أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 69

جلسة 8 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ أحمد نصر الجندي وعضوية السادة المستشارين/ حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب، فتحي محمود يوسف وسعيد غرياني.

(183)
الطعن رقم 35 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: طاعة".
حكم "الطعن في الحكم". دعوى "المصلحة".
(1) المصلحة في الطعن. نطاقها. الحكم برفض اعتراض الطاعنة على الدخول في طاعة زوجها المطعون ضده تأسيساً على عدم أحقيته في دعوتها الدخول في طاعته طبقاً لأحكام الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق. للمطعون ضده مصلحة في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف.
(2) الأحكام التي يتعين على المحاكم تطبيقها في منازعات المصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة. هي الأحكام الموضوعية في الشريعة الخاصة الواجبة التطبيق. الإجراءات الخاصة بما يتبع في دعوى الطاعة. م 11 مكرر ثانياً ق 25 لسنة 1929. ماهيتها من قواعد الاختصاص والإجراءات التي تسري على جميع منازعات الطاعة أياً كانت ديانة أطرافها.
(3) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية. الإجراءات، إثبات". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع".
محكمة الموضوع. سلطتها في بحث الدلائل والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى. شرطه. أن يكون استخلاصه سائغاً مما له أصل في الأوراق.
1 - لئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن متى كان الطاعن لا يحقق أي نفع من ورائها، فلا يقبل طعن على الحكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وجوب أن يكون الحكم محققاً لمقصود الطاعن ومتمشياً مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على الالتزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه، سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هي جوهر القضاء ولبه، ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة مكملة للمنطوق لما كان ذلك وكان منطوق الحكم الابتدائي قد جرى في ظاهره لصالح المطعون ضده حين قضى برفض اعتراض الطاعنة، إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر به حين قضى عليه بأنه ليس من حقه أن ينذر زوجته الطاعنة - للعودة إلى طاعته في مسكن الزوجية طبقاً لأحكام الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق ولم يكن القضاء بالرفض إلا وليد ما خلص إليه الحكم في هذا الخصوص ومن ثم يكون للمطعون ضده مصلحة في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف.
2 - النص في الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه "بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم" مفاده إن الأحكام التي يتعين على المحاكم تطبيقها هي الأحكام الموضوعية في الشريعة الخاصة الواجبة التطبيق، وكان ما ورد في المادة 11 مكرر ثانية من القانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 في خصوص ما يتبع في دعوة الزوج زوجته للدخول في طاعته واعتراضها على ذلك أمام المحكمة الابتدائية إنما هي من قواعد الاختصاص ومسائل الإجراءات فإنها تسري على جميع منازعات الطاعة أياً كانت ديانة أطرافها.
3 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه من واقع الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعويين رقم 469، 470 لسنة 1985 كلي ملي شبين الكوم ضد المطعون عليه للحكم بعدم الاعتداد بإعلانه لها في 1/ 8/ 1985 بدعوتها للدخول في طاعته واعتباره كأن لم يكن. وقالت بياناً لذلك إنه دعاها بموجب ذلك الإعلان للدخول في طاعته في المسكن المبين به، وإذ كان المطعون ضده غير أمين عليها، وأورد بياناً مجهلاً عن المسكن، وقصد بإعلانه الكيد لها فقد أقامت الدعويين وبعد أن ضمت المحكمة ثانيتهما إلى الأولى حكمت بتاريخ 20/ 5/ 1987 برفضهما. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف شبين الكوم بالاستئناف رقم 57 لسنة 20 ق أحوال شخصية ملي هذا، وبتاريخ 12/ 12/ 1988 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده طلب أمام محكمة أول درجة رفض اعتراضها على إعلان دعوته لها للعودة لمنزل الزوجية، وقد قضي له بطلبه، ومن ثم يمتنع عليه استئناف هذا الحكم لانتفاء مصلحته وقد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الطعن في الحكم بطريق الاستئناف، إلا أنها رفضت هذا الدفع على سند من قيام مصلحة للمطعون ضده تتمثل في تعديل بعض أسباب الحكم الابتدائي التي حرمته من توجيه الإنذار للطاعنة للدخول في طاعته وإذ كانت هذه المصلحة غير قائمة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن متى كان الطاعن لا يحقق أي نفع من ورائها، فلا يقبل طعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي لم تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وجوب أن يكون الحكم محققاً لمقصود الطاعن ومتمشياً مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه، سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هي جوهر القضاء، ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة تكملة للمنطوق. لما كان ذلك، وكان منطوق الحكم الابتدائي قد جرى في ظاهره لصالح المطعون ضده حين قضى برفض اعتراض الطاعنة، إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر به حين قضى عليه بأنه ليس من حقه أن ينذر زوجته - الطاعنة - للعودة إلى طاعته بمسكن الزوجية طبقاً لأحكام الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق ولم يكن القضاء بالرفض إلا وليد ما خلص إليه الحكم في هذا الخصوص، ومن ثم يكون للمطعون ضده مصلحة في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض دفع الطاعنة بعدم جواز الاستئناف فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها والمطعون ضده من الأقباط الأرثوذكس ويخضعان لأحكام شريعتهما الخاصة التي لا تعرف إعلان دعوة الزوج زوجته للعودة لمنزل الزوجية والمنصوص عليه في المادة 11 مكرر ثانياً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 لأن هذا القانون لا يحكم إلا مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين وغير المسلمين مختلفي الطائفة والملة، وإذ هما قبطيان أرثوذكسيان - متحدي الطائفة والملة - فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق هذا النص رغم ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 55 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه "بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم - مفاده - أن الأحكام التي يتعين على المحاكم تطبيقها هي الأحكام الموضوعية في الشريعة الخاصة الواجبة التطبيق، وكان ما ورد في المادة 11 مكرر ثانياً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 في خصوص ما يتبع في دعوة الزوج زوجته للدخول في طاعته واعتراضها على ذلك أمام المحكمة الابتدائية إنما هي من قواعد الاختصاص ومسائل الإجراءات فإنها تسري على جميع منازعات الطاعة أياً كانت ديانة أطرافها، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بإجراءات دعوة المطعون عليه للطاعنة بالدخول في طاعته واعترضها على ذلك وفقاً لما ورد بالنص المشار إليه فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أمانة المطعون ضده على نفسها وعدم شرعية المسكن الذي دعاها للإقامة فيه، وقدمت للدلالة على ذلك صورة من الحكم الصادر في الدعوى رقم 201 لسنة 1986 ملي تلا المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 48 لسنة 87 ملي مستأنف شبين الكوم، وصورة من المحضر رقم 3274 لسنة 1985 إداري قسم أول طنطا، وصورة من المحضر رقم 3431 لسنة 1985 - إداري قسم أول طنطا، وإذ لم يحقق الحكم المطعون فيه دفاعها، ولم يتناول دلالة مستنداتها في إثبات ما تمسكت به، وأقام قضاءه برفض دعواها على مجرد القول بأنها لم تقدم الدليل على ما أسندته إلى المطعون ضده، وعدم كفاية البلاغات والدعاوى المرددة بينهما في إثبات ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه لما كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض للمستندات المقدمة من طرفي الدعوى قد خلص إلى أن الطاعنة لم تقدم الدليل على عدم شرعية مسكن الطاعنة وعدم أمانة زوجها المطعون ضده على نفسها ومالها وأن الخلافات والبلاغات والدعاوى المرددة بينهما قاصرة عن حد الكفاية لإثبات دعواها، وكان هذا الذي أورده الحكم استخلاصاً موضوعياً سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق وكاف لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لكل قول أو حجة ساقتها الطاعنة فإن ما تثيره بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي في غير محله.