أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 89

جلسة 9 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة، صلاح محمود عويس، محمد رشاد مبروك والسيد خلف.

(187)
الطعن رقم 575 لسنة 56 القضائية

(1) قانون "سريان القانون" نظام عام. إيجار "إيجار الأماكن".
أثار العقد. خضوعها كأصل لأحكام القانون الذي أبرم في ظله الاستئناف. سريان أحكام القانون الجديد عليها متى كان متعلقاً بالنظام العام. قوانين إيجار الأماكن وقراراتها التنفيذية، سريانها أثر مباشر على عقود الإيجار السارية ولو كانت مبرمة قبل العمل به.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "هدم المباني غير السكنية لإعادة البناء" اختصاص "الاختصاص الولائي". قرار إداري.
(2) المباني غير السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء. تحديدها على سبيل الحصر، م 51/ 1 ق 49 لسنة 1977. المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور. اعتبارها كذلك. منوط بما يصدره وزير الإسكان من قرارات.
3 - قرار وزير الإسكان رقم 16 لسنة 1984 بعدم سريان أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977 على المباني المؤجرة للمنظمات النقابية العمالية صدوره مستكملاً في ظاهره مقومات القرار الإداري وغير مشوب بعيب ينحدر به إلى العدم. أثره. عدم جواز تعرض جهة القضاء العادي له بالإلغاء أو التأويل أو وقف التنفيذ أو التعويض. انعقاد الاختصاص الولائي بذلك لجهة القضاء الإداري. علة ذلك.
1 - المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وأن الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً يخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية التامة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين وكان المراد بالقانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم لتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها وكانت أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتتابعة آمرة متعلقة بالنظام العام فتسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها.
2 - إذ كانت المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أجازت لمالك المبنى المؤجر كل وحداته لغير أغراض السكنى أن يقوم بهدمه وإعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقاً للشروط والأوضاع المبينة بها إلا أن المشرع لم يشأ أن يجعل حكم هذا النص على ما يسري على كل المباني غير السكنية. وإنما استثنى بعضها حرصاً على استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدم خدمات عامة للجمهور فنص في المادة 51/ 1 من هذا القانون على أنه "لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دوراً للتعليم...... وغيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد والأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد موافقة الوزير المختص فإن مفاد ذلك أن المشرع حدد على سبيل الحصر المباني السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء، وبالنسبة للمنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور فقد فوض المشرع وزير الإسكان في إصدار القرارات اللازمة لتحديد ما يدخل في نطاق تلك المنشآت بناء على طلب الوزير المختص، ومن ثم فإن المعول عليه في تحديد هذه المباني هو ما يصدره وزير الإسكان من قرارات.
3 - إذ كان الواقع في الدعوى أن وزير الإسكان أصدر القرار رقم 16 لسنة 1984 ونص في مادته الأولى على أنه لا تسري أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه على المباني المؤجرة للمنظمات النقابية العمالية وصدر هذا القرار مستكملاً في ظاهره مقومات القرار الإداري غير المشوب بعيباً يجرده من هذه الصفة الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم مما لا يجوز معه لجهة القضاء العادي التعرض له في أحكامها صراحة أو ضمناً بالإلغاء أو التأويل أو وقف التنفيذ أو التعويض عن الأضرار الناشئة عنه لدخول ذلك في الاختصاص الولائي لجهة القضاء الإداري دون غيرها عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 651 لسنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم وطلبت الحكم بإخلائهم من الفيلا المبينة بالأوراق والمؤجرة إلى المطعون عليها الأولى بموجب العقد المؤرخ 1/ 11/ 1960 والتسليم وذلك لهدمها وإعادة بنائها وزيادة مسطحات ووحدات المبنى، وبتاريخ 23/ 1/ 1985 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1941 سنة 102 ق فحكمت بتاريخ 25/ 12/ 1985 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذا أقام قضاءه برفض الدعوى على سريان أحكام القرار الوزاري رقم 96 سنة 1984 الصادر من وزير الإسكان والتعمير في 9/ 4/ 1984 بإدراج مقار النقابات العمالية ضمن المباني المؤجرة التي لا تسري عليها أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977 على الواقعة محل النزاع حال أن هذا القرار صدر بعد انتهاء المدة التي حددها له المشرع لإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه متجاوزاً نطاق التفويض الممنوح له وأنه بفرض صحته فإنه لا يجوز إعمال حكمه بأثر رجعي على الوقائع التي نشأت وتكونت قبل صدوره وأقيمت بشأنها دعاوى أمام القضاء قبل العمل به.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف أثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وأن الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين وكان المراد بالقانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم فتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها، وكانت أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام فتسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على عقد الإيجار حتى لو كانت مبرمة قبل العمل بها. وإذ كانت المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أجازت لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكنى أن يقوم بهدمه وإعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقاً للشروط والأوضاع المبينة بها إلا أن المشرع لم يشأ أن يجعل حكم هذا النص عاماً يسري على كل المباني غير السكنية وإنما استثنى بعضها حرصاً على استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدم خدمات عامة للجمهور فنص في المادة 51/ 1 من هذا القانون على أنه لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دوراً للتعليم...... وغيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور والتي يصدر بتجديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد موافقة الوزير المختص فإن مفاد ذلك أن المشرع حدد على سبيل الحصر المباني السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء، وبالنسبة للمنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور فقد فوض المشرع وزير الإسكان في إصدار القرارات اللازمة لتحديد ما يدخل في نطاق تلك المنشآت بناء على طلب الوزير المختص. ومن ثم فإن المعول عليه في تحديد هذه المباني هو ما يصدره وزير الإسكان من قرارات. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن وزير الإسكان أصدر القرار رقم 96 سنة 1984 ونص في مادته الأولى على أن لا تسري أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون رقم 49 سنة 1977 المشار إليه على المباني المؤجرة للمنظمات النقابية العمالية وصدر هذا القرار مستكملاً في ظاهره مقومات القرار الإداري غير المشوب بعيب يجرده من هذه الصفة الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم - مما لا يجوز معه لجهة القضاء العادي التعرض له في أحكامها صراحة أو ضمناً بالإلغاء أو التأويل أو وقف التنفيذ أو التعويض عن الأضرار الناشئة عنه لدخول ذلك في الاختصاص الولائي لجهة القضاء الإداري دون غيرها عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 وكان ذلك القرار قد أدرك الدعوى قبل أن يصدر حكم نهائي في موضوعها فإنه يتعين إنزال حكمه على واقعة النزاع إعمالاً للأثر المباشر له - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.