أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 484

جلسة 25 من يوليو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة وشكري جمعة، ومحمد إسماعيل غزالي.

(254)
الطعن رقم 245 لسنة 55 القضائية

(1) بيع "بيع ملك الغير". بطلان "بطلان نسبي".
بطلان بيع ملك الغير وعدم نفاذه في حق المالك. عدم تعلقه بالنظام العام لا يجوز لغير صاحب الشأن فيه التمسك به.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "إيجار ملك الغير". عقد "عقد الإيجار" "آثار عقد الإيجار".
(2) عقد الإيجار - انتقال آثاره إلى المشتري متى سجل عقد شرائه ولو لم يقم البائع بحوالة حقوقه في عقد الإيجار إليه.
(3) الإيجار الصادر ممن لا يملك الشيء أو له حق التعامل فيه صحيح بين طرفيه. عدم نفاذه في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به إلا بالإجازة. طلب المستأجر إبطال العقد أو فسخه. غير جائز. طالما لم يتعرض له المالك في الانتفاع بالعين المؤجرة.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
إبقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع بالجدك. مناطه. توافر الضرورة الملجئة للبيع وتقدير تلك الضرورة هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - النص في المادة 366 والفقرة الأولى من المادة 467 من القانون المدني يدل على أن بيع ملك الغير تصرف قابل للإبطال لمصلحة المشتري، وإجازة المشتري للعقد تزيل قابليته للإبطال وتجعله صحيحاً فيما بين العاقدين، أما بالنسبة للمالك الحقيقي فيجوز له إقرار هذا البيع صراحة أو ضمناً، فإذا لم يقره كان التصرف غير نافذ في حقه، مما مفاده أن بطلان التصرف أو عدم نفاذه هو أمر متعلق بالنظام العام بل هو مقرر لمصلحة صاحب الشأن فيه ولا يجوز لغيره التمسك به.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن أثار عقد الإيجار تنتقل إلى مشتري العقار متى سجل عقد شرائه وفق أحكام القانون ولو لم يقم البائع بحوالة حقوقه في عقد الإيجار إلى هذا المشتري.
3 - الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق في التعامل في منفعته صحيح فيما بين طرفيه غير قابل للإبطال إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير وأنه طالما أن المالك الحقيقي لم يتعرض للمستأجر في انتفاعه بالعين فليس لهذا الأخير طلب إبطال الإيجار أو فسخه.
4 - الإبقاء على إيجار المتجر أو المصنع لصالح مشتريه بالجدك من المستأجر الأصلي استثناء من الشرط المانع من النزول عن الإيجار منوط - وفقاً لما تقضي به المادة 594/ 2 من القانون المدني - بتوافر الضرورة الملجئة التي يضطر فيها المستأجر إلى بيعه، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الضرورة في هذه الحالة هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن الأول والمطعون ضدها الثالثة الدعوى رقم 2862 لسنة 1973 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة، وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 30/ 3/ 1951 - استأجر مورث المطعون ضدها الثالثة من المالك السابق للعقار - ......... هذا المحل لاستعماله متجراً للبقالة إلا أنها تنازلت عنه للطاعن الأول دون إذن كتابي منها فضلاً عن قيام الأخير بتغيير النشاط القائم بالمحل إلى معرض للسيارات بالمخالفة للحظر الوارد في العقد والقانون، وإذ آلت ملكية هذا العقار للشركة بطريق الشراء من الحارس العام على أموال المالك السابق فقد أقامت الدعوى، وبجلسة المرافعة طلبت الطاعنة الثانية قبول تدخلها في الدعوى منضمة للمدعى عليها في طلب رفضها استناداً إلى شرائها المحل المذكور، وبتاريخ 30/ 12/ 1976 قضت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة الثانية خصماً في الدعوى وبإخلاء العين محل النزاع. استأنفت المطعون ضدها الثالثة هذا الحكم بالاستئناف رقم 73 لسنة 33 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم 80 لسنة 33 ق الإسكندرية وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين قضت بتاريخ 25/ 12/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان إنهما اشتريا العين محل النزاع بالجدك من مستأجرها الأصلي مورث المطعون ضدها الثالثة في 26/ 5/ 1973 وقد تمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأن الشركة المدعية لا تملك العقار الواقع به عين النزاع على سند من بطلان فرض الحراسة الإدارية على أموال وممتلكات....... المالك الأصلي للعقار بمقتضى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 إذ ليس في نصوص هذا القانون ما يجيز فرض الحراسة إلا على الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين مما يترتب عليه بطلان بيع العقار المذكور الصادر من الحارس العام إلى الشركة المطعون ضدها وأنه ما زال مملوكاً للمالك الأصلي، هذا بالإضافة إلى أن عقد إيجار المحل لم تتم حوالته إلى الشركة حتى ينصرف أثره إليها ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يقبل هذا الدفع استناداً إلى أن الطاعن الأول أقر في مذكرته وخطابه إلى الشركة بصفتها كمؤجرة وأن المالك الأصلي لم ينازعها في ذلك، وهو استدلال غير سديد، لأنه ليس هناك ما يمنع مشتري المحل بالجدك من التمسك بالدفع رغم كل ذلك وإذ ذهب الحكم أيضاً إلى أن الشركة قد تملكت العقار بالتقادم الخمسي في حين أنه لم يتحقق من توافر شروطه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 466 من القانون المدني على أنه "إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع"، ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على العقار سجل العقد أو لم يسجل. وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد" وفي الفقرة الأولى من المادة 467 من ذات القانون على أنه "1 - إذا أقر المالك البيع سرى العقد" "وانقلب صحيحاً في حق المشتري....." يدل على أن بيع ملك الغير تصرف قابل للإبطال لمصلحة المشتري، وإجازة المشتري للعقد تزيل قابليته للإبطال وتجعله صحيحاً فيما بين المتعاقدين، أما بالنسبة للمالك الحقيقي فيجوز له إقرار هذا البيع صراحة أو ضمناً، فإذا لم يقره كان التصرف غير نافذ في حقه، مما مفاده أن بطلان التصرف أو عدم نفاذه هو أمر متعلق بالنظام العام بل هو مقرر لمصلحة صاحب الشأن فيه لا يجوز لغيره التمسك به ومن ثم وتأسيساً على ما تقدم فإنه لا يجوز للطاعنين اللذين اشتريا العين المؤجرة بالجدك من مستأجرها الأصلي أن يتمسكا ببطلان التصرف بالبيع في العقار الكائن به العين الصادر من الحارس العام إلى الشركة المطعون ضدها بدعوى صدوره من غير مالك، كما لا يجوز لهما التمسك بعدم نفاذ هذا التصرف في حق المالك الأصلي للعقار، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن آثار عقد الإيجار تنتقل إلى مشتري العقار متى سجل عقد شرائه وفق أحكام القانون ولو لم يقم البائع بحوالة حقوقه في عقد الإيجار إلى هذا المشتري وأن الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق في التعامل في منفعته صحيح فيما بين طرفيه غير قابل للإبطال إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير له، وأنه طالما أن المالك الحقيقي لم يتعرض للمستأجر في انتفاعه بالعين فليس لهذا الأخير طلب إبطال الإيجار أو فسخه. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت أحقية الشركة المطعون ضدها الأولى في إقامة الدعوى استناداً إلى الإقرار بصفتها كمالكة ومؤجرة للمحل بموجب الخطاب المؤرخ 24/ 11/ 1973 الصادر من وكيل الطاعن الأول وشركاه بمطالبتها بتحرير عقد إيجار باسم الشركة موكلته وتحرير إيصالات سداد الأجرة باسمها وأنه أقر بذلك أيضاً في مذكرته المقدمة إلى محكمة أول درجة، هذا بالإضافة إلى أن المالك....... الأصلي للعقار لم ينازع الشركة المطعون ضدها في كونها صاحبة الحق على عقار النزاع التي تملكت العقار بموجب عقد البيع المسجل رقم 1138 في 9/ 4/ 1966، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون، ومؤدياً إلى النتيجة التي خلص إليها فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه في أسبابه بشأن تملك الشركة المطعون ضدها للعقار بالتقادم الخمسي ذلك أن قضاءه برفض الدفع بعدم القبول وقد أقيم على ما يكفي لحمله من دعامة صحيحة - على ما سلف بيانه - فإنه يكون غير منتج النعي عليه فيما تزيد فيه من أسباب في هذا الخصوص ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأنهما اشتريا المحل بالجدك من المستأجر الأصلي وأن هذا البيع قد توافرت له شرائطه القانونية المنصوص عليها في المادة 594 من القانون المدني إذ اضطر المستأجر الأصلي لبيع المتجر بسبب المرض الذي أقعده عن مزاولة نشاط مع شريكه في المحل (......) وقدما ما يفيد الضرائب المتأخرة عليه واستلام الشريك لمبالغ منهما والإعلان في الصحف عن بيع المحل إلا أن الحكم المطعون فيه نفى توافر الضرورة الملجئة للبيع بمقولة إن الدعوى قد خلت من المستندات الدالة على ذلك متجاهلاً ما قدماه من أوراق، وذهب الحكم إلى أن تغيير النشاط بالمحل من تجارة البقالة إلى تجارة السيارات ينتفي به أحد الشروط القانونية لبيع الجدك في حين أن هذا التغيير لا يترتب عليه ثمة ضرر للشركة المطعون ضدها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الإبقاء على إيجار المتجر أو المصنع لصالح مشتريه بالجدك من المستأجر الأصلي استثناء من الشرط المانع من النزول عن الإيجار منوط وفقاً لما تقضي به المادة 594/ 2 من القانون المدني - بتوافر الضرورة الملجئة التي يضطر معها المستأجر إلى بيعه، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير الضرورة في هذه الحالة هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بإخلاء العين محل النزاع على سند من أن الأوراق قد خلت مما يفيد تحقق الضرورة التي تبيح للمستأجر الأصلي بيع المتجر بالجدك ورتب على ذلك أن هذا التصرف هو في حقيقته تنازل عن الإجارة إلى الطاعنين دون تصريح كتابي من المؤجر موجب للقضاء بالإخلاء، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ذلك أنها خلت من دليل على صحة ما يدعيانه من مرض المستأجر الأصلي وكساد تجارته مما اضطره إلى بيع المحل إذ لا ينهض دليلاً على ذلك سدادهما للضرائب المستحقة عليه ومبالغ أخرى للشريك أو الإعلان في الصحف عن بيع المحل، ولما كان ما استطرد إليه الحكم في أسبابه بشأن تغيير الطاعنين لأوجه النشاط في العين المؤجرة - وأياً كان وجه الرأي فيه - قد جاء زائداً عن حاجة الدعوى، بعد أن - استقام قضاءه بنفي الضرورة الملجئة للبيع - وهي دعامة كافية لحمل قضائه، فإنه يكون غير منتج النعي عليه فيما تزيد فيه عن أسباب في هذا الخصوص ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.