أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 320

جلسة 27 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وحسين الصعيدي.

(46)
الطعن رقم 23580 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بخلو الحكم من منطوقة. على خلاف ما أثبت به وبمحضر الجلسة. عدم قبوله ما دام الطاعن لم يسلك طريق الطعن بالتزوير.
(2) حكم "بيانات" "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في الأحكام بالصورة التي يحررها الكاتب ويوقع عليها هو ورئيس الجلسة لا بالمسودة التي لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم.
(3) حكم "التوقيع عليه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على ورقته. غير لازم كفاية توقيع رئيسها وكاتب الجلسة. المادة 312 إجراءات.
(4) خلو رجل. إيجار أماكن. دعوى جنائية "قيود تحريكها".
جريمتا تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار والتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد. عدم توقف رفع الدعوى بشأنهما على شكوى. أساس ذلك؟
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيقات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم.
(6) إثبات "أوراق". حكم "حجيته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إيجار أماكن.
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية.
المحاكمة الجنائية غير مقيدة بالأحكام الصادرة من المحاكم المدنية. أساس ذلك؟
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة واطراح ما يخالفها.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فيها ما لم يقيده القانون بدليل أو بقرينة.
(9) إيجار أماكن. خلو رجل. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمتي تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وعدم تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد دون مقتض. كفاية أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم.
(10) دفوع "الدفع بكيدية الاتهام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بكيدية الاتهام أو بعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي. استفادة الرد عليه ضمناً من القضاء بالإدانة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(11) ظروف مخففة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم جواز إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سكوت الحكم عن الرد على الطلب المجهل. لا يعيبه.
مثال.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بطلب ضم قضايا بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها.
(14) إيجار أماكن. خلو رجل. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه" محكمة النقض "سلطتها".
إلزام الطاعنين برد المبلغ المدفوع رغم ثبوت تخالصهما مع المجني عليه. خطأ في القانون. كون الخطأ لا يخضع لأي تقدير موضوعي. وجوب نقض الحكم وتصحيحه وفقاً للقانون.
1 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الإدعاء بما يخالف ما يثبت منها في محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنين قولهما أن الحكم خلا من منطوقة ما دام لم يتخذا من جانبهما إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم ومحضر الجلسة.
2 - العبرة في الأحكام هي بالصورة التي يحررها الكاتب ويوقع عليها هو ورئيس الجلسة لا بالمسودة التي لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - القانون لم يستوجب توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم علي ورقته ويكفي توقيع رئيسها وكاتب الجلسة طبقا لنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان البين من الإطلاع علي الحكم المطعون فيه أنه موقع من رئيس الهيئة التي أصدرته، فإن منعاها في هذا الشأن يكون غير مقبول.
4 - جريمتا تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار والتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد ليست في عدد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنهما علي شكوى فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله.
5 - إن نعي الطاعنين علي تصرف النيابة بعدم تحقيق واقعة اغتصاب الشقة والاستيلاء على المنقولات لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة علي المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباًً للطعن علي الحكم.
6 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت من دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، وأن المحاكم الجنائية غير مقيدة بالأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية لأن وظيفتها والسلطة الواسعة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها كشف الواقعة علي حقيقتها كيلا يعاقب بريء أو يفلت مجرم تقتضي ألا تكون هذه المحاكم مقيدة، في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون مما يلزم عنه ألا يكون للأوراق الرسمية أو للأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية أي شأن في الحد من سلطة المحاكم الجنائية التي مأموريتها السعي للكشف عن الحقائق كما هي في الواقع لا كما تقرره جهات أخري مقيدة بقيود لا يعرفها قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون علي غير أساس.
7 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها علي بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
8 - العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلي الأدلة المطروحة عليه وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينه يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
9 - المحكمة غير ملزمه بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمتي تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وعدم تسليم الوحدة السكنية إذ يكفي أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم- وهو ما تحقق في واقعة الدعوى.
10 - الدفع بكيدية الاتهام أو بعدم ارتكاب الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلي أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلي جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن كبر سنهما وأنهما من أرباب الأسر وأن أحدهما موظف والآخر علي المعاش- مردوداً - بأنه وإن كان من المسلمات في القانون أن مثول المتهم أو تخلفه أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعي أمامها ولو بياناً لموجبات الرأفة - عند ثبوت الإدانة - يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه ذلك من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين إثارة هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
12 - لما كان الدفاع عن الطاعنين لم يوضح في مرافعته - بل وبأسباب طعنه عندما طلب ضم التحقيقات التي أشار إليها، سبب هذا الطلب ومرماه فإنه يغدو طلباً مجهلاً لا تثريب علي المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له أورداً عليه، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى.
13 - أن طلب الدفاع ضم التحقيقات التي أشار إليها قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ولا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا علي المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته وما يثيره الطاعنان في شأنه إنما ينحل في حقيقته إلي جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع.
14 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تخالصا مع المجني عليه علي النحو الثابت بحافظة المستندات المقدمة منهما والتي طويت على: 1 - إنذار على يد محضر موجه عنهما إلى المجني عليها بتاريخ 13/ 3/ 1989 يعرض مبلغ 5250 جنيه المدفوع منه بموجب العقد المؤرخ 14/ 8/ 1982. 2 - محضر إيداع المبلغ المذكور بتاريخ 14/ 3/ 1984 بخزينة محكمة محرم بك، 3 - صورة شهادة من سجل ودائع مؤرخة 21/ 3/ 1985 بأن المجني عليه صرف المبلغ المذكور بتاريخ 16/ 7/ 1984. وقضى الحكم الابتدائي المؤيد والمعدل بالحكم المطعون فيه - رغم ذلك بالرد إليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ أنه ما كان للمحكمة أن تلزمهما برد المبلغ المدفوع منهما مرة أخرى، وإذ كان هذا الخطأ الذي بني عليه الحكم لا يخضع لأي تقدير موضوعي ما دامت المحكمة قد قالت كلمتها من حيث صحة إسناد الاتهام إلى الطاعنين، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بإلغاء ما قضى به من عقوبة الرد ورفض الطعن فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: بصفتهما مؤجرين تقاضياً مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. ثانياً: بصفتها السابقة تخلفاً دون مقتض عن تسليم الوحدة السكنية في الميعاد. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 26/ 1، 71، 77، 80 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالمواد 23، 24، 25/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والمادة 336 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 129 لسنة 1982. ومحكمة جنح محرم بك قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل متهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لكل منهم وتغريمهما مبلغ 10500 جنيه لصالح صندوق الإسكان الاقتصادي وإلزامهما برد مبلغ الخلو للمجني عليه. استأنف كل من النيابة العامة المحكوم عليهما وقيد استئنافهم برقم 6017 سنة 1985. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضاً وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس كل متهم شهراً مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. فطعنت الأستاذة/..... المحامية عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار كخلو رجل والتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم خلا من منطوقة طبقاً للصورة الضوئية لمسوده الحكم المقدمة من الطاعنين، كما خلا من توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرته، وأن النيابة العامة حركت الدعوى الجنائية بدون شكوى، ولم تقم بإجراء تحقيق واقعة اغتصاب الشقة وسرقة المنقولات مما يدل على كيدية الاتهام، والتفت الحكم عن مستندات الطاعنين المتمثلة في الحكم الصادر ببطلان العقد سند الدعوى الصادر للمجني عليه وأغفل سلطة المحكمة المدنية في تكييف هذا العقد، كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين، هذا إلى أن العقد محرر بين المجني عليه والطاعن الثاني فقط دون الطاعن الأول خلافاً لما ورد بالحكم، وأغفل طلب ضم التحقيقات التي أجريت مع أحد أعضاء النيابة بناء على شكوى الطاعنين ضده والوارد بمذكرة دفاعهما خلال فترة حجز الدعوى للحكم، وأخيراً فإن الطاعنين من أرباب الأسر وأحدهما موظف والثاني على المعاش وطاعنين في السن فضلاً عن قيامهما بسداد المبلغ إلى المجني عليه - كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على منطوقة - على خلاف ما يقوله الطاعنين - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الإدعاء بما يخالف ما يثبت منها في محضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنين قولهما أن الحكم خلا من منطوقة ما دام لم يتخذا من جانبهما إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم ومحضر الجلسة، وكانت العبرة في الأحكام هي بالصورة التي يحررها الكاتب ويوقع عليها هو ورئيس الجلسة لا بالمسودة التي لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يستوجب توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم علي ورقته ويكفي توقيع رئيسها وكاتب الجلسة طبقاً لنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه موقع من رئيس الهيئة التي أصدرته، فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت جريمتا تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار والتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد ليست في عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنهما على شكوى فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعنين علي تصرف النيابة بعدم تحقيق واقعة اغتصاب الشقة والاستيلاء علي المنقولات لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة علي المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت من دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، وأن المحاكم الجنائية غير مقيدة بالأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية لأن وظيفتها والسلطة الواسعة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها كشف الواقعة على حقيقتها كيلا يعاقب بريء أو يفلت مجرم تقتضي ألا تكون هذه المحاكم مقيدة، في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون مما يلزم عنه ألا يكون للأوراق الرسمية أو للأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية أي شأن في الحد من سلطة المحاكم الجنائية التي مأموريتها السعي للكشف عن الحقائق كما هي في الواقع لا كما تقرره جهات أخري مقيدة بقيود لا يعرفها قانون الإجراءات الجنائية، فأن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون علي غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينه يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكانت المحكمة غير ملزمه بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمتي تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وعدم تسليم الوحدة السكنية إذ يكفى أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم- وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان الدفع بكيدية الاتهام أو بعدم ارتكاب الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلي أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلي جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن كبر سنهما وأنهما من أرباب الأسر وأن أحدهما موظف والآخر علي المعاش- مردوداً - بأنه وإن كان من المسلمات في القانون أن مثول المتهم أو تخلفه أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه موجعة إليه إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعي أمامها ولو بياناً لموجبات الرأفة - عند ثبوت الإدانة - يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه ذلك من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين إثارة هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الدفاع عن الطاعنين لم يوضح في مرافعته - بل وبأسباب طعنه عندما طلب ضم التحقيقات التي أشار إليها، سبب هذا الطلب ومرماه فإنه يغدو طلباً مجهلاً لا تثريب علي المحكمة إن هي سكنت عنه إيراداً له أورداً عليه، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى، هذا فضلاً عن أن هذا الطلب قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ولا يتجه مباشرة إلي نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته وما يثيره الطاعنان في شأنه إنما ينحل في حقيقته إلي جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تخالصا مع المجني عليه على النحو الثابت بحافظة المستندات المقدمة منهما والتي طويت على: 1 - إنذار على يد محضر موجه منهما إلى المجني عليها بتاريخ 13/ 3/ 1989 يعرض مبلغ 5250 جنيه المدفوع منه بموجب العقد المؤرخ 14/ 8/ 1982. 2 - محضر إيداع المبلغ المذكور بتاريخ 14/ 3/ 1984 بخزينة محكمة محرم بك، 3 - صورة شهادة من سجل ودائع مؤرخه 21/ 3/ 1985 بأن المجني عليه صرف المبلغ المذكور بتاريخ 16/ 7/ 1984. وقضى الحكم الابتدائي المؤيد والمعدل بالحكم المطعون فيه - رغم ذلك بالرد إليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ أنه ما كان للمحكمة أن تلزمهما برد المبلغ المدفوع منهما مرة أخرى، وإذ كان هذا الخطأ الذي بني عليه الحكم لا يخضع لأي تقدير موضوعي ما دامت المحكمة قد قالت كلمتها من حيث صحة إسناد الاتهام إلى الطاعنين، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بإلغاء ما قضى به من عقوبة الرد ورفض الطعن فيما عدا ذلك .