أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 176

جلسة 23 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة ومحمد إسماعيل غزالي.

(202)
الطعن رقم 1333 لسنة 54 القضائية

(1) نقض. نظام عام.
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. جواز إثارتها من النيابة أو محكمة النقض من تلقاء نفسها أو من الخصوم متى كانت واردة على الشق المطعون عليه من الحكم وكانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "احتجاز أكثر من مسكن" نظام عام.
حظر احتجاز الشخص أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتضى. م 8/ 1/ ق 49 لسنة 1977. انصراف لفظ البلد إلى المدينة أو القرية وفقاً للجداول المرفقة بالقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960. وجوب التحرز في تطبيق هذا الحظر باعتباره أمراً متعلقاً بالنظام العام.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للنيابة كما يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها أو الخصوم إثارة المسائل المتعلقة بالنظام العام متى كانت واردة على الشق المطعون عليه من الحكم، وكانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع ولو لم يسبق التمسك بها أمامها.
2 - النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن لفظ البلد الذي لا يجوز للشخص احتجاز أكثر من مسكن فيه إنما ينصرف إلى المدينة أو القرية وفقاً للبيان الوارد بالجدول المرافق للقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960 والصادر نفاذاً للمادة الأولى من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - وهو ما يتأدى إلى أن البلد الواحد لا يعدو أن يكون مدينة واحدة أو قرية واحدة اعتباراً بأن كل وحدة منها لها كيانها المستقل عن الوحدات الأخرى المجاورة لها وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي، يؤكد هذا النظر أنه بالرجوع إلى مضبطة مجلس الأمة في جلسته المعقودة بتاريخ 13 يوليو سنة 1969 وعند مناقشة نص المادة الخامسة من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 بشأن تحديد نطاق الاحتجاز اقترح أحد أعضاء المجلس اعتبار القاهرة الكبرى بلداً واحداً ليسر الانتقال بين القاهرة والجيزة وبين شبرا وشبرا الخيمة فلم يوافق المجلس على هذا الاقتراح واكتفى بإثباته في مضبطة الجلسة، وهو ما لا يحمل على معنى الموافقة على الاقتراح المذكور أو اعتباره تفسيراً وإذ فرض المشرع جزاء جنائياً على مخالفة ما استنه من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض فإنه يتعين التحرز في تحديد نطاق تطبيق هذا الحظر واعتباره أمراً متعلقاً بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 1631 لسنة 1982 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء شقة النزاع وتسليمها إليه خالية، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 4/ 1972 استأجر منه الطاعن شقة بالعقار رقم 10 شارع صدقي عبد اللطيف بمنيل الروضة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة وذلك لاستعمالها سكناً خاصاً له, وإذ تملك شقة أخرى بمدينة مبعوثي جامعة القاهرة بحي بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة فإنه يكون قد احتجز أكثر من مسكن بالمخالفة لنص المادة الثامنة من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977، وبتاريخ 14/ 12/ 1982 حكمت المحكمة بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها إلى المطعون ضده خالية، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 459 لسنة 100 ق القاهرة وبتاريخ 28/ 4/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز للنيابة كما يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها أو الخصوم إثارة المسائل المتعلقة بالنظام العام متى كانت واردة على الشق المطعون عليه من الحكم، وكانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع ولو لم يسبق التمسك بها أمامها، لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن لفظ البلد الذي لا يجوز للشخص احتجاز أكثر من مسكن فيه إنما ينصرف إلى المدينة أو القرية وفقاً للبيان الوارد بالجدول المرافق للقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960 والصادر نفاذاً للمادة الأولى من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - وهو ما يتأدى إلى أن البلد الواحد لا يعدو أن يكون مدينة واحدة أو قرية واحدة اعتباراً بأن كل وحدة منها لها كيانها المستقل عن الوحدات الأخرى المجاورة لها وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي، يؤكد هذا النظر أنه بالرجوع إلى مضبطة مجلس الأمة في جلسته المعقودة بتاريخ 13 من يوليو سنة 1969 وعند مناقشة نص المادة الخامسة من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 بشأن تحديد نطاق الاحتجاز اقترح أحد أعضاء المجلس اعتبار القاهرة الكبرى بلداً واحداً ليسر الانتقال بين القاهرة والجيزة وبين شبرا وشبرا الخيمة فلم يوافق المجلس على هذا الاقتراح واكتفى بإثباته في مضبطة الجلسة، وهو ما لا يحمل على معنى الموافقة على الاقتراح المذكور أو اعتباره تفسيراً للنص وإذ فرض المشرع جزاء جنائياً على مخالفة ما استنه من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضى فإنه يتعين التحرز في تحديد نطاق تطبيق هذا الحظر واعتباره أمراً متعلقاً بالنظام العام، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق - وما لا خلاف عليه بين طرفي الخصومة - أن المسكن محل النزاع يقع في مدينة القاهرة ويقع المسكن الآخر الذي يمتلكه الطاعن في مدينة الجيزة وهما عاصمتان لمحافظتين مختلفتين تستقل كل مدينة منهما عن الأخرى حسب التقسيم الوارد بالقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960 فإن الطاعن لا يكون قد خالف الحظر الوارد في نص المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ هو لم يحتجز أكثر من مسكن في بلداً واحد، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه باحتجاز الطاعن للمسكن الأخر الواقع بمدينة الجيزة وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بإخلاء الشقة المؤجرة له - محل النزاع - على سند من أن المسكنين يقعان في مدينة واحدة وأن مقتضى احتجازهما غير متوافرة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في مسألة متعلقة بالنظام العام رغم توفر جميع العناصر التي تتيح له الإلمام بها ولما كانت أسباب الطعن متعلقة بهذا الشق من الحكم وكانت النيابة قد أثارت تلك المسألة إعمالاً للتفسير الصحيح للنص المشار إليه فإنه يتعين نقض الحكم لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.