أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 318

جلسة 19 من يونيه سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال حامد وأنور العاصي.

(227)
الطعن رقم 979 لسنة 55 القضائية

هبة "الرجوع في الهبة". عقد "فسخ العقد".
جواز اقتران الهبة بالتزام معين على الموهوب له. إخلاله بهذا الالتزام. أثره. للواهب المطالبة بفسخ العقد. علة ذلك. المادتان 486، 497 مدني.
مفاد المادتين 486، 497 من القانون المدني أنه يجوز للواهب أن يفرض على الموهوب له استخدام المال الموهوب في أغراض معينة فإذا أخل بهذا الالتزام جاز للواهب - تطبيقاً للقواعد العامة في العقود الملزمة للجانبين - المطالبة بفسخ العقد لأن الهبة بعوض - وأياً كان المقابل - عقد ملزم للجانبين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى 177 سنة 1980 مدني شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدها وانتهوا فيها إلى طلب الحكم - أصلياً - بفسخ عقد الهبة المؤرخ 26/ 5/ 1979 - واحتياطياً - ببطلان هذا العقد، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب عقد مسجل برقم 4799 لسنة 1979 القاهرة وهبوا المطعون ضدها - بصفتها الممثل القانوني لجمعية راهبات يسوع ومريم القبطيات - العقار المبين بالصحيفة لاستعماله في أغراض البر والخير للإنسانية وخاصة للمساكين والمحتاجين، ولما كانت الموهوب لها قد أخلت بهذا الالتزام وأساءت استعمال العقار، كما قام لديهم عذر يبيح لهم الرجوع في الهبة بعد أن أصبحوا غير قادرين على مواجهة نفقات المعيشة فقد أقاموا الدعوى بالطلبات السالفة، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 26/ 2/ 1983 برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف 3095 سنة 100 ق القاهرة، وبتاريخ 7/ 2/ 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنهم طلبوا في دعواهم - أصلياً - بفسخ عقد الهبة لإخلال المطعون ضدها بشروطه لأنها خصصت العقار الموهوب استراحة شتوية للراهبات في حين أنه من المتفق عليه بعقد الهبة أن يخصص لأغراض البر والخير للإنسانية وخاصة للمساكين والمحتاجين، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على مطلق القول بأن الهبة تمت لاستعمال العقار في الأغراض المشار إليها ورتب على ذلك قضاءه برفض طلب الرجوع في الهبة، وهو ما لا يصلح رداً على ذلك، فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 486 من القانون المدني على أن "الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في ماله دون عوض. ويجوز للواهب، دون أن يتجرد من نية التبرع، أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين" وفي المادة 497 على أن "يلتزم الموهوب له بأداء ما اشترط عليه من عوض سواء اشترط هذا العوض لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبي أو للمصلحة العامة". مفاده أنه يجوز للواهب أن يفرض على الموهوب له استخدام المال الموهوب في أغراض معينة، فإذا أخل بهذا الالتزام جاز للواهب - تطبيقاً للقواعد العامة في العقود الملزمة للجانبين - المطالبة بفسخ العقد لأن الهبة بعوض - وأياً كان المقابل - عقد ملزم للجانبين، لما كان ذلك وكان الثابت بالبند الثاني من عقد الهبة أن الطاعنين اشترطوا على الموهوب لها استعمال العقار الموهوب في الغرض المبين بوجه النعي، وقد تمسك الطاعنون في دفاعهم بإخلال الموهوب لها بهذا الالتزام وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بقوله..... "أن الثابت بالعقد أيضاً أن هذه الهبة قد تمت لاستعمال العقار الموهوب في أغراض البر والخير للإنسانية وخاصة للمساكين والمحتاجين ومن ثم فإن طلب الرجوع في الهبة يكون مرفوضاً" فإن مؤدى قضاء الحكم المطعون فيه على هذا النحو أنه أخطأ - فهم الواقع في الدعوى وخلط بين موانع الرجوع في الهبة وأحكام فسخ عقد الهبة لإخلال الموهوب له بالتزاماته الناشئة عن العقد، وقد حجبه هذا الفهم الخاطئ عن تمحيص ذلك الطلب والرد عليه، وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.