أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 105

جلسة 9 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف نائب رئيس المحكمة، أحمد أبو الحجاج، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.

(189)
الطعن رقم 2541 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "أقوال الشهود". محكمة الموضوع.
تقدير أقوال الشهود. منوط بمحكمة الموضوع. سلطتها في الأخذ بمعنى الشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً. حسبها بيان الحقيقة التي اقتنعت بها. عدم التزامها بتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم والرد استقلالاً على ما يثيرونه خلافاً لها.
(2) نقض. حكم. التماس إعادة النظر.
الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. الطعن فيه بطريق النقض. شرطه. صدوره من المحكمة وهي مدركة حقيقة الطلبات وأنها تقضي بما لم يطلبه الخصوم. عدم إدراكها ذلك. سبيل الطعن عليه هو التماس إعادة النظر.
(3) إثبات "إجراءات الإثبات". "شهادة الشهود". محكمة الموضوع.
تخلف الخصم عن إحضار شاهده أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى. جزاؤه. سقوط حقه في الاستشهاد به ولو كان أجل التحقيق ما زال ممتداً. علة ذلك. م 76 إثبات.
(4) صورية. صلح. حكم "حجية الحكم". بيع. وصية.
العقد الصوري. لا وجود له قانوناً ولو كان مسجلاً. مؤداه. لكل دائن تجاهله رغم تسجيله ولو كان دينه لاحقاً له. تصديق المحكمة على عقد الصلح. لا يعد قضاءً له حجية الشيء المحكوم فيه. البيع الذي سبق أن تحرر بشأنه عقد صلح صدقت عليه المحكمة. القضاء بإلغائه لأنه في حقيقته وصية. لا خطأ.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود منوط بمحكمة الموضوع فلها أن تأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها دون التزام عليها بتتبع الخصم في كافة مناحي دفاعه بشأنها والرد استقلالاً على ما يثيره خلافاً لها.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض لا يقبل في حالة الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه إلا إذا كانت المحكمة قد بينت في حكمها المطعون فيه وجهة نظرها فيما قضت به وأظهرت فيه أنها حكمت بما حكمت به مدركة حقيقة ما قدم لها من الطلبات وعلمت أنها بقضائها هذا المطعون فيه أنها تقضي بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه ومع ذلك أصرت على القضاء سببه إياه في هذا الصدد. أما إذا لم يبد من الحكم أنه يقصد تجاوز طلبات الخصوم المطعون عليهم وأنه يحكم لهم بأكثر مما طلبوه فإن سبيل الطعن عليه يكون بالتماس إعادة النظر.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى النص في الفقرة الأولى من المادة 76 من قانون الإثبات 25 لسنة 1968 أنه إذا لم يحضر الخصم شاهده أو يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق إحضاره أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى ما دام أجل التحقيق ممتداً لم ينقض فإذا لم يفعل سقط الحق في الاستشهاد به وهو جزاء بتقرير بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق أو بقاءه ممتداً.
4 - العقد الصوري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا وجود له قانوناً سجل أو لم يسجل وأن لكل دائن أن يتجاهله رغم تسجيله ولو كان دينه لاحقاً له كما أن القاضي وهو يصدق على عقد الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تكون قاصرة على إثبات ما حصل أمامه في اتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطى شكل الأحكام عند إثباته. لما كان ذلك فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا قضى بصورية العقود المسجلة ولم يعول على الحكم الصادر في الدعوى رقم...... مدني طوخ لما ثبت للمحكمة التي أصدرته بما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى من أنها في حقيقتها وصية ويضحى النعي عليه بهذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1325 لسنة 1982 مدني كلي بنها على الطاعنين بطلب الحكم بتثبيت ملكيته لمساحة إحدى عشر قيراطاً وسبعة ونصف سهماً أطياناً زراعية وكذلك نصف المنزلين الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعتهما له فيها والتسليم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ خمسمائة جنيه قيمة نصيبه في ريع الأطيان الزراعية سالفة البيان على سند من أيلولتها إليه ميراثاً عن والدته والطاعنتان المرحومة........ وإذ استأثرت الأخيرتان بجميع أعيان التركة ولم تدفعا له ريع الأطيان الزراعية ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف 316 لسنة 17 ق استئناف طنطا "مأمورية بنها" ودفع بصورية عقود البيع المسجلة وغير المسجلة الصادرة من المورثة للطاعنتين صورية مطلقة - أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لأقوال شهود المطعون ضده قضت بتاريخ 2/ 4/ 1988 بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية المطعون ضده لنصف الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى والتسليم وبإلزام الطاعنتين بأن تدفعا له نصيبه في ريع الأرض المبينة بالصحيفة بواقع 200 جنيه سنوياً للفدان من تاريخ وفاة المورثة 14/ 1/ 1981 حتى تاريخ الحكم. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنتان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم المطعون فيه إذ عول في قضائه على أقوال شاهدي المطعون ضده مع أنها شهادة سماعية واقتصرت في مضمونها على الأطيان الزراعية دون باقي عقارات التركة التي أثبتها الخبير المنتدب في تقريره فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود منوط بمحكمة الموضوع فلها أن تأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها دون التزام عليها بتتبع الخصم في كافة مناحي دفاعه بشأنها والرد استقلالاً على ما يثيره خلافاً لها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في الدعوى على ما استخلصه واطمئن إليه من أقوال شاهدي المطعون بصدد النزاع المطروح والتي خلص فيها إلى صورية التصرفات الصادرة من المورثة للطاعنتين وأنها تنطوي في حقيقتها على وصية وليس بيعاً منجزاً وكان ذلك بأسباب سائغة فإن ما يثيره الطاعنتان لا يعدو أن تكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده بمبلغ مائتي جنيه سنوياً كريع للأطيان الزراعية من تاريخ وفاة المورثة في 1/ 5/ 1981 حتى تاريخ صدوره مع أن طلباته قد اقتصرت على مبلغ خمسمائة جنيه في نصيبه في ريع الأطيان الزراعية فإنه يكون قد قضى بأكثر مما طلبه الخصوم بما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض لا يقبل في حالة الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه إلا إذا كانت المحكمة قد بينت في حكمها المطعون فيه وجهة نظرها فيما قضت به وأظهرت فيه أنها حكمت بما حكمت به مدركة حقيقة ما قدم لها من الطلبات وعلمت أنها بقضائها هذا المطعون فيه أنها تقضي بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه ومع ذلك أصرت على القضاء مسببة إياه في هذا الصدد. أما إذا لم يبد من الحكم أنه يقصد تجاوز طلبات المطعون عليهم وأنه يحكم لهم بأكثر مما طلبوه فإن سبيل الطعن عليه يكون بالتماس إعادة النظر. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه ولئن تجاوز في قضائه بالريع ما طلبه المطعون ضده دون إشارة إلى علم المحكمة التي أصدرته يكون هذا تجاوزاً لما طلبه وإصراراً منها على ذلك فإن النعي عليه بهذا السبب يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقولان إن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذ أهدرت دفاعهما القائم على طلب إعادة الدعوى إلى التحقيق بعد أن أعادتها للمرافعة إثر سماع شهود المطعون ضده وقضت بإبطال تصرفات المورثة رغم شهرها استناداً إلى أقوال شاهديه مع مغايرة التواريخ الثابتة بأوراق الدعوى لتواريخها الثابتة بالمستندات الرسمية ولم تعني ببحث هذا الدفاع الجوهري والذي كان من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى النص في الفقرة الأولى من المادة 76 من قانون الإثبات 35 لسنة 1968 على أنه إذا لم يحضر الخصم شاهده أو يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق إحضاره أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى ما دام أجل التحقيق ممتداً لم ينقض وإذا لم يفعل سقط الحق في الاستشهاد به وهو جزاء يتقرر بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق أو بقاءه ممتداً. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنتين قد استأجلتا التحقيق لإحضار شهودهما وأجابتها المحكمة إلى هذا الطلب وحددت له جلسة 13/ 12/ 1986 وتخلفتا فيها عن الحضور ومن ثم يكون حقهما في الاستشهاد بهم قد سقط ولا على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إن لم تجيبها إلى طلب إصدار حكم تحقيق آخر في هذا الشأن كما أنه لا عليها إذا لم تعول على المطاعن الموجهة إلى شهود المطعون ضده إذ أن في أخذها بهذه الشهادة ما يفيد اقتناعها بها في تكوين عقيدتها ولا عليها إن لم تتبع الخصوم في شتى مناحي دفاعهم ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقولان إن ملكيتهما لأطيان وعقارات النزاع ثابتة لهما بمقتضى عقود مشهرة وأحكام حائزة لقوة الأمر المقضي في الدعوى رقم 283 لسنة 77 مدني طوخ أقرت فيها المورثة بتصرفها فيها لهما مقابل ما قبضته من ثمن وانتهت صلحاً على هذا الأساس ولم يطعن على هذا الحكم وإذ بنى الحكم المطعون فيه قضاءه على أقوال شاهدي المطعون ضده فإنه يكون قد خالف حجية ذلك الحكم وما تضمنته تلك المستندات بما يعيبه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان العقد الصوري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا وجود له قانوناً سجل أو لم يسجل وأن لكل دائن أن يتجاهله رغم تسجيله ولو كان دينه لاحقاً له كما أن القاضي وهو يصدق على عقد الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تكون قاصرة على إثبات ما حصل أمامه في اتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطى شكل الأحكام عند إثباته لما كان ذلك فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ قضى بصورية العقود المسجلة ولم يعول على الحكم الصادر في الدعوى 283 لسنة 1977 مدني طوخ لما ثبت للمحكمة التي أصدرته بما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى من أنها في حقيقتها وصية ويضحى النعي عليه بهذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.