أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 202

جلسة 27 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي، عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة، محمود رضا الخضيري وإبراهيم الطويله.

(207)
الطعن رقم 1804 لسنة 58 القضائية

التزام "الوفاء". وكالة "الوكالة في الخصومة".
العرض الحقيقي الذي يتبعه الإيداع. ماهيته - الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين. شرطه. أن تتوافر فيه شروط الوفاء المبرئ للذمة ومنها عرض المبلغ على صاحب الصفة في استيفاء الحق. قبول العرض. من التصرفات القانونية التي لا يجوز للمحامي مباشرتها إلا بتفويض في عقد الوكالة.
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العرض الحقيقي الذي يتبعه الإيداع هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين ومن ثم يتعين أن تتوافر فيه الشروط المقررة في الوفاء المبرئ للذمة ومنها أن يتم العرض على صاحب الصفة في استيفاء الحق، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم عرضوا بتاريخ 24/ 7/ 1985 - مبلغ 250 جنيه على محامي الطاعنين كما عرضوا بتاريخ 15/ 11/ 1987 مبلغ 1170 جنيه إلا أنه رفض استلام المبلغين على سند من أنه غير مفوض من الطاعنين في قبض المبلغ المعروض، وإذا كان قبول العرض يعتبر من التصرفات القانونية التي لا يجوز مباشرتها إلا إذا كان مفوضاً فيها في عقد الوكالة وكان الثابت من سند وكالة محامي الطاعن الأول أنه خلا من تفوض في قبول العرض كما خلت الأوراق من ثمة ما يفيد وكالته أصلاً عن باقي الطاعنين فإن هذا العرض يكون قد تم على غير ذي صفة في استيفاء الحق ومن ثم فإن الإيداع الحاصل من المطعون عليهم لا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة ولا يرتب أثراً، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإيداع المبني على إجراءات عرض غير قانونية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين ومورثهم المرحومة وأخرى أقاموا الدعوى رقم 2415 سنة 1983 مدني كلي المنيا الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بفسخ العقد المتضمن ببيع الأخيرتين ومورثة الطاعنين لهم أطياناً مساحتها 7، 11، 4 والتسليم، وقالوا بياناً لذلك إن مورث الطاعنين وباقي المدعين باعوا للمطعون عليهم هذه الأطيان لقاء ثمن مقداره 450 جنيه للفدان وقد أوفى المشترون بجزء من الثمن وامتنعوا عن سداد الباقي رغم إنذارهم فأقاموا الدعوى. بتاريخ 9/ 6/ 1984 حكمت المحكمة بفسخ عقد البيع والتسليم. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" بالاستئناف رقم 250 سنة 20 ق، وبتاريخ 23/ 2/ 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم اعتد بإيداع المطعون عليهم لباقي الثمن خزانة المحكمة بتاريخ 24/ 7/ 1985، 15/ 11/ 1987 على ذمة الطاعنين تأسيساً على أن هذين المبلغين عرضا على محاميهم ورتب على ذلك قضاءه برفض طلب الفسخ في حين أن هذا المحامي غير مفوض في قبول العرض وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العرض الحقيقي الذي يتبعه الإيداع هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين ومن ثم يتعين أن تتوافر فيه الشروط المقررة في الوفاء المبرئ للذمة ومنها أن كان يتم العرض على صاحب الصفة في استيفاء الحق، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم عرضوا بتاريخ 24/ 7/ 1985 - مبلغ 250 جنيه على محامي الطاعنين كما عرضوا عليه بتاريخ 15/ 11/ 1987 مبلغ 1170 جنيه إلا أنه رفض استلام المبلغين على سند من أنه غير مفوض من الطاعنين في قبض المبلغ المعروض وإذ كان قبول العرض يعتبر من التصرفات القانونية التي لا يجوز للمحامي مباشرتها إلا إذا كان مفوضاً فيها في عقد الوكالة وكان الثابت من سند وكالة محامي الطاعن الأول أنه خلو من تفويض قبول العرض كما خلت الأوراق من ثمة ما يفيد وكالته أصلاً عن باقي الطاعنين فإن هذا العرض يكون قد تم على غير ذي صفة في استيفاء الحق ومن ثم فإن الإيداع حاصل من المطعون عليهم لا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة ولا يرتب أثراً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإيداع المبني على إجراءات عرض غير قانونية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.