أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 484

جلسة 6 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبهيج حسن القصبجي نواب رئيس المحكمة.

(76)
الطعن رقم 12864 لسنة 60 القضائية

بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب. هو تعمد الكذب في التبليغ وإن يكون المبلغ عالماً يقيناً بكذب الوقائع المبلغ بها وأن المبلغ ضده برئ منها. وأنه أقدم على الإبلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن أبلغ عنه.
مثال لتسبيب معيب في جريمة بلاغ كاذب.
إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل ما ورد بصحيفة الإدعاء المباشر وبين المستندات المؤيدة لها، أورد بعض المبادئ القانونية في جريمة البلاغ الكاذب ثم خلص إلى توافر هذه الجريمة في حق الطاعنة بقوله. "الثابت من محضر الشرطة رقم 1430 لسنة 1989 إداري قسم الدقي إن وكيلة المتهمة قد أبلغت بأن المدعي دأب على إلقاء قاذورات أمام شقتها وحتى تاريخ إبلاغها، ثم انتقل محرر المحضر لمعاينة مكان البلاغ ولم يتبين وجود ثمة قاذورات وأن الطرقة التي تقع بها شقة المتهمة نظيفة.... وذلك في الوقت الذي كان متواجداً المدعي فيه بقسم شرطة الدقي على ذمة المحضر رقم 2053 لسنة 1989 جنح الدقي..... إذ أن إلقاء القاذورات أمر في حد ذاته يعاقب عليه القانون، كما أن المتهمة تعلم سلفاً قبل إبلاغها بكذب الواقعة وانتوت من إبلاغها الإضرار بالمدعي". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ، وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده بريء منها، كما أنه يلزم لصحة الحكم بكذب البلاغ أن يثبت للمحكمة بطريق الجزم توافر هذا العلم اليقيني، وأن المبلغ قد أقدم على البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ في حقه، وأن تستظهر ذلك في حكمها بدليل ينتجه عقلاً، ولما كان ما قاله الحكم من أنه لم يثبت من المعاينة وجود قاذورات، وإن المطعون ضده كان بقسم الشرطة إبان المعاينة لا يؤدي في العقل والمنطق إلى ثبوت علم الطاعنة بكذب البلاغ ولا يدل على أنها قصدت من التبليغ الكيد للمبلغ ضده والإضرار به. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور بما يبطله.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الدقي ضد الطاعنة بوصف أنها أبلغت كذباً وبسوء القصد بوقائع لو صحت في حقه لاستوجبت عقابه وطلب عقابها بالمادة 303 من قانون العقوبات وإلزامها بأن تدفع له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهمة مائة جنيه وإلزامها بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف كل من المحكوم عليها والمدعي بالحقوق المدنية ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وإلزام المتهمة بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة البلاغ الكاذب وألزمها بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يدلل على توافر أركان الجريمة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل ما ورد بصحيفة الإدعاء المباشر وبين المستندات المؤيدة لها، أورد بعض المبادئ القانونية في جريمة البلاغ الكاذب ثم خلص إلى توافر هذه الجريمة في حق الطاعنة بقوله. "الثابت من محضر الشرطة رقم 1403 لسنة 1989 إداري قسم الدقي إن وكيلة المتهمة قد أبلغت بأن المدعي دأب على إلقاء قاذورات أمام شقتها وحتى تاريخ إبلاغها، ثم انتقل محرر المحضر لمعاينة مكان البلاغ ولم يتبين وجود ثمة قاذورات وأن الطرقة التي تقع بها شقة المتهمة نظيفة..... وذلك في الوقت الذي كان متواجداً المدعي فيه بقسم شرطة الدقي على ذمة المحضر رقم 2053 لسنة 1989 جنح الدقي...... إذ أن إلقاء القاذورات أمر في حد ذاته يعاقب عليه القانون، كما أن المتهمة تعمل سلفاً قبل إبلاغها بكذب الواقعة وانتوت من إبلاغها الإضرار بالمدعي". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ، وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده بريء منها، كما أنه يلزم لصحة الحكم بكذب البلاغ أن يثبت للمحكمة بطريق الجزم توافر هذا لعلم اليقيني، وأن المبلغ قد أقدم على البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ في حقه، وأن تستظهر ذلك في حكمها بدليل ينتجه عقلاً، ولما كان ما قاله الحكم من أنه لم يثبت من المعاينة وجود قاذورات، وإن المطعون ضده كان بقسم الشرطة إبان المعاينة لا يؤدى في العقل والمنطق إلى ثبوت علم الطاعنة بكذب البلاغ ولا يدل على أنها قصدت من التبليغ الكيد للمبلغ ضده والإضرار به. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة للنظر في الوجه الآخر من الطعن، مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.