أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 366

جلسة 27 من يونيو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، شكري جمعه ومحمد إسماعيل غزالي.

(234)
الطعن رقم 438 لسنة 55 القضائية

(1) نقض "صحيفة الطعن: بيانات الصحيفة". "المصلحة في الطعن".
وجوب اشتمال صحيفة الطعن على أسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم. م 253 مرافعات مخالفة ذلك. أثره. بطلان الطعن. المنازعة بشأن حقيقة موطن المطعون ضده قاصرة على صاحب المصلحة فيه.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك".
حق المستأجر في بيع المتجر أو المصنع. م 594 مدني. تعلقه بالمصلحة العامة. شرط تقديم المشتري ضماناً كافياً. للمؤجر. عدم تعلقه بالنظام العام. لا يسوغ لمحكمة الموضوع أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافره.
1 - لئن كانت المادة 253 من قانون المرافعات قد أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على أسماء الخصوم وصفاتهم ومواطن عمل كل منهم وإلا كان الطعن باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، إلا أن إثارة المنازعة بشأن حقيقة موطن المطعون ضده الذي أثبته الطاعن بصحيفة الطعن قاصرة على صاحب المصلحة فيه، وليس لغيره من باقي الخصوم المطعون ضدهم التمسك بهذا البطلان ولو كانت الخصومة مما لا تقبل التجزئة.
2 - النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود شرط صريح في عقد الإيجار يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة الذكر، ومن بينها تقديم المشتري ضماناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزامه باعتباره خلفاً خاصاً للمستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة إلا أنه قد يكون المشتري أكثر ملاءة من المستأجر السابق فلا تكن هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق امتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل وأنه ولئن كانت الرخصة التي خولها التقنين المدني للمحكمة خروجاً على اتفاق المتعاقدين الصريح - بحظر التنازل عن الإيجار إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة، هي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد ولو كان ذلك على غير إرادة المؤجر - إلا أن شرط تقديم المشتري الضمان الكافي إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضماناً له في الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له فهو وشأنه في التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمناً أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة المشتري بالجدك أو عدم كفاية حق الامتياز المقرر له قانوناً باعتبار أن هذا وذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر والتي يملك التصرف فيها ولا شأن لها بالنظام العام، بحيث إذا أثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشتري لذلك الضمان الإضافي أو عدم كفايته أمام محكمة الموضوع فإنه يتعين عليها الفصل فيها، ولها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته، أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم في هذا الخصوص فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافر شرط تقديم المشتري للضمان الكافي للمؤجر هذا في حين أنه حق خاص به لم يطلب اقتضاءه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول أقام على الطاعن وباقي المطعون ضدهم وآخرين الدعوى رقم 8381 لسنة 1980 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء الدكان المبين بالصحيفة وتسليمه إليه، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 6/ 1950 استأجر مورث المطعون ضدهما الثاني والثالث هذا الدكان من المالك السابق للعقار لاستغلاله كمقهى وبار وإذ تبين له أنهما هاجرا إلى موطنهما الأصلي بيوجوسلافيا وتركا المحل فقد أقام الدعوى. تدخل الطاعن في الدعوى طالباً رفضها وإلزام المطعون ضده الأول - بنك القاهرة - بتحرير عقد إيجار له عن الدكان محل النزاع استناداً إلى أنه قام بشرائه بموجب عقد بيع بالجدك مؤرخ 10/ 10/ 1980 من ورثة المستأجر الأصلي وبتاريخ 21/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بإلزام البنك بتحرير عقد إيجار للطاعن عن الدكان محل النزاع ورفض دعوى البنك قبله، استأنف البنك "المطعون ضده الأول" هذا الحكم بالاستئناف رقم 1986 لسنة 99 ق القاهرة وبتاريخ 27/ 11/ 1983 قضت المحكمة بعدم قبول الادعاء بتزوير عقد بيع الجدك محل النزاع، وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت البنك المستأنف صورية هذا العقد وعدم توافر شروط البيع بالجدك، إلا أن إجراء التحقيق لم ينفذ بناء على رغبة الطرفين وطلبا الحكم في الدعوى بحالتها لعدم وجود شهود لديهم وبتاريخ 29/ 12/ 1984 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وآخر بإخلاء الدكان محل النزاع وتسليمه إلى البنك المطعون ضده الأول، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدم البنك مذكرة دفع فيها ببطلان صحيفة الطعن لخلوها من بيان الموطن الحقيقي للمطعون ضدهما الثاني والثالث وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من البنك المطعون ضده الأول ببطلان الطعن لخلو صحيفته من بيان الموطن الحقيقي للمطعون ضدهما الثاني والثالث فهو غير مقبول ذلك أنه ولئن كانت المادة 253 من قانون المرافعات قد أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على أسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم وإلا كان الطعن باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، إلا أن إثارة المنازعة بشأن حقيقة موطن المطعون ضده الذي أثبته الطاعن بصحيفة الطعن قاصرة على صاحب المصلحة فيه، وليس لغيره من باقي الخصوم المطعون ضدهم التمسك بهذا البطلان ولو كانت الخصومة مما لا تقبل التجزئة لما كان ذلك وكان الطاعن قد أثبت بصحيفة الطعن أن المطعون ضدهما الثاني والثالث ليس لهما محل معلوم داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها وأن آخر محل إقامة معروف لهما كان بشارع عدلي رقم 14 قسم عابدين، وكان البنك المطعون ضده الأول هو وحده الذي تمسك بما يدعيه من بطلان بالنسبة للمطعون ضدهما المذكورين فإنه - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن الطاعن مشتري الدكان بالجدك لم يقدم ضماناً كافياً للمؤجر إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني هذا في حين أن المؤجر لم يتمسك بهذا الشرط ولا يجوز للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً، ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمخبز أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود شرط صريح في عقد الإيجار يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة الذكر من بينها تقديم المشتري ضماناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته باعتباره خلفاً خاصاً للمستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة إلا أنه قد يكون المشتري أكثر ملاءة من المستأجر السابق فلا تكون هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق امتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل، وأنه ولئن كانت الرخصة التي خولها التقنين المدني للمحكمة خروجاً على اتفاق المتعاقدين الصريح - يحظر التنازل عن الإيجار - إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة، هي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد ولو كان ذلك على غير إرادة المؤجر إلا أن شرط تقديم المشتري الضمان الكافي إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضماناً له في الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له، فهو وشأنه في التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمناً أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة، المشتري بالجدك أو عدم كفاية حق الامتياز المقرر له قانوناً باعتبار أن هذا وذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر والتي يملك التصرف فيها ولا شأن لها بالنظام العام، بحيث إذا آثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشتري لذلك الضمان الإضافي أو عدم كفايته أمام محكمة الموضوع فإنه يتعين عليها الفصل فيها، ولها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته، أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم في هذا الخصوص فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافر شرط تقديم المشتري للضمان الكافي للمؤجر هذا في حين أنه حق خاص به لم يطلب اقتضاءه، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن البنك المطعون ضده لم يجادل أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في شأن تقديم الطاعن (مشتري الجدك) الضمان الكافي له إنما دارت المنازعة حول انتفاء شرط الضرورة الملجئة للبيع وصورية هذا التصرف التي فشل البنك في إثباتها وكان الحكم المطعون فيه وإن أيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من توافر صفة المتجر للدكان مشتري الطاعن وتحقق الضرورة الملجئة لبيعه له في 10/ 10/ 1980 من ورثة المستأجر الأصلي المطعون ضدهما الثاني والثالثة - لإقامتهما بالخارج، إلا أنه تصدى لبحث حق المؤجر في اقتضاء الضمان الكافي من المشتري مقرراً أنه لم يقدم له هذا الضمان سواء وقت البيع أو عند عرض النزاع على المحكمة، رغم أن أحداً من الخصوم لم يطرح هذه المسألة على بساط البحث أمامه ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب بالنسبة لما قضى به على الطاعن دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وللأسباب الصحيحة التي استند إليها الحكم الابتدائي من قيام الضرورة في بيع المتجر محل النزاع بالجدك إلى الطاعن بمقتضى العقد المؤرخ 10/ 10/ 1980 الصادر من ورثة المستأجر الأصلي ولما كان المؤجر لم يبد ثمة منازعة بشأن أحقيته في اقتضاء ضماناً كافياً من الطاعن "مشتري العين بالجدك" ولم يدع أن ثمة ضرر محقق قد لحقه من نتيجة هذا البيع، ومن ثم فإنه يتعين تأييد ما قضى به الحكم المستأنف بالنسبة للطاعن.