعد هذا التأجير من الباطن مهما استطالت مدته - تنازلاً أو تخلياً من المطعون ضده عن العين المؤجرة كما أن قبولها لسداد المستأجر من الباطن قيمة استهلاك المياه بالشقة بموجب إيصالين باسمه عن شهري يونيه وأغسطس سنة 1978 لا يعد دليلاً على علمها بحصول تنازل له عن العين من المستأجر الأصلي وقبولاً منها لهذا التنازل ومن ثم فإن سكوتها وعدم إقامتها لدعوى الإخلاء كان له ما يبرره وإذا استند الحكم المطعون فيه في قضائه برفض طلب الإخلاء إلى عدم توافر الاحتجاز لتنازل المطعون ضده عن إيجار الشقة رقم 38 إلى من يدعى....... منذ سنة 1966 وعلمها بهذا التنازل وقبولها له ضمناً المستفاد من قبولها لسداده قيمة استهلاك المياه بالشقة عن شهري يونيه وأغسطس سنة 1968 بموجب إيصالات باسمه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه ولئن كان تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي أو التنازل للغير عن العين المؤجرة يجوز أن يكون صريحاً كما يجوز أن يكون ضمنياً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف قصده إليه وأن إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتنازله عنها لآخر هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك إلا أنه يشترط أن يكون استخلاصها سائغاً ومن وقائع تؤدي عقلاً ومنطقاً إلى ما استخلصته منها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض طلب الشركة الطاعنة إخلاء الشقة رقم 33 لثبوت عدم احتجاز المطعون ضده للشقة الأخرى رقم 38 بتنازله عنها سنة 1966 إلى من يدعى......... وعلم الشركة الطاعنة بهذا التنازل وقبولها ضمناً له المستفاد من قبولها سداد المتنازل إليه لها قيمة استهلاك المياه بالشقة عن شهري يونيه وأغسطس سنة 1968 بموجب إيصالين باسمه وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أجر الشقة رقم 38 المشار إليها إلى من يدعى......... من الباطن استناداً لحقه المخول بمقتضى عقد استئجاره لها والذي يبيح له تأجيرها للغير من الباطن وكان التزامه كمستأجر أصلي بسداد قيمة استهلاك المياه عن العين المؤجرة إلى المالك يأخذ بنص المادة 37 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - حكم الالتزام بسداد الأجرة ويترتب مع التأخير في سداده ما يترتب على التأخير في سداد الأجرة من آثار ومن ثم فإن قبول الطاعنة لقيمة استهلاك المياه عن الشقة المشار إليها من المستأجر لها من الباطن لا يعد بمثابة قبول ضمني منها لتنازل المستأجر الأصلي له عنها - لما هو مقرر - بنص المادة 596 من القانون المدني - من أحقية المؤجر في أن من المستأجرين من الباطن مباشرة ما قد يكون ثابتاً في ذمته للمستأجر الأصلي من الأجرة ويكون الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال إذ استخلص - من واقعة سداد المستأجر من الباطن لقيمة استهلاك المياه بالشقة عن شهري يونيه وأغسطس سنة 1968 - علم الطاعنة بحصول تنازل له عن هذه الشقة من مستأجرها الأصلي وقبولها ضمناً لهذا التنازل وقد حجبه هذا الفساد في الاستدلال عن بحث مدى توافر شروط حظر الاحتجاز مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.