أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 352

جلسة 3 من مارس سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجى ومجدي الجندي وحسين الشافعي وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة.

(51)
الطعن رقم 6499 لسنة 62 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد محل إقامة الطاعن محدداًَ أو عدم ذكر مهنته في محضر الاستدلالات. غير قادح في جدية ما تضمنه من تحر.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم صدور إذن بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوزها ويحرزها مع شخصه وبسيارته. مفهومه. صدوره لضبط جريمة تحقيق وقوعها لا ضبط جريمة مستقبلة.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار. واقعة مادية استخلاصها. موضوعي.
- مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار في المخدر.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي استفادة الرد عليه ضمناً من القضاء بالإدانة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بدس المخدر". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بدس المخدر. لا يستلزم رداً صريحاً.
(6) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز وحيازة المخدر. العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(7) حكم "حجية الأحكام". مواد مخدرة. مصادرة.
لا يعيب الحكم بيان منطوقة لفحوى المضبوطات التي قضي بمصادرتها. متى بينها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها.
الأصل ألا ترد حجية الأحكام. إلا على المنطوق. امتداد هذه الحجية إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به.
(8) عقوبة "العقوبة التكميلية". مصادرة. مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات. ماهيتها؟
عقوبة المصادرة المقرر بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. نطاقها؟
تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة. موضوعي.
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق، وكان عدم إيراد محل إقامة الطاعن محدداً أو عدم ذكر مهنته في محضر الاستدلال - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
(2) لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الضابط..... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوزها ويحرزها مع شخصه وبسيارته مستخدماً السيارة في ترويجها، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس.
3 - إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله: "وحيث إنه عن القصد من الإحراز والحيازة للمواد المخدرة مع شخص وبسيارة المتهم التي يملكها ويستخدمها في ترويج وتوزيع المواد المخدرة وأن ذلك القصد هو قصد الاتجار إذ ثبت من الأوراق استعمال المتهم السيارة الملاكي رقم........ دمياط وضبط معه طربة حشيش وبالسيارة ثلاث طرب من مخدر الحشيش، ومبلغ تسعة آلاف جنيه وأن كبر وزن المخدرات المضبوطة بلغت 852 جراماً مما يقنع المحكمة من كل تلك الظروف توافر قصد الاتجار لدى المتهم في المواد المخدرة وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر وحيازته كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يكون سديداً.
4 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها ما دام الرد مستفاداً - ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
5 - لما كان دفاع المتهم باحتمال دس المخدر عليه إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند.
6 - القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدر، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن سكت في منطوقة عن بيان فحوى المضبوطات التي قضي بمصادرتها عن الجريمة التي قضى بإدانته عنها إلا أنه بينها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه وهو بيان كاف لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قواماً إلا به.
8 - المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة جبراً عن صاحبها وبغير مقابل..... وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك ، وقد تكون المصادرة وجوبيه يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا محيص عن اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القرار بالقانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، على أن ".... يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 251 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات - ووسائل النقل بالمضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكابها" يدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، تلك الأدوات ووسائل النقل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة بهذا المعنى أم لا إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأن حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ 1 - بند أ، 42/ 1 - 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق والمعدل مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات جميعها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي سبقته مدللاً على ذلك بأن مستصدر الإذن لم يحدد بمحضره محل إقامة الطاعن ومهنته، إلا أن المحكمة رفضت الدفع بما لا يؤدى إليه، فضلاً عن بطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة، يضاف إلى ذلك أن ما ساقه الحكم للتدليل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن لا يكفي في إثبات هذا القصد، والتفت عن دفاعه القائم على احتمال دس المخدر المضبوط بسيارته، ودانه على الرغم من عدم انبساط سلطانه عليه ولم يعن باستظهار ركن العلم لديه، كما قضى الحكم بمصادرة المضبوطات جميعها دون بيان ماهيتها وبغير مبرر على الرغم من خلو أسبابه مما يشير إلى استخدام السيارة التي قضي بمصادرتها - في ارتكاب الجريمة ومع أن النقود المضبوطة لا تعد حيازتها جريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في لها أصل ثابت بالأوراق، وكان عدم أيراد محل إقامة الطاعن محدداً أو عدم ذكر مهنته في محضر الاستدلال - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الضابط...... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوزها ويحرزها مع شخصه وبسيارته مستخدماً السيارة في ترويجها، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتمله، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس، هذا فضلاً عن أن الحكم رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة بما يبرر إطراحه. لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله: "وحيث إنه عن القصد من الإحراز والحيازة للمواد المخدرة مع شخص وبسيارة المتهم التي يملكها ويستخدمها في ترويج وتوزيع المواد المخدرة وأن ذلك القصد هو قصد الاتجار إذ ثبت من الأوراق استعمال المتهم السيارة الملاكي رقم..... وضبط معه طربة حشيش وبالسيارة ثلاث طرب من مخدر الحشيش، ومبلغ تسعة آلاف جنيه وأن كبر وزن المخدرات المضبوطة بلغت 852 جراماً مما يقنع المحكمة من كل تلك الظروف توافر قصد الاتجار لدى المتهم في المواد المخدرة" وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر وحيازته كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها ما دام الرد مستفاداً - ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان دفاع المتهم باحتمال دس المخدر عليه إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدر، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن سكت في منطوقة عن بيان فحوى المضبوطات التي قضي بمصادرتها عن الجريمة التي قضى بإدانته عنها إلا أنه بينها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه وهو بيان كاف لما هو مقرر في القانون من أنه وأن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قواماً إلا به، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حدد ماهية المضبوطات التي قضى بمصادرتها - خلافاً لما يقول به الطاعن - وأورد في أسبابه أنه ثبت من الأوراق استعمال المتهم سيارته في ترويج المخدرات وأنه عثر معه على ثلاث وأربعين جنيهاً وطربه حشيش كما ضبط بالسيارة كيس يحوي ثلاثة طرب لمخدر الحشيش ومبلغ 9000 تسعة آلاف جنيه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه دان الطعن وعاقبه بالمواد 1، 2، 7، 34 بند أ، 42/ 1، 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق والمعدل لحيازته وإحرازه جوهراً مخدراً بقصد الاتجار وأمر بمصادرة المضبوطات جميعها، لما كان ذلك، وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة جبراً عن صاحبها وبغير مقابل.... وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك،
وقد تكون المصادرة وجوبيه يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا محيص عن اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القرار بالقانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، على أن "... يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 251 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات - ووسائل النقل بالمضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكابها"، يدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، تلك الأدوات ووسائل النقل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة بهذا المعنى أم لا إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع. فإن المحكمة إذ قضت بمصادرة المضبوطات جميعها ورشحت مدونات حكمها أن السيارة استخدمت كي يستزيد الجاني من إمكاناته لتنفيذ الجريمة وأن النقود المضبوطة متحصلة من الجريمة فإن مفاد ذلك ولازمه أنها رأت أن للسيارة وللنقود المضبوطة دوراً وشأنا في ارتكاب الجريمة، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .