أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 247

جلسة 31 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(216)
الطعن رقم 117 لسنة 58 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي" نظام عام. دفوع. نقض.
الدفع بعدم الاختصاص الولائي. اعتباره مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يدفع به أمامها. تعلقه بالنظام العام. عدم سقوط الحق في إبدائه والتمسك به ولو تنازل عنه الخصوم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
(2 - 3) استيلاء. تعويض. اختصاص. حكم. نظام عام. قرار إداري. مسئولية. "المسئولية التقصيرية".
(2) الاستيلاء على العقارات اللازمة لأداء رسالة وزارة التربية والتعليم. شرطه. تعويض ذوي الشأن. تقدير التعويض من اختصاص اللجان الإدارية التي يصدر وزير التموين قرارات إنشائها وفقاً للأسس المبينة بها. الطعن في تقدير التعويض أمام المحكمة الابتدائية المختصة بإجراءات خاصة والحكم الذي يصدر فيها انتهائي. المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 336 لسنة 1956 بفقرتيها والمواد 44، 47، 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
(3) - تخويل الاختصاص للمحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان تقدير التعويض - وهي قرارات إدارية. استثناء من قاعدة اختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية. وجوب قصر هذا الاستثناء في الحدود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص مقصورة على الطعون في القرارات المبينة في المادة 47 منه. عدم اختصاصها بنظر الدعاوى التي ترفع إليها ابتداء قبل أن تصدر لجنة التقدير المختصة قرارها فيه. علة ذلك. الاستثناء طلب التعويض عن الضرر الناجم عن التأخير في تشكيل لجان تقدير التعويض عن الاستيلاء أو في إصدار قراراتها تأسيساً على المسئولية التقصيرية.
1 - الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به ولو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
2 - مفاد نصوص المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 الخاص بتخويل وزارة التربية والتعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم المعدلة بالقانون رقم 336 لسنة 1956 بفقرتيها الأولى والثانية والمواد 44، 47، 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 مجتمعة أن المشرع رأى لاعتبارات تتعلق بالصالح العام أن يخول لرئيس الجمهورية سلطة إصدار قرارات بالاستيلاء على العقارات اللازمة لأداء رسالة وزارة التربية والتعليم واشترط لذلك أن يعوض ذوي الشأن عن هذا الاستيلاء وحدد الطريقة التي يتم بها تقدير هذا التعويض والجهة التي عهد إليها بتقديره، فخص بذلك اللجان الإدارية التي يصدر وزير التموين قرارات بإنشائها على أن يحصل التقدير وفقاً للأسس التي بينها هذا المرسوم بقانون ثم رسم الطريق الذي يتبع للطعن في تقدير التعويض إذا لم يرتضيه صاحب الشأن فنص على أن يكون هذا الطعن بطريق المعارضة في قرار لجنة التقدير أمام المحكمة الابتدائية المختصة وأوجب إتباع إجراءات خاصة للفصل في هذه المعارضة، كما نص على أن الحكم الذي يصدر فيها يكون انتهائياً غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن.
3 - إذ كانت قواعد تقدير التعويض والطعن فيه المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قواعد آمرة والاختصاص الوارد فيها متعلق بالنظام العام لا تجوز مخالفته وكان تخويل الاختصاص للمحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان التقدير - وهي قرارات إدارية - يعتبر استثناءً من الأصل الذي يقضي باختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية فإنه يجب قصر هذا الاستثناء في الحدود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وجعل ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص مقصورة على النظر فيما يرفع إليها من طعون في القرارات التي تصدرها لجان التقدير المبينة في المادة 47 من ذلك المرسوم بقانون، فلا تختص بنظر الدعاوى التي ترفع إليها لطلب تقدير هذا التعويض ابتداء وقبل أن تصدر اللجنة المختصة قرارها فيه، لأن القول بغير ذلك يترتب عليه تفويت الغرض الذي ابتغاه المشرع من وضع تلك الأحكام وفتح باب لتقدير التعويض بغير الطريق الذي رسمه والقواعد التي حددها المرسوم بقانون آنف الذكر مما يؤدي إلى إهدار أحكامه كل ذلك ما لم يكن التعويض مطلوباً عن الضرر الناشئ عن التأخر في تشكيل اللجان المختصة بتقدير التعويض عن الاستيلاء أو تأخيرها في إصدار قراراتها مما يجيز لذوي الشأن اللجوء إلى المحاكم في طلب هذا التعويض على أساس المسئولية التقصيرية بدعوى مبتدأه باعتبارها صاحبة الولاية العامة للفصل في كافة المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثني بنص خاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم 9077 لسنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا إليهم مبلغ 140875 جنيهاً، وقالوا بياناً لذلك إنه بتاريخ 20/ 12/ 1981 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 717 لسنة 1981 بالاستيلاء بالإيجار لصالح مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة على أرض ومباني العقار المملوك لهم المبين بصحيفة الدعوى والذي تشغله مدرسة النقراشي الإعدادية وأن وزارة التربية والتعليم ومحافظة القاهرة لم تؤديا إليهم التعويض المستحق لهم منذ ذلك التاريخ الذي تم فيه الاستيلاء على العقار حتى تاريخ 19/ 3/ 1983 طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين والذي يقدر بالمبلغ المطلوب مما حدا بهم إلى إقامة دعواهم ليحكم بطلباتهم. ندبت المحكمة خبيراً فقدم تقريره ثم عدل المطعون ضدهم طلباتهم الختامية في مذكرتهم المقدمة للمحكمة بجلسة 10/ 3/ 1986 بطلبهم مبلغ 94616.285 جنيهاً تعويضاً عن الاستيلاء في المدة من 20/ 12/ 1981 حتى 30/ 11/ 1985. وبتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1986 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا إلى المطعون ضدهم مبلغ 84550.750 جنيهاً. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10492 لسنة 103 قضائية، وبتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إن مفاد نصوص المواد 44، 47، 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين أن المشرع عهد بتقدير التعويض عن العقارات المستولى عليها مؤقتاً طبقاً لأحكامه إلى لجان إدارية يصدر وزير التموين قرارات بتشكيلها، وجعل الطعن في القرارات التي تصدرها هذه اللجان بتقدير التعويض بطريق المعارضة أمام المحكمة الابتدائية، وينبني على ذلك أن المحكمة الابتدائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعاوى المبتدأة بطلب التعويض عن الاستيلاء المؤقت وإنما تنحصر ولايتها في الفصل في الطعون بالمعارضة في القرارات التي تصدرها اللجان المختصة بتقدير التعويض طبقاً للنصوص آنفة البيان. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة والذي قضى للمطعون ضدهم بالتعويض عن الاستيلاء على عقار النزاع في الدعوى مبتدأه استناداً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 دون أن تكون لها ولاية الفصل فيها فإن يكون مخالفاً لقواعد الاختصاص الولائي مما يعيبه، ولما كانت هذه القواعد متعلقة بالنظام العام فإنه يجوز للطاعنين إثارة هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به ولو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذ لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 الخاص بتخويل وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم معدلة بالقانون رقم 336 لسنة 1956 قد أجازت في فقرتها الأولى لوزير التربية والتعليم إصدار قرارات الاستيلاء على أي عقار خال يراه لازماً لحاجة الوزارة أو الجامعات المصرية أو معاهد التعليم أو الهيئات التي تساهم في رسالة الوزارة، ونصت في فقرتها الثانية على أنه "ويتبع في هذا الشأن الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، وكان الحكم الوارد في هذه الفقرة الثانية قد بقى ساري المفعول بعد العمل بالقانون رقم 252 لسنة 1960 الذي ألغى ما ورد بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 آنفة البيان بشأن سلطة وزير التربية والتعليم في الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهدها بما نص عليه في مادته الثالثة من أن الاستيلاء على هذه العقارات يكون بقرار يصدر من رئيس الجمهورية. وإذ نصت المادة 44 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 على أنه "ينفذ الاستيلاء المنصوص عليه في المادة الأولى بند (5) بالاتفاق الودي فإن تعذر الاتفاق طلب أداؤه بطريق الجبر ولمن وقع عليهم طلب الأداء جبراً الحق في تعويض أو جزاء يحدد على الوجه الآتي... أما العقارات والمحال الصناعية والتجارية التي تشغلها الحكومة فلا يجوز أن يزيد التعويض على فائدة رأس المال المستثمر وفقاً للسعر العادي الجاري بالسوق مضافاً إليه مصاريف الصيانة والاستهلاك العادي للمباني والمنشآت.... ونصت المادة 47 منه على أنه تحدد الأثمان والتعويضات والجزاءات المشار إليها في المادة "44" بواسطة لجان تقدير يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير التموين......" كما نصت المادة 48 منه على أنه "تقدم المعارضة في قرارات لجان التقدير إلى المحكمة الابتدائية المختصة بناء على طلب ذوي الشأن خلال أسبوع من تاريخ إخطارهم بخطاب مسجل بتلك القرارات، ويجب على قلم كتاب هذه المحكمة أن يقدم العريضة في خلال 24 ساعة من تاريخ استلامها إلى رئيس الدائرة المختصة ويحدد الرئيس جلسة لنظر هذه المعارضة ويخطر قلم الكتاب الخصوم بالموعد بخطاب مسجل بعلم الوصول يرسله قبل موعد الجلسة بخمسة أيام على الأقل. وتحكم المحكمة على وجه الاستعجال ولا يجوز الطعن في حكمها بأي طريقة من طرق الطعن العادية أو غير العادية". فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع رأى لاعتبارات تتعلق بالصالح العام أن يخول لرئيس الجمهورية سلطة إصدار قرارات بالاستيلاء على العقارات اللازمة لأداء رسالة وزارة التربية والتعليم، واشترط لذلك أن يعوض ذوي الشأن عن هذا الاستيلاء، وحدد الطريقة التي يتم بها تقدير هذا التعويض والجهة التي عهد إليها بتقديره، فخص بذلك اللجان الإدارية التي يصدر وزير التموين قرارات بإنشائها على أن يحصل التقدير وفقاً للأسس التي بينها هذا المرسوم بقانون. ثم رسم الطريق الذي يتبع للطعن في تقدير التعويض إذا لم يرتضيه صاحب الشأن فنص على أن يكون هذا الطعن بطريق المعارضة في قرار لجنة التقدير أمام المحكمة الابتدائية المختصة وأوجب إتباع إجراءات خاصة للفصل في هذه المعارضة، كما نص على أن الحكم الذي يصدر فيها يكون انتهائياً غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن. ولما كانت القواعد المتقدمة الذكر المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قواعد آمرة والاختصاص الوارد فيها متعلق بالنظام العام ولا تجوز مخالفته وكان تخويل الاختصاص للمحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان التقدير - وهي قرارات إدارية - يعتبر استثناءً من الأصل الذي يقضي باختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية فإنه يجب قصر هذا الاستثناء في الحدود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وجعل ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص مقصورة على النظر فيما يرفع إليها من طعون في القرارات التي تصدرها لجان التقدير المبينة في المادة 47 من ذلك المرسوم بقانون، فلا تختص بنظر الدعاوى التي ترفع إليها بطلب تقدير هذا التعويض ابتداءً وقبل أن تصدر اللجنة المختصة قرارها فيه، لأن القول بغير ذلك يترتب عليه تفويت الغرض الذي ابتغاه المشرع من وضع تلك الأحكام وفتح باب التقدير للتعويض بغير الطريق الذي رسمه والقواعد التي حددها المرسوم بقانون آنف الذكر مما يؤدي إلى إهدار أحكامه. كل ذلك ما لم يكن التعويض مطلوباً عن الضرر الناشئ عن التأخر في تشكيل اللجان المختصة بتقدير التعويض عن الاستيلاء أو تأخيرها في إصدار قراراتها مما يجيز لذوي الشأن اللجوء إلى المحاكم في طلب هذا التعويض على أساس المسئولية التقصيرية بدعوى مبتدأه باعتبارها صاحبة الولاية العامة للفصل في كافة المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثني بنص خاص. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة الاستئناف قد خالف هذا النظر بتأييده الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية خارج حدود ولايتها بتقدير التعويض ابتداء للمطعون ضدهم عن الاستيلاء على عقار النزاع لصالح وزارة التربية والتعليم ومن قبل أن تصدر اللجنة المختصة قرارها بشأن وسلوك الطعن فيه بطريق المعارضة أمام المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإن الدعوى تكون مرفوعة بغير الطريق القانوني مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبولها.