أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 455

جلسة 19 من يوليو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد سليمان نائب رئيس المحكمة، محمد وليد الجارحى، محمد محمد طيطه ومحمد محمود عبد اللطيف.

(249)
الطعن رقم 366 لسنة 55 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن وترك العين المؤجرة" "امتداد العقد" "العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي". شركات الواقع "شركات".
(1) حظر التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن وترك العين المؤجرة بغير إذن كتابي صريح من المالك. م 18/ جـ ق 136 - لسنة 1981. الاستثناء.
استمرار عقد إيجار المسكن لأقارب المستأجر المقيمين معه عند وفاته أو تركه العين المؤجرة. م 29/ 1 ق 49 لسنة 1977.
(2) العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي عدم انتهاء العقد بوفاة المستأجر أو تركه للعين. استمرار الإيجار لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين. ولو كانت الشركة من شركات الواقع لم يتم تسجيلها وشهرها علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة" "مسائل الواقع".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وبحث وتقدير ما يقدم فيها من أدلة ومستندات. من سلطة محكمة الموضوع. حسبها بيان الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً. علة ذلك.
1 - النص في المادة 18/ جـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 - بشأن بعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن - يدل على أن المشرع حظر التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن وترك العين المؤجرة واستثناء من هذا الأصل نصت الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بشأن إيجار الأماكن - على استمرار عقد إيجار الوحدة السكنية لأقارب المستأجر المشار إليهم في هذه الفقرة والمقيمين معه عند وفاته أو تركه العين المؤجرة.
2 - نصت الفقرة الثانية من المادة 29 سالفة البيان - بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير السكنى على إنه إذا "كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال" - مما يدل على أنه في حالة استغلال المكان المؤجر لمزاولة الأنشطة سالفة البيان، أجاز المشرع استمرار عقد الإيجار لورثة المستأجر عند وفاته، - وجاء النص عاماً بغير قيد فلم يشترط المشرع أن يكون الورثة قد زاولوا هذا النشاط مع مورثهم قبل وفاته بل يستمر عقد الإيجار لصالحهم ولو لم يكن لهم أي نشاط البتة. وهدف المشرع من ذلك هو الإبقاء على استمرار تلك الأنشطة في الأماكن المؤجرة حماية لها وتشجيعاً للاستثمار لكي تنمو وتزدهر لما لها من أثر كبير في الحياة الاقتصادية. أما إذا قام المستأجر بإشراك آخر معه في النشاط الذي يباشره فلا يعدو أن يكون هذا متابعة منه للانتفاع بالمكان المؤجر فيما أجر من أجله بعد أن ضم إلى رأس المال المستثمر فيها حصة لآخر على سبيل المشاركة في استغلال هذا المال المشترك دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر عن المكان المؤجر، وقد التزم المشرع بهذا النهج الذي هدف إليه باستمرار عقد الإيجار لصالح ورثة المستأجر، وأوجب استمرار عقد الإيجار لشركائه في استعمال العين وجاء النص عاماً بغير قيد التزاماً بهذا الهدف فيستمر عقد الإيجار لشركائه ولو كانت الشركة من شركات الواقع أو لم يتم تسجيلها وشهرها وفقاً للقانون ما دام الهدف الذي قصده المشرع في قانون إيجار الأماكن هو الإبقاء على النشاط ذاته واستمراره يؤيد ذلك أن المادة 29/ 2 سالفة البيان نصت على استمرار عقد الإيجار "لشركائه" ولو كان القصد هو أن تكون الشركة مستوفية الشروط التي استلزمها القانون لجاء النص على استمرار عقد الإيجار للشركة باعتبارها من الأشخاص الاعتبارية، وليس هناك أي تعارض بين قانون إيجار الأماكن وقانون الشركات إذ لكل من القانونين مجال ونطاق مستقل لتطبيقه، لما كان ذلك فلا يجدي الطاعنة التمسك ببطلان الشركة لعدم اتخاذ إجراءات الشهر التي نص عليها القانون.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم إليها من أدلة، ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولها السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة لها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع الواقع متى كان هذا الاستخلاص سائغاً وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 364 لسنة 1981 أمام محكمة المنيا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1974 وإخلاء المحل المبين بالصحيفة وتسليمه لها وقالت بياناً لها إنه بموجب هذا العقد استأجرت......... مورثة المطعون ضدهم الخمسة الأول محل النزاع لاستعماله في بيع قطع غيار السيارات، وإذ أجر ورثتها عين النزاع من باطنهم للمطعون ضده الأخير مخالفين الحظر الوارد في العقد والقانون أقامت الدعوى دفع المطعون ضدهم بأن المطعون ضده الأخير شريك في النشاط التجاري الذي يمارس في العين المؤجرة بموجب عقد شركة مؤرخ 3/ 3/ 1975، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 390 لسنة 17 ق بني سويف "مأمورية المنيا" وبتاريخ 10/ 5/ 1983 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود قضت بتاريخ 6/ 12/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن القانون يقضي بتسجيل عقود الشركات بقلم كتاب المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها مقر الشركة وكذلك النشر عن الشركة في جريدة محلية خلال خمس عشر يوماً من تاريخ تحرير عقد الشركة وإلا اعتبر العقد باطلاً، وإذ كان الثابت من مستندات - المطعون ضدهم المقدمة لمحكمة الموضوع بطلان عقد الشركة لعدم اتخاذ إجراءات التسجيل والنشر فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بهذه الشركة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن نص المادة 18/ جـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 - بشأن بعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن أجاز للمؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة "إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً وذلك إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروش أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977" مما يدل على أن المشرع حظر التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن وترك العين المؤجرة. واستثناء من هذا الأصل نصت الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بشأن إيجار الأماكن على استمرار عقد إيجار الوحدة السكنية لأقارب المستأجر المشار إليهم في هذه الفقرة والمقيمين معه عند وفاته أو تركه العين المؤجرة أما بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير السكنى فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 29 سالفة البيان على أنه إذا "كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال "مما يدل على أنه في حالة استغلال المكان المؤجر لمزاولة الأنشطة سالفة البيان أجاز المشرع استمرار عقد الإيجار لورثة المستأجر عند وفاته وجاء النص عاماً بغير قيود فلم يشترط المشرع أن يكون الورثة قد زاولوا هذا النشاط مع مورثهم قبل وفاته بل يستمر عقد الإيجار لصالحهم ولو لم يكن لهم أي نشاط البتة. وهدف المشرع من ذلك هو الإبقاء على استمرار تلك الأنشطة في الأماكن المؤجرة حماية لها وتشجيعاً للاستثمار لكي تنمو وتزدهر لما لها من أثر كبير في الحياة الاقتصادية. أما إذا قام المستأجر بإشراك آخر معه في النشاط الذي يباشره فلا يعدو أن يكون هذا متابعة منه للانتفاع بالمكان المؤجر فيما أجر من أجله بعد أن ضم إلى رأس المال المستثمر فيها حصة لآخر على سبب المشاركة في استغلال هذا المال المستثمر دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر عن المكان المؤجر وقد التزم المشرع بهذا النهج الذي هدف إليه باستمرار عقد الإيجار لصالح ورثة المستأجر، وأوجب استمرار عقد الإيجار لشركائه في استعمال العين وجاء النص عاماً بغير قيود التزاماً بهذا الهدف فيستمر عقد الإيجار لشركائه ولو كانت الشركة من شركات الواقع أو لم يتم تسجيلها وشهرها وفقاً للقانون ما دام الهدف الذي قصده المشرع في قانون إيجار الأماكن هو الإبقاء على النشاط ذاته واستمراره يؤيد ذلك أن المادة 29/ 2 سالفة البيان نصت على استمرار عقد الإيجار "لشركائه" ولو كان القصد هو أن تكون الشركة مستوفية للشروط التي استلزمها القانون لجاء النص على استمرار عقد الإيجار للشركة باعتبارها من الأشخاص الاعتبارية، وليس هناك أي تعارض بين قانون إيجار الأماكن وقانون الشركات إذ لكل من القانونين مجال ونطاق مستقل لتطبيقه، لما كان ذلك فلا يجدي الطاعنة التمسك ببطلان الشركة لعدم اتخاذ إجراءات الشهر التي نص عليها القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن المستندات التي قدمها المطعون ضدهم للتدليل على قيام الشركة من صنعهم ولا تكفي لنفي استئجار المطعون ضده الأخير لعين النزاع من باطن باقي المطعون ضدهم وهو ما أكدته الشهادة المستخرجة من المحكمة الابتدائية المختصة المتضمنة عدم إشهار الشركة أو النشر عنها والتي لم يرد عليها الحكم فضلاً عن أنه لم يثبت من أقوال شاهدي المطعون ضدهم قيام هذه الشركة وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم إليها من أدلة، ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولها السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة لها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع الواقع متى كان هذا الاستخلاص سائغاً وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بمشاركة المطعون ضده الأخير لباقي المطعون عليهم في النشاط التجاري الذي يمارس في العين إلى ما أورده بمدوناته من أن الثابت من مستندات المستأنف عليهم - المطعون ضدهم - سالفة البيان وجود شركة قائمة بين المستأنف عليهم...... وتأيدت هذه المستندات بشهادة........ شاهدي المستأنف عليهم. وكانت المحكمة يطمئن وجدانها إلى هذه الشهادة وترتاح...... إليها...... بالإضافة إلى ما شهد به........ شاهد المستأنفة - الطاعنة - والذي شهد بإدارة المستأنف عليه الأخير - المطعون عليه الأخير - لعين النزاع بصفته شريكاً لباقي المستأنف عليهم الذين شغلتهم وظائفهم عن إدارة المحل "وكان هذا الذي حصله الحكم وانتهى إليه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه ومن ثم فإنه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض وبالتالي يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.