أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 409

جلسة 9 من يوليه سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، علي محمد علي ود. حسن بسيوني.

(242)
الطعن رقم 1225 لسنة 54 القضائية

(1) بنوك "الاعتماد المستندي". "محكمة الموضوع".
الاعتماد المستندي. ماهيته. التزامات البنك فاتح الاعتماد وكل من الآمر المشتري والمستفيد البائع - خضوعها للشروط الواردة في طلب فاتح الاعتماد. قصور هذه الشروط يوجب تطبيق الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية مع جواز تكملتها بنصوص ومبادئ القانون الداخلي لقاضي النزاع. خضوع هذه الشروط في تطبيقها لسلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وتفسير الإقرارات والاتفاقات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها.
(2) بنوك "الاعتماد المستندي".
البنك فاتح الاعتماد. التزامه. فحص كافة الوثائق التي يقدمها المستفيد بعناية معقولة حدوده. علة ذلك.
(3) بنوك "الاعتماد المستندي".
طلب تعزيز الاعتماد من مصرف آخر. وجوب التزام البنك فاتح الاعتماد في إخطاره للبنك المعزز بشروط وتفاصيل الاعتماد التي ضمنها المشتري الآمر طلب فتح الاعتماد علة ذلك.
(4) "بنوك الاعتماد المستندي".
اعتبار الفاتورتين المبدئيتين جزءاً من عقد فتح الاعتماد. أثره. التزام البنك الطاعن - فاتح الاعتماد - في فحصه وقبوله لمستندات المستفيد - البائع - بشروط المطعون ضده المشتري الآمر - وأخصها شرط الشحن الفوري.
(5) تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير قيمة التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ متى كان غير مقدر في القانون. شرطه. أن تبين عناصر التعويض.
1 - الاعتماد المستندي، تعهد مصرفي مشروط بالوفاء، صادر من البنك فاتح الاعتماد بناء على طلب المشتري الآمر بالمطابقة لتعليماته والشروط التي يحددها ويسلم للبائع المستفيد، مستهدفاً الوفاء بقيمة السلعة أو السلع المشتراة خلال فترة محددة في حدود مبلغ معين، نظير مستندات مشترطة ويجري التعامل في ظله بين البنك فاتح الاعتماد والبنك المؤيد أو المعزز له - إن وجد - وبين كل من الآمر والمستفيد على المستندات وحدها وسلامتها وتطابقها في مجموعها ومطابقتها للشروط الواردة في طلبه دون نظر إلى البضاعة أو العلاقة الخاصة بين البائع والمشتري حول العقد الذي يحكم علاقتهما، ومدى صحته ونفاذه بينهما والمؤثرات التي تطرأ عليه، باعتبار فتح الاعتماد بطبيعته عملاً تجارياً مستقلاً عن عمليات البيع والشراء والعقود الأخرى التي يستند إليها - ولا يعتبر البنك فاتح الاعتماد أو المعزز له ذا علاقة بها أو ملتزماً بأحكامها، كما يخضع هذا التعامل أساساً للشروط الواردة في الطلب فتح الاعتماد وإذ هي التي تحدد التزامات البنك فاتح الاعتماد وحقوق وواجبات كل من الآمر والمستفيد فإن قصرت عن مجابهة ما يثور من أنزعة أثناء تنفيذه، طبقت الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية (التي صاغتها غرفة التجارة الدولية بباريس واعتمدتها لجنتها التنفيذية في 3/ 12/ 1974 قبل تعديلها في أكتوبر 1984، مع جواز تكملتها بنصوص ومبادئ القانون الداخلي لقاضي النزاع، وإذ كان ذلك وكانت هذه الشروط في تطبيقها تخضع لسلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها وما تفيده العبارات في جملتها لا كما تفيده عبارة معينة فيها مستقلة عن باقي عباراتها دون رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر ما دام ما انتهت إليه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
2 - يتعين على البنك فاتح الاعتماد أن يفحص كافة الوثائق التي يقدمها المستفيد بعناية معقولة للتأكد من مطابقتها في ظاهرها لشروط وتفاصيل الاعتماد مطابقة حرفية كاملة دون أي تقدير لمدى جوهرية أي شرط فيها إذ قد يكون له معنى فنياً لا يدركه البنك أو موضع اعتبار خاص لدى الآمر.
3 - يتعين على البنك فاتح الاعتماد في حالة طلب تعزيز من مصرف آخر، الالتزام بشروط وتفاصيل الاعتماد، بأن يتضمن إخطاره للبنك المؤيد أو المعزز سواء طلب ذلك برقياً أو تلغرافياً أو بواسطة جهاز التلكس أو بالتثبت البريدي، كافة الشروط التي ضمنها المشتري طلبه فتح الاعتماد حتى يكون المستفيد على علم تام بكافة الحقوق والالتزامات المترتبة على ذلك الاعتماد.
4 - اعتبار الفاتورتين المبدئيتين جزءاً من عقد فتح الاعتماد، يرتب التزام البنك الطاعن في فحصه وقبوله لمستندات المستفيد بشروط المطعون ضده وأخصها الشحن الفوري وعدم إعادة الشحن.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن ثبات الخطأ الموجب للمسئولية العقدية على أحد العاقدين وتحديد قيمة التعويض عن الضرر الناشئ عن هذا الخطأ متى كان غير مقدر في القانون، تستقل به محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، دون معقب عليها في ذلك، متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وما دامت بينته عناصر التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 448 لسنة 1981 تجاري كلي جنوب القاهرة انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزام البنك الطاعن بأن يؤدي له مبلغ أربعمائة وخمسة وسبعين ألف دولار وفوائده القانونية من 24/ 8/ 1981 تاريخ رفع الدعوى ومصروفات فتح الاعتماد وقدرها عشرة آلاف دولار أمريكي وتعويضاً قدره ستين ألف جنيه مصري، والفوائد من تاريخ صدور الحكم. وقال بياناً لذلك إنه تعاقد مع البنك الطاعن على فتح اعتماد مستندي مؤيد من بنك مونتريال لصالح شركة "يونيون كاربالين" ضماناً لتنفيذ عقد بيع وتوريد بلاستيك مجروش وفقاً للأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية الصادرة في باريس سنة 1974، وأخطر الطاعن البنك المراسل بذلك بتاريخ 8/ 2/ 1981 غير أن البنك الأخير لم يراع شروط فتح الاعتماد وقبل من المستفيد مستندات غير مطابقة وسدد له قيمتها ورغم أن البنك الطاعن رفض تلك المستندات في البداية إلى أنه عاد وقبلها وخصم قيمتها من حسابه لديه دون وجه حق. وإذ لحقه ضرر من جراء ذلك فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/ 1/ 1983 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ أربعمائة وثمانية وخمسين ألفاً وتسعمائة وثمانية وستين دولار وثلاثة آلاف وأربعمائة وخمسة وتسعين جنيهاً وتسعمائة مليم مصروفات فتح الاعتماد وعشرة آلاف جنيه تعويضاً. استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 828 و874 لسنة 100 ق القاهرة وبعد ضم الاستئنافين قضت بتاريخ 5/ 3/ 1983 بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - وإذا عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثالث من أولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر الفاتورتين المبدئيتين جزءاً من عقد فتح الاعتماد فيما تضمنتاه من بيانات وشروط ورتب على تخلف المستفيد عن شحن الدفعة الأولى في الميعاد المحدد وجوب إلغاء الاعتماد وإبطال مفعوله في حين أنهما منفصلتان عن عقد فتح الاعتماد وينحصر دورهما في تحديد العلاقة بين البائع والمشتري وتقديمهما لازم لفتح الاعتماد إذ تعتبران بمثابة ترخيص استيراد فحسب، ولم يطلب المطعون ضده من الطاعن في كتابه المؤرخ 19/ 3/ 1981 إلغاء الاعتماد لعدم وصول الشحنة الأولى من الصفقة بل قصر طلباته على إبلاغ المستفيد بإيقاف الشحن لحين الاتفاق على مواعيد أخرى له.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الاعتماد المستندي، تعهد مصرفي مشروط بالوفاء صادر من البنك فاتح الاعتماد بناء على طلب المشتري الآمر وبالمطابقة لتعليماته والشروط التي يحددها ويسلم للبائع المستفيد، مستهدفاً الوفاء بقيمة السلعة أو السلع المشتراة خلال فترة محددة في حدود مبلغ معين، نظير مستندات مشترطة ويجري التعامل في ظله بين البنك فاتح الاعتماد والبنك المؤيد أو المعزز له - إن وجد - وبين كل من الآمر والمستفيد على المستندات وحدها وسلامتها وتطابقها في مجموعها ومطابقتها للشروط الواردة في طلبه دون النظر إلى البضاعة أو العلاقة الخاصة بين البائع والمشتري حول العقد الذي يحكم علاقتهما ومدى صحته ونفاذ بينهما والمؤثرات التي تطرأ عليه، باعتبار فتح الاعتماد بطبيعته عملاً تجارياً مستقلاً عن عمليات البيع والشراء والعقود الأخرى التي يستند إليها - ولا يعتبر البنك فاتح الاعتماد أو المعزز له ذا علاقة بها أو ملتزماً بأحكامها، كما يخضع هذا التعامل أساساً للشروط الواردة في الطلب فتح الاعتماد، إذ هي التي تحدد التزامات البنك فاتح الاعتماد، وحقوق وواجبات كل من الآمر والمستفيد فإن قصرت عن مجابهة ما يثور من أنزعة أثناء تنفيذه طبقت الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية التي صاغتها غرفة التجارة الدولية بباريس واعتمدتها لجنتها التنفيذية في 3/ 12/ 1974 قبل تعديلها في أكتوبر سنة 1984، مع جواز تكملتها بنصوص ومبادئ القانون الداخلي لقاضي النزاع، وإذ كان ذلك وكانت هذه الشروط في تطبيقها تخضع لسلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، مستهدية في ذلك بوقائع، الدعوى وظروفها وما تفيده العبارات في جملتها، لا كما تفيده عبارة معينة منها مستقلة عن باقي عباراتها، دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر، ومادام ما انتهت إليه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد خلص إلى اعتبار الفاتورتين المبدئيتين المرفقتين بطلب فتح الاعتماد جزءاً منه مكملتين لشروطه، لخلو الطلب من بيان البضاعة والسعر مع النص فيه على اعتماد واحد بمبلغ 1.330.000 دولار عن الفاتورتين المرفقتين اللتين تضمنتا السعر والشحن الفوري لنصف الكمية المتعاقد عليها بالفاتورة الأولى ومشمول الفاتورة الثانية، ولأن البنك الطاعن استمد منها باقي شروط الاعتماد واعتمد عليها لاستكمال ما نقص من بياناً بالطلب، وهو استخلاص سائغ تؤدي إليه عبارات الطلب في مجموعها، وإذ رتب الحكم على ذلك، أخذاً بما انتهى إليه تقرير الخبراء المنتدبين في الدعوى والذي اعتبره جزءاً من أسباب حكمة التزام البنك بإبطال مفعول الاعتماد إثر تخلف المستفيد عن شحن الدفعة الأولى من مشمول الفاتورة الأولى ومشمول الفاتورة الثانية خلال ثلاثين يوماً من إبلاغه بخطاب الاعتماد نفاذاً لشروط فتحه، وإعمالاً لحكم المادة 36 من لائحة الأعراف الموحدة آنفة الذكر دون انتظار لتعليمات أخرى من العميل فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس، ولا يغير من ذلك طلب العميل إبلاغ المستفيد إيقاف الشحن لحين الاتفاق بينهما على مواعيد أخرى للشحن ذلك أنه يعني بطريق اللزوم الحتمي، وقف تنفيذ الاعتماد لحين إتمام هذا الاتفاق لامتداد سريان مفعوله.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق إذ أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من عدم مطابقة مستندات المستفيد والتي قبلها الطاعن لشروط فتح الاعتماد في شأن الكميات المشحونة وإعادة شحنها وميعاد تسليم المستندات واختلاف السعر المثبت بالفاتورة التجارية عن مثيلتها المبدئية واعتماده الأولى والتعديل في أحد الأصناف رغم عدم الارتباط بين الفاتورة المبدئية وشروط فتح الاعتماد والتزام البنك الطاعن بمستندات الشحن الأصلية ولما كانت غير صحيحة وتقتصر مهمته في شأنها على فحصها ومطابقتها ظاهرياً على شروط فتح الاعتماد، دون أن يكون له النظر خارجها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يتعين على البنك فاتح الاعتماد أن يفحص كافة الوثائق التي يقدمها المستفيد بعناية معقولة للتأكد من مطابقتها في ظاهرها لشروط وتفاصيل الاعتماد، مطابقة حرفية كاملة دون أي تقدير لمدى جوهرية أي شرط فيها إذ قد يكون له معنى فنياً لا يدركه البنك أو موضع اعتبار خاص لدى الآمر - لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبراء المنتدبين في الدعوى الذي أخذ به الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه مخالفة المستندات التي قبلها البنك الطاعن، رغم سبق رفضه لها وتمسكه بذلك، للشروط التي وضعها المطعون ضده في طلب فتح الاعتماد من حيث الكميات المشحونة وتاريخ وكيفية وتاريخ شحنها وسعرها والتعديل الواضح في أحد الأصناف وعدم تقديم إقرار من ربان السفينة التي تم شحن جزء من البضاعة عليها، باستلامه لها بحاله جيدة وذلك على النحو المفصل به وللأسباب التي أوردها واعتنقها الحكم المطعون فيه وهي كافية لحمل قضائه بعدم مطابقة تلك المستندات لشروط الاعتماد وافتقارها السلامة الظاهرية. ولها أصلها الثابت بالأوراق ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتفسيره ومخالفته الثابت بالأوراق إذ أيد الحكم الابتدائي فيما أخذ به من تقرير الخبراء المنتدبين في الدعوى من مخالفة خطاب فتح الاعتماد والتلكس المبلغ للبنك المعزز لما ورد بطلب فتح الاعتماد رغم عدم صدور ذلك الخطاب ووجوب عقد المقارنة بين شروط طلب فتح الاعتماد وتلك الواردة في التلكس وفي حين أن مجال مسئولية البنك الطاعن تتحدد بمقارنة الشروط الأولى بمستندات الشحن التي تمثل البضاعة لأن التلكس وخطاب الاعتماد إنما يمثلان العلاقة التعاقدية بين البنك ومراسله وهي مستقلة عن علاقة الطاعن بالعميل.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه يتعين على البنك فاتح الاعتماد في حالة طلب تعزيزه من مصرف آخر، الالتزام بشروط وتفاصيل الاعتماد، بأن يتضمن إخطاره للبنك المؤيد أو المعزز، سواء كان ذلك برقياً أو تلغرافياً أو بواسطة جهاز التلكس أو بالتثبيت البريدي، كافة الشروط التي ضمنها المشتري طلبه فتح الاعتماد حتى يكون المستفيد على علم تام بكافة الحقوق والالتزامات المترتبة على ذلك الاعتماد لما كان ذلك وكان الثابت بالدعوى عدم إخطار البنك الطاعن للبنك المعزز وللمستفيد بالاعتماد، كامل الشروط التي ضمنها المطعون ضده طلبه فتح الاعتماد مما ترتب عليه قبول البنك المعزز مستندات غير مطابقة لشروط المطعون ضده رفضها البنك الطاعن، ثم عاد وقبلها لعدم إخطاره البنك الأول بكامل تلك الشروط على نحو ما ورد في الرد على الوجه الرابع من السبب الأول، فإن النعي على الحكم المطعون فيه تأييده الحكم الابتدائي الذي أخذ بتقرير الخبراء المنتدبين في الدعوى رغم مناقشة ما ورد بخطاب فتح الاعتماد والتلكس المرسل من الطاعن إلى مراسله في الخارج وبيان ما بينهما من اختلاف رغم إنكار البنك وجود ذلك الخطاب يكون - أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ أطرح دفاع الطاعن بشأن عدم جواز اعتبار الفاتورتين المبدئيتين جزءاً من عقد الاعتماد وما يترتب على ذلك من عدم الاعتداد بشرط الشحن الفوري الوارد بهما وبعدم إعادة شحن البضاعة ومدى سلطة البنك في فحص المستندات ولم يبين خطأ الطاعن في تنفيذ عقد الاعتماد وقضى بالتعويض دون بيان عناصره ولم يعني بالرد عليها رغم أنها جوهرية ومما يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سبق الرد به على الوجهين الأول والثالث من السبب الأول في شأن اعتبار الفاتورتين المبدئيتين جزءاً من عقد فتح الاعتماد وهو ما ترتب التزام البنك الطاعن في فحصه وقبوله لمستندات المستفيد بشروط المطعون ضده وأخصها الشحن الفوري وعدم إعادة الشحن، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون في غير محله, وهو غير مقبول في شقه الثاني ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إثبات الخطأ الموجب للمسئولية العقدية على أحد العاقدين وتحديد قيمة التعويض عن الضرر الناشئ عن هذا الخطأ متى كان غير مقرر في القانون، تستقل به محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، دون معقب عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وما دامت بينته عناصر التعويض. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد خلص - لما ورد بتقرير الخبراء المنتدبين في الدعوى إلى ثبوت خطأ البنك الطاعن لإخلاله بالتزاماته الناشئة عن عقد فتح الاعتماد على نحو ما سلف بيانه في الرد على الوجه الرابع من السبب الأول، وتسببه بذلك في إلحاق أضرار بالمطعون ضده تتمثل في فشل المشروع محل عقد فتح الاعتماد وما فاته من ربح من جراء ذلك فضلاً عن ضياع عائد المبالغ التي أداها للبنك الطاعن أو خصمها الأخير من حسابه، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فإن النعي لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.