أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 5

جلسة 10 من يوليه سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل محمد فريد قورة نائب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين/ حسن عبد الرحيم عبد اللاه عميره وفتحي عبد القادر خليفة ومحمد صلاح الدين البرجى وطلعت عبد الحميد خليل الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال البنا والسيد صلاح عطية عبد الصمد ومجدي حسين منتصر ومحمود عبد الباري حمودة وعبد اللطيف علي عمر أبو النيل ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة.

(هيئة عامة)
الطعن رقم 9098 لسنة 64 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "القانون الأصلح" "سريانه من حيث الزمان".
قاعدة شرعية الجريمة والعقاب. مقتضاها؟
صدور قانون أصلح للمتهم بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً بما يوجبه من اتباعه دون غيره. استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق. علة ذلك؟
(2) جريمة "أركانها". شيك بدون رصيد. قانون "تطبيقه" "سريانه من حيث الزمان".
استحداث المشرع بقانون التجارة الجديد قواعد شكلية وموضوعية تنظم الشيك كورقة تجارية. لم يقصد أن ينفي عن الشيكات التي صدرت قبل العمل بأحكامه هذه الصفة. اعتداده بها متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد السارية وقت إصدارها. أساس ذلك: الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار.
اعتبار الورقة شيكاً طبقاً للقانون الساري قبل نفاذ نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك. في قانون التجارة الجديد. إعطاؤه دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب. فعلاً مجرماً.
نصوص المواد 473، 474، 475 من قانون التجارة الجديد التي تحدد شكل الشيك وبياناته. لا تعد قانوناً أصلح للمتهم. أساس ذلك؟
(3) شيك بدون رصيد. قانون "تطبيقه" "القانون الأصلح" "سريانه من حيث الزمان". عقوبة "تطبيقها". غرامة. دعوى جنائية "انقضاؤها بالصلح".
إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات لا يكون إلا من تاريخ نفاذ نص المادة 534 من قانون التجارة. علة ذلك وأساسه؟
القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه. مؤدى ذلك: وجوب تطبيق المادة 337 من قانون العقوبات حتى زوال القوة الملزمة عنها، إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع عقوبة الغرامة وانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح. أساس ذلك؟
(4) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
خلو الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة التي دان الطاعن بها وإطلاق القول بثبوت التهمة في حقه دون إيراد الدليل على ذلك. قصور.
1 - من المقرر أن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه. وهذا هو ما قننته الفقرة الأولي من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها وما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" إنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع العلة التي دعت إلى تقريره، لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه.
2 - لما كان يبين من سياق ما استحدثه قانون التجارة الجديد في شأن الشيك أن المشرع حين وضع قواعد شكلية وموضوعية محكمة لهذه الورقة التجارية لم يقصد أن ينفي عن الشيكات التي صدرت قبل العمل بأحكامه هذه الصفة لمجرد مخالفتها للقواعد التي استحدثها، بل اعتد بتلك الشيكات متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد القانونية السارية وقت إصدارها، وعمد إلى تأكيد سلامتها وصحتها، فقد نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار على أنه "تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره، إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001"، ومن ثم فإنه متى اعتبرت الورقة شيكاً طبقاً للقانون الساري قبل نفاذ نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد - طبقاً لما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار - فإن إعطاءه دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب يشكل فعلاً مجرماً، ولا مجال بالتالي لاعتبار ما نصت عليه المواد 473 و474 و475 من قانون التجارة الجديد في شأن تحديد شكل الشيك وبياناته من قبيل القانون الأصلح للمتهم، إذ يكتمل حكمها بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة المار ذكرها.
3 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة الأولي من مواد إصدار قانون التجارة تنص على أن "يلغى نص المادة 337 من قانون العقوبات، التي تنص على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000"، كما نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد الإصدار على أن "يعمل بالأحكام الخاصة بالشيك - بما في ذلك المادة 534 من قانون التجارة والتي نصت على ذات الجريمة - اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000". ومفاد ذلك أن إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات لا يكون إلا في تاريخ نفاذ نص المادة 534 المار ذكرها، حتى يتواصل تجريم إعطاء شيك لا يقابله رصيد، فلا يفصل بين نفاذ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات ونفاذ تطبيق المادة 534 من قانون التجارة فترة زمنية. إذ أن المشرع لو ألغى نص المادة 337 من قانون العقوبات في أول أكتوبر سنة 1999 - تاريخ نفاذ باقي نصوص قانون التجارة - لأصبح إعطاء شيك لا يقابله رصيد فعلاً مباحاً منذ هذا التاريخ وحتى تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة في أول أكتوبر سنة 2000 مع ما يترتب على هذا من إباحة الفعل بأثر رجعي إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، وهو ما قصد المشرع تجنبه حين جعل تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة هو ذات تاريخ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات، ومن ثم لم يكن في قصد الشارع البتة المصادرة على تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم في شأن العقاب وآية ذلك أنه يبين من مراجعة الأعمال التحضيرية لقانون التجارة الجديد أن مشروع القانون كان يتضمن النص في المادة الأولى من مواد الإصدار على أن "يغلى قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883... ويلغى نص المادة 337 من قانون العقوبات وكذلك كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون"، أما المادة الرابعة فقد كانت تنص على العمل بهذا القانون بعد سنة من اليوم التالي لتاريخ نشره، ثم رئي - بناء على اقتراح الحكومة - تنظيم أحكام الفترة الانتقالية بين صدور القانون الجديد وبين العمل به بإفساح الأجل حتى أول أكتوبر سنة 1999 عدا النصوص المتعلقة بالشيك فيؤجل العمل بها حتى أول أكتوبر سنة 2000 وبالضرورة إرجاء إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات حتى تاريخ العمل بهذه النصوص الأخيرة كي يتواصل تجريم إعطاء شيك بدون رصيد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره، فإن المادة 337 من قانون العقوبات تكون واجبة التطبيق على الوقائع التي تحدث حتى زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع عقوبة الغرامة على الجاني خلافاً لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس وكذلك فيما نصت عليه من انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بحسبان أن كلا الأمرين ينشئ مركزاً قانونياً أصلح للمتهم. ومن ثم تعد في هذا الصدد قانوناً أصلح للمتهم تطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
4 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الواقعة التي دان الطاعن بها وأطلق القول بثبوت التهمة في حق الطاعن دون أن يورد الدليل على ذلك فإنه يكون قاصر البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أصدر شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع عمله بذلك وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح دسوق قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... وبجلستي........، ......... نظرت المحكمة الطعن معقودة في هيئة "غرفة مشورة" وقررت التأجيل لجلسة الأول من يوليو سنة 1999 وإذ رأت أنه جدير بالنظر فقد أحالته للمرافعة في الجلسة العلنية بذات التاريخ وفيها أحالته إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية بالمحكمة للفصل فيه.


الهيئة

من حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وقضى غيابياً بحبسه شهراً ثم قضى باعتبار معارضته في هذا الحكم كأن لم تكن، فاستأنف وقضى غيابياً بقبول استئنافه شكلاً ورفضه موضوعاً، وإذ عارض قضى بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وإذ رأت الدائرة الجنائية التي نظرت الطعن العدول عن المبدأ القانوني الذي قرره حكم سابق من أن الحماية الجنائية انحسرت عن الشيكات التي لا يتوافر لها الشكل المنصوص عليه في المواد 473، 474، 475 من قانون التجارة الجديد الصادر في 17 من مايو سنة 1999 بالقانون رقم 17 لسنة 1999 منذ صدوره وذلك بحسبانه أصلح للمتهم. فقد أحالت الطعن الماثل للهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه عملاً بالمادة الرابعة من قانون السلطة القضائية.
ومن حيث إنه على أثر صدور قانون التجارة المشار إليه صدرت أحكام عدة عن بعض الدوائر الجنائية بهذه المحكمة كان لكل منها منحى في مدى اعتبار نصوص هذا القانون أصلح للمتهم في شأن العقوبة عن تلك المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات مما أدى إلى تضاربها على نحو يوجب على الهيئة العامة حسمه. وهو ما يتسع له سبب إحالة الطعن إليها. فقد ذهب الحكم الصادر في الطعن رقم 7360 لسنة 63 القضائية إلى أن المادة 475 من قانون التجارة الجديد نزعت صفة الشيك عن الصك المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه. وبذلك يكون القانون الجديد قد أخرج فعل إعطاء مثل هذا الصك - بدون رصيد - من دائرة التجريم ومن ثم فهو أصلح للمتهم من القانون الذي كان يجرم هذا الفعل، وأن ما تضمنه نص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون المشار إليه من اعتداد بهذا الصك، ومثله من الصكوك التي لم تستوف الشروط المنصوص عليها بالمادة 473 من قانون التجارة الجديد لا يصح أن يعطل تطبيق قاعدة سريان القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي إذ أنها ترتكز على دعامة دستورية لا يملك المشرع العادي مخالفتها. بينما ذهب حكم آخر صدر في الطعن رقم 3305 لسنة 64 القضائية إلى أن قاعدة القانون الأصلح هذه هي من وضع المشرع العادي وله أن يرسم حدود تطبيقها أو أن يعطله لمصلحة يقدرها، وأن نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة الجديد، وقد جعل لسريان المادة 337 من قانون العقوبات مدى من الزمان ممتداً حتى أول أكتوبر سنة 2000، فقد عطل بذلك تطبيق قاعدة القانون الأصلح على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد بحيث تنطبق المادة 337 المشار إليها سواء في التجريم أو العقوبة في حين بنيت أحكام أخرى على أن القانون الجديد وإن أبقى على التجريم إلا أنه في شأن العقوبة عن الجريمة المشار إليه أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً أصلح عما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات، حين أجاز الحكم على مرتكبها بعقوبة الغرامة وحدها بعد أن كان معاقباً عليها بالحبس وجوباً، كما رتب على الصلح بين المجني عليه والمتهم انقضاء الدعوى الجنائية مما يتعين معه تطبيق أحكامه في هذا الصدد إعمالاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
وحيث إنه من المقرر أن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه. وهذا هو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها" وما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" إنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع العلة التي دعت إلى تقريره، لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه. لما كان ذلك، وكان يبين من سياق ما استحدثه قانون التجارة الجديد في شأن الشيك أن المشرع حين وضع قواعد شكلية وموضوعية مُحكمة لهذه الورقة التجارية لم يقصد أن ينفي عن الشيكات التي صدرت قبل العمل بأحكامه هذه الصفة لمجرد مخالفتها للقواعد التي استحدثها، بل اعتد بتلك الشيكات متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد القانونية السارية وقت إصدارها، وعمد إلى تأكيد سلامتها وصحتها، فقد نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار على أنه "تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره، إذ كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001" ومن ثم فإنه متى اعتبرت الورقة شيكاً طبقاً للقانون الساري قبل نفاذ نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد - وذلك طبقاً لما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار فإن إعطاءه دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب يشكل فعلاً مجرماً، ولا مجال بالتالي لاعتبار ما نصت عليه المواد 473، 474، 475 من قانون التجارة الجديد في شأن تحديد شكل الشيك وبياناته من قبيل القانون الأصلح للمتهم، إذ يكتمل حكمها بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة المار ذكرها. لما كان ما تقدم، فإن الهيئة العامة تنتهي - بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية - إلى العدول عن المبدأ الذي قرره الحكم الصادر في الطعن رقم 7360 لسنة 63 القضائية.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الأولي من مواد إصدار قانون التجارة تنص على أن "يلغى نص المادة 337 من قانون العقوبات التي تنص على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000" كما نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد الإصدار على أن "يعمل بالأحكام الخاصة بالشيك - بما في ذلك المادة 534 من قانون التجارة والتي نصت على ذات الجريمة - اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000". ومفاد ذلك أن إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات لا يكون إلا في تاريخ نفاذ نص المادة 534 المار ذكرها، حتى يتواصل تجريم إعطاء شيك لا يقابله رصيد، فلا يفصل بين نفاذ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات ونفاذ تطبيق المادة 534 من قانون التجارة فترة زمنية. إذ أن المشرع لو ألغى نص المادة 337 من قانون العقوبات في أول أكتوبر سنة 1999 - تاريخ نفاذ باقي نصوص قانون التجارة - لأصبح إعطاء شيك لا يقابله رصيد فعلاً مباحاً منذ هذا التاريخ وحتى تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة في أول أكتوبر سنة 2000 مع ما يترتب على هذا من إباحة الفعل بأثر رجعي إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، وهو ما قصد المشرع تجنبه حين جعل تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة هو ذات تاريخ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات، ومن ثم لم يكن في قصد الشارع البتة المصادرة على تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم في شأن العقاب وآية ذلك أنه يبين من مراجعة الأعمال التحضيرية لقانون التجارة الجديد أن مشروع القانون كان يتضمن النص في المادة الأولى من مواد الإصدار على أن "يلغى قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883... ويلغى نص المادة 337 من قانون العقوبات وكذلك كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون" أما المادة الرابعة فقد كانت تنص على العمل بهذا القانون بعد سنة من اليوم التالي لتاريخ نشره، ثم رئي - بناء على اقتراح الحكومة - تنظيم أحكام الفترة الانتقالية بين صدور القانون الجديد وبين العمل به بإفساح الأجل حتى أول أكتوبر سنة 1999 عدا النصوص المتعلقة بالشيك فيؤجل العمل بها حتى أول أكتوبر سنة 2000 وبالضرورة إرجاء إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات حتى تاريخ العمل بهذه النصوص الأخيرة كي يتواصل تجريم إعطاء شيك بدون رصيد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لا حق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره، فإن المادة 337 من قانون العقوبات تكون واجبة التطبيق على الوقائع التي تحدث حتى زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع عقوبة الغرامة على الجاني خلافاً لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس وكذلك فيما نصت عليه من انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح بحسبان أن كلا الأمرين ينشئ مركزاً قانونياً أصلح للمتهم. ومن ثم تعد في هذا الصدد قانوناً أصلح للمتهم تطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن الهيئة العامة تنتهي أيضاً - بالأغلبية سالفة الذكر - إلى العدول عن الحكم الصادر في الطعن رقم 3305 لسنة 64 القضائية فيما أورده في شأن وجوب توقيع عقوبة الحبس على خلاف هذا النظر.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الطعن المحال إليها.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان أسباب قضائه بالإدانة.
وحيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الواقعة التي دان الطاعن بها وأطلق القول بثبوت التهمة في حق الطاعن دون أن يورد الدليل على ذلك فإنه يكون قاصر البيان مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن. وحتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته في ظل المادة 534 من قانون التجارة باعتبارها أصلح للمتهم في شأن توقيع عقوبة الحبس أو الغرامة وانقضاء الدعوى بالصلح.