أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 96

جلسة 9 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة، صلاح محمود عويس، محمد رشاد مبروك والسيد خلف.

(188)
الطعن رقم 1668 لسنة 55 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن". "السبب المتعلق بالنظام العام". اختصاص "الاختصاص القيمي". نظام عام.
الدفع بعدم الاختصاص القيمي. تعلقه بالنظام العام. اختلاطه بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2، 3) دعوى "الصفة في الدعوى".
(2) تمثيل الدولة في التقاضي. الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته.
(3) جهاز تصفية الحراسات إدارة تابعة لوزير المالية لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية وزير المالية هو صاحب الصفة في تمثيل هذا الجهاز. علة ذلك.
(4) إيجار "إيجار الأماكن". "عقد الإيجار". نقض "أسباب الطعن". "السبب غير المنتج".
إقامة المطعون ضده دعواه بطلب فسخ عقد الإيجار لانقضاء مدة العقد ولإخلال الطاعنة بالتزامها بعدم إقامة بناء على الأرض المؤجرة قضاء الحكم المطعون فيه بالفسخ لتحقق السبب الأول. تعييبه فيما استطرد إليه تزيداً من تقريرات تتعلق بالسبب الثاني. أياً كان وجه الرأي فيه. غير منتج.
(5) إيجار "إيجار الأماكن". "التزامات المستأجر". محكمة الموضوع. "مسائل الواقع".
حق المؤجر في طلب إزالة المباني التي يقيمها المستأجر دون علمه في العين المؤجرة. م 592 مدني. استخلاص علم المؤجرة من عدمه، من سلطة محكمة الموضوع. متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
1 - إذا كانت ما تثيره الطاعنة في سبب النعي أن قيمة الدعوى في طلب الفسخ تقدر بقيمة أجرة المدة الباقية من العقد وهي المدة المحددة لدفع الأجرة التي تدخل في حدود الاختصاص القيمي لمحكمة المواد الجزئية - على الرغم من تعلقه بالنظام العام عملاً بالمادة 101 من قانون المرافعات. مختلط بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو تحقيق مدة عقد الإيجار السارية ومداها وتقدير المقابل النقدي عنها فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - تمثيل الدولة في التقاضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو نوع من النيابة القانونية عنها، وهي نيابة المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها المسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي يضعها القانون.
3 - مفاد المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 1216 لسنة 1972 بإلغاء الجهاز الإداري للحراسات العامة وقرار وزير الخزانة رقم 346 لسنة 1972 تنفيذاً للقانونين رقمي 52، 53 لسنة 1972 بشأن تصفية الحراسات المفروضة طبقاً للقانون رقم 150 لسنة 1964 والقرار الجمهوري المشار إليه، والمادة السادسة من القانون رقم 69 لسنة 1964 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أن المشرع ألغى الجهاز الإداري للحراسات العامة ونقل اختصاصاته إلى وزارة الخزانة التي ناط بها تصفية أعمال الحراسة فأنشأ وزير الخزانة جهاز تصفية الحراسات يتبعه مباشرة حدد اختصاصه بكافة الأعمال المتعلقة بتصفية الأموال التي يعهد بها إلى وزارة الخزانة التي حلت محلها وزارة المالية بعد سريان القانون الأخير، وكان مؤدى ذلك أن الجهاز المشار إليه يعتبر بمثابة إدارة تابعة لوزير المالية لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية. ومن ثم يكون وزير المالية هو الممثل القانوني لذلك الجهاز ويكون التنبيه الموجه منه بصفته إلى الطاعنة صادراً من ذي صفة.
4 - إذ كان الثابت في الدعوى أنها أقيمت بطلب فسخ عقد الإيجار محل النزاع لسببين أولهما انقضاء مدة العقد وثانيهما إخلال الطاعنة بالتزامها بعدم إقامة بناء على الأرض المؤجرة دون إذن المؤجر وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بفسخ العقد على تحقق السبب الأول المشار إليه وكانت أسباب ذلك الحكم التي أيدها الحكم المطعون فيه وأقام قضاؤها عليها ولم تكن محل نعي من الطاعنة - كافية لحمل ما انتهى إليه قضاؤها في هذا الخصوص، فإن تعييب الحكم المطعون فيه فيما استطرد إليه تزايداً من تقريرات تتعلق بالسبب الثاني بطلب الفسخ - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
5 - مفاد نص المادة 592 من القانون المدني أن المشرع خول المؤجر الحق في طلب إزالة البناء الذي يقيمه المستأجر في العين المؤجرة دون علمه أو رغم معارضته وأن استخلاص علم المؤجر أو معارضته من عدمه مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض ما دامت أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته أقام الدعوى رقم 6857 لسنة 81 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 8/ 7/ 1972 وإلزامها بإزالة المباني المقامة على العين المؤجرة والتسليم. وقال بياناً لذلك إنه بموجب ذلك العقد استأجرت الطاعنة الأرض الفضاء المبينة بصحيفة الدعوى لاستعمالها مخزناً لمدة شهر تبدأ من 1/ 7/ 1972 وتجدد العقد لمدد متعاقبة، وإذ رغب في عدم تجديده بعد انتهاء مدته الأخيرة في 31/ 10/ 1981 فقد أنذر الطاعنة برغبته هذه في 12/ 10/ 1981، وإذ أقامت مبان على تلك الأرض غير مصرح لها بإقامتها فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 12/ 1983 أجابت المحكمة المطعون عليه إلى طلباته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 139 لسنة 40 ق مدني لدى محكمة استئناف الإسكندرية التي حكمت بتاريخ 27/ 3/ 1985 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن قيمة الدعوى في طلب الفسخ تقدر بقيمة أجرة المدة الباقية من العقد وهي المدة المحددة لدفع الأجرة التي تدخل في حدود الاختصاص القيمي لمحكمة المواد الجزئية وإذ كان هذا الاختصاص متعلقاً بالنظام فإنه يحق لها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان ما تثيره الطاعنة في سبب النعي - على الرغم من تعلقه بالنظام العام عملاً بالمادة 109 من قانون المرافعات - مختلط بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو تحقيق مدة عقد الإيجار السارية ومداها وتقدير المقابل النقدي عنها، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الابتدائي إذ اعتد في قضائه بانتهاء العقد محل النزاع لانتهاء مدته، بالتنبيه الموجه إليها بتاريخ 12/ 10/ 1981 من وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات رغم أنه موجه من غير ذي صفه، غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن التنبيه المشار إليه غير لازم طالما أن الدعوى مقامة بطلب فسخ العقد لإخلال الطاعنة بالتزامها بالامتناع عن البناء على الأرض المؤجرة بموجبه، حالة أن ذلك العقد خلا من النص على هذا الالتزام.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تمثيل الدولة في التقاضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو نوع من النيابة القانونية عنها، وهي نيابة المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها المسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي يضعها القانون. وكان مفاد المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 1216 لسنة 1972 بإلغاء الجهاز الإداري للحراسات العامة وقرار وزير الخزانة رقم 346 لسنة 72 تنفيذاً للقانونين رقمي 52، 53 لسنة 72 بشأن تصفية الحراسات المفروضة طبقاً للقانون رقم 150 لسنة 1964 والقرار الجمهوري المشار إليه، والمادة السادسة من القانون رقم 69 لسنة 1964 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، أن المشرع ألغى الجهاز الإداري للحراسات العامة ونقل اختصاصاته إلى وزارة الخزانة التي ناط بها تصفية أعمال الحراسة، فأنشأ وزير الخزانة جهاز تصفية الحراسات يتبعه مباشرة حدد اختصاصه بكافة الأعمال المتعلقة بتصفية الأموال التي يعهد بها إلى وزارة الخزانة التي حلت محلها وزارة المالية بعد سريان القانون الأخير. وكان مؤدى ذلك أن الجهاز المشار إليه يعتبر بمثابة إدارة تابعة لوزير المالية لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية. ومن ثم يكون وزير المالية هو الممثل القانوني لذلك الجهاز ويكون التنبيه الموجه منه بصفته إلى الطاعنة صادراً من ذي صفة. وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه البطلان ويكون ما استطرد إليه من أن التنبيه المشار إليه باعتباره إعذاراً غير لازم في الدعوى الماثلة باعتبار أن طلب فسخ العقد مؤسس على إخلال الطاعنة بالتزامها بالامتناع عن البناء على الأرض المؤجرة لها - أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج إذ أنه استطراد زائد عن حاجة الدعوى وتستقيم الحكم بدونه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار محل النزاع على سند من أنها خالفت شروط العقد بأن أحدثت تغييراً مادياً في العين المؤجرة بإقامة مبان عليها بغير إذن المؤجر دون أن يتناول مدى تحقق ضرر للمؤجر من جراء هذا التغيير وهو مناط القضاء بفسخ العقد وفق نص المادة 58 من القانون المدني. كما أن المباني التي أقامت تدخل في حدود الغرض من استئجار العين وتنفيذاً للتصريح الثابت بالعقد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت في الدعوى أنها أقيمت بطلب فسخ عقد الإيجار محل النزاع لسببين أولهما انقضاء مدة العقد وثانيهما إخلال الطاعنة التزامها بعدم إقامة بناء على الأرض المؤجرة دون إذن المؤجر. وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بفسخ العقد على تحقق السبب الأول المشار إليه وكانت أسباب ذلك الحكم التي أيدها الحكم المطعون فيه وأقام قضاءه عليها - ولم تكن محل نعي من الطاعنة - كافية لحمل ما انتهى إليه
قضاؤها في هذا الخصوص، فإن تعييب الحكم المطعون فيه فيما استطرد إليه تزيداً من تقريرات تتعلق بالسبب الثاني لطلب الفسخ - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بإزالة المباني التي أقامتها على الأرض المؤجرة على أنها أقيمت بدون علم ورضاء المطعون عليه - المؤجر - ورغم معارضته، في حين أن الثابت بالعقد أنه مصرح لها بإقامة هذه المباني كما أن التنبيه الذي تضمن الاعتراض على إقامة المباني لا يعتد به لصدوره من غير ذي صفة، وإذ لم ينص العقد على مصير تلك المباني بعد انتهاء مدته فإنه يمتنع على المؤجر طلب إزالتها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 592 من القانون المدني، أن المشرع خول المؤجر الحق في طلب إزالة البناء الذي يقيمه المستأجر في العين المؤجرة دون علم أو رغم عنه. وكان استخلاص علم المؤجر أو معارضته من عدمه مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض ما دامت أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية - خلصت إلى انتفاء علم المطعون عليه - المؤجر - بإقامة الطاعنان على الأرض المؤجرة لها استناداً على عدم إثبات العلم وثبوت معارضة المطعون عليه في إقامة المباني من الإنذار الذي وجه إلى الطاعنة بتاريخ 12/ 10/ 1981 - الموجه من ذي صفة - حسبما سلف البيان في الرد على السبب الثاني - وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضائها في هذا الصدد، فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.