أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 370

جلسة 7 من مارس سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.

(54)
الطعن رقم 6704 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
الطعن بالنقض. عمل إجرائي. يشترط لرفعه إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي ارتآه القانون.
المقرر بالطعن. عليه إثبات إيداع أسباب الطعن قلم الكتاب خلال الميعاد. عدم تقديم ما يدل على ذلك. أثره. الالتفات عن مذكرة أسبابه.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تجزئة أقوال الشاهد. حق لمحكمة الموضوع.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(4) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي.
عدم استلزام المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960. قصداً خاصاً في الحيازة.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(7) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام".
حجم كمية المخدر المضبوط. لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة من إحرازه.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها. غير جائز أمام النقض.
(8) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا مصلحة للطاعن في تعييب الحكم بصدد استبعاد قصد الاتجار عن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود التي دانه بها. علة ذلك؟
(9) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم إلى وجود اتهامات سابقة للطاعن في مجال المخدرات. كقرينة معززة ومؤدية لما ارتكز إليه من أدلة أخرى. لا يعيبه.
تزيد الحكم. فيما لا أثر له في منطقه ولا في نتيجته. لا يؤثر في سلامته.
مثال.
(10) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي حول واقعة الدعوى ومناقشة أدلة الثبوت ومبلغ اقتناع المحكمة بها. غير جائز أمام النقض.
(11) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها. غير مقبول.
1 - الأصل أن الطعن بطريق النقض هو عمل إجرائي لم يشترط القانون لرفعه سوى إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي ارتآه القانون وهو التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المراد الطعن عليه في خلال الميعاد الذي حدده وتقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في هذا الميعاد وهما يكونان معا وحدة إجرائية لا يغني فيها أحدهما عن الآخر. ولما كان الأصل أنه على من قرر بالطعن (بالنقض) أن يثبت إيداع أسباب طعنه قلم الكتاب في خلال الميعاد الذي حدده القانون وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً. ولما كانت أسباب بالطعن المقدمة من المحامي..... لا تحمل تاريخ إيداعها قلم الكتاب، ولم يقدم الطاعن الإيصال الدال على حصول هذا الإيداع في الميعاد الذي حدده المشرع، ومن ثم فإن الطاعن إذ لم يقدم ما يدل على سبيل القطع بتقديم الأسباب سالفة البيان في الميعاد القانوني، فإنه يتعين الالتفات عنها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى.
3 - من المقرر أن تناقض أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
5 - من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة وإحراز الجوهرين المخدرين المضبوطين بركنيهما المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه واعتبره مجرد حائز ومحرز لهذين المخدرين، ودانه بموجب المادة 38 من القانون بادي الذكر التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة أو الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام، وهو علم الحائز أو المحرز بماهية الجوهر المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه.
6 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة لدعوى وأورد أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول كما هي قائمة في الأوراق، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار بما ينفي قيام التناقض، وكان ما أورده الحكم من ذلك لا ينال مما استقر في وجدان المحكمة من نفي قصد الاتجار عنه.
7 - إن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة من إحرازها، وكان ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر مجردة من القصود - التي دين الطاعن بها - عقوبتها أخف من عقوبة جريمة الحيازة أو الإحراز مع توافر قصد الاتجار، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في تعييب الحكم بصدد استبعاد قصد الاتجار عن الجريمة المسندة إليه، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول.
9 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن من اتهامات سابقة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من القضاياً التي سبق اتهام الطاعن فيها دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة قبله، هذا فضلاً عن أن ما أضافه الحكم كقرينة على سلوك الطاعن الإجرامي، مما قاله أنه ليس بعيداً عن حقل المخدرات، لا تعلق له بجوهر الأسباب التي اعتمد عليها في قضائه بإدانته ولا يعدو أن يكون تزيداً منه لا يؤثر في سلامته طالما أنه لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها.
10 - لما كان باقي ما يثيره الطاعن بشأن عدم ثبوت الواقعة وعدم ملكيته للمنزل وأن حيازته شائعة مع زوجته وإمكان دس المخدر عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول واقعة الدعوى ومناقشة أدلة الثبوت ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيش وأفيون) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات....... قضت حضورياً في 29 من أبريل سنة 1991 عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالبندين رقمي 9، 57 من الجدول الأول والملحق به والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبته بالسجن لمدة عشر سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المضبوطات باعتبار الحيازة والإحراز مجردين من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 29 من إبريل سنة 1991 فقرر المحكوم عليه - من السجن - بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 22 من مايو سنة 1991 وأودعت الأسباب التي بني عليها الطعن بتاريخ 2 من يونيو سنة 1991 موقعة من الأستاذ........ المحامي المقيد لدى محكمة النقض برقم تتابع 121، ومن ثم فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر له في القانون إلا أنه أرفق بملف الطعن تقرير آخر بأسباب الطعن موقع عليه من المحامي...... وهو غير مؤرخ ولا يحمل ما يدل على إثبات تاريخ إيداعه في السجل المعد لهذا الغرض في قلم الكتاب، كما أنه تأشر على الملف الوارد من النيابة الكلية المختصة بتاريخ 11 من أبريل سنة 1992 أن مفرداته تحوي مذكرة أسباب واحدة مؤرخة 2 من يونيو سنة 1991. لما كان ذلك. وكان الأصل أن الطعن بطريق النقض هو عمل إجرائي لم يشترط القانون لرفعه سوى إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي ارتآه القانون وهو التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المراد الطعن عليه في خلال الميعاد الذي حدده وتقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في هذا الميعاد وهما يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني فيها أحدهما عن الآخر. ولما كان الأصل أنه على من قرر بالطعن (بالنقض) أن يثبت إيداع أسباب طعنه قلم الكتاب في خلال الميعاد الذي حدده القانون وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً، ولما كانت أسباب الطعن المقدمة من المحامي........ لا تحتمل تاريخ إيداعها قلم الكتاب، ولم يقدم الطاعن الإيصال الدال على حصول هذا الإيداع في الميعاد الذي حدده المشرع، ومن ثم فإن الطاعن إذ لم يقدم ما يدل على سبيل القطع بتقديم الأسباب سالفة البيان في الميعاد القانوني، فإنه يتعين الالتفات عنها.
وحيث إن الطاعن ينعى في مذكرة أسباب بالطعن الأولى - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض وانطوى على الخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أطرح أقوال الشاهد الثاني العقيد........ ما يتعارض مع أقوال الشاهد الأول المقدم........، وعول على أقوال هذين الشاهدين رغم تناقضها بشأن وجود فواصل وقواطع وأغنام بفناء منزل الطاعن، ورد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً، كما أن ما أورده من تحريات وأقوال الشاهد الأول بشأنها وإقرار الطاعن بأنه يحرز الجواهر المخدرة بقصد الاتجار وحجم الكمية المضبوطة، كل ذلك يؤدى إلى توافر قصد الاتجار في حق الطاعن على عكس النتيجة التي خلص إليها الحكم، هذا إلى أنه أفصح عن أسباب الإدانة عن أن الطاعن ليس بعيداً عن حقل المخدرات لسبق اتهامه في عدد من القضايا رغم عدم ثبوتها في حقه وصدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها وهي دلائل مؤداها القانوني براءته منها وانتفاء الاتهام عنه، كما أنه أورد بأقوال الشاهد الثاني ثبوت إحراز الطاعن للجوهر الذي ضبط بملابسه وإقراره للشاهد الأول بالإحراز والاتجار حال أن أقواله اقتصرت على واقعة ضبط الجوهر المخدر بفناء مسكن الطاعن وأنه نفى مشاهدة ضبط ثمة مواد مخدرة بملابسة أو سماعه إقراره بالإحراز والاتجار. وفضلاً عن ذلك فإن الواقعة غير ثابتة في حق الطاعن لعدم ملكيته المنزل ولشيوع حيازته مع زوجته وإمكان دس المخدر وهو ما كان يقتضي من المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى. فإن ما يثيره الطاعن بأن إغفال المحكمة أقوال الشاهد الثاني التي تتعارض مع أقوال الشاهد الأول لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تناقض أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة - مما يكون معه هذا الوجه من النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أيضاً أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة وإحراز الجوهرين المخدرين المضبوطين بركنيهما المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه واعتبره مجرد حائز ومحرز لهذين المخدرين، ودانه بموجب المادة 38 من القانون بادي الذكر التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة أو الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام، وهو علم الحائز أو المحرز بماهية الجوهر المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه. وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول كما هي قائمة في الأوراق، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار بما ينفى قيام التناقض، وكان ما أورده الحكم من ذلك لا ينال مما استقر في وجدان المحكمة من نفي قصد الاتجار عنه. هذا إلى إن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة من إحرازها، وكان ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر مجردة من القصود - التي دين الطاعن بها - عقوبتها أخف من عقوبة جريمة الحيازة أو الإحراز مع توافر قصد الاتجار، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في تعييب الحكم بصدد استبعاد قصد الاتجار عن الجريمة المسندة إليه، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن من اتهامات سابقة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على ذلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من القضايا التي سبق اتهام الطاعن فيها دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة قبله، هذا فضلاً عن أن ما أضافه الحكم كقرينة على سلوك الطاعن الإجرامي، مما قاله أنه ليس بعيداً عن حقل المخدرات، لا تعلق له بجوهر الأسباب التي اعتمد عليها في قضائه بإدانته ولا يعدو أن يكون تزيداً منه لا يؤثر في سلامته طالما أنه لا أثر له في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه حصل أقوال الشاهد الأول المقدم..... بشأن التحريات وضبطه الطاعن محرزاً لجوهر الأفيون المخدر بملابسه وإقراره له بإحرازه له بقصد الاتجار واستعانته بالشاهد الثاني العقيد...... مدير إدارة الكلاب البوليسية بأكاديمية الشرطة، لإطلاق الكلاب التي استحضرها معه والمدربة على كشف مواقع إخفاء المواد المخدرة، وذلك لتفتيش حديقة وفناء منزل الطاعن وقد أسفر هذا التفتيش عن العثور على جوهر الحشيش المخدر المضبوط مدفوناً في الأرض. وعند إيراد الحكم مضمون أقوال الشاهد الثاني قال "وشهد العقيد...... في تحقيقات النيابة وأمام المحكمة بمضمون ما أشهده عليه ضابط المخدرات، وأكد على أن مأموريته كانت منحصرة في عملية الإشراف على العمل الذي قام بتنفيذه الكلاب البوليسية وأن جل اهتمامه كان منصباً على هذه المهمة فقط بكل إجراءاتها وترتيباتها وبالتالي فلم يتابع باهتمام الإجراءات التي باشرها ضابط المخدرات." فإن النعي على الحكم بخطئه في الإسناد فيما نقله من أقوال الشاهد الثاني العقيد..... يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن بشأن عدم ثبوت الواقعة وعدم ملكيته للمنزل وأن حيازته شائعة مع زوجته وإمكان دس المخدر عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول واقعة الدعوى ومناقشة أدلة الثبوت ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود .  لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا ً.