أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 493

جلسة 25 من يوليو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم (نائبي رئيس المحكمة)، شكري جمعه ومحمد إسماعيل غزالي.

(255)
الطعن رقم 31 لسنة 56 القضائية

(1، 2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار".
(1) عقد إيجار المسكن. عدم انتهاؤه بوفاة المستأجر. استمراره لصالح زوجه أو أولاده أو أي من والديه المقيمين معه حتى وفاته أو تركه العين. الإقامة الموسمية المتقطعة بالعين كمصيف. لا يغير من وجه استعمالها كمسكن.
(2) التعرف على الغرض من استئجار العين وتوافر الإقامة فيها. من سلطة قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً يتفق والثابت بالأوراق ولا يتجافى مع مدلول مع ما أخذ به من أقوال الشهود.
(3) القضاء بامتداد عقد إيجار العين - المستغلة كمصيف - لصالح من كانوا يقيمون في موسم الصيف مع المستأجر قبل وفاته. لا خطأ.
(4) دعوى "مصروفات الدعوى". محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع إلزام أياً من الخصوم بمصروفات الدعوى كلها رغم القضاء له ببعض طلباته.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون السابق 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن - التي تحكم واقعة النزاع والمقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر ويستمر لصالح زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى وفاته أو تركه العين وأن المقصود بالإقامة التي يترتب عليها مزية الامتداد القانوني لعقد إيجار العين المؤجرة بقصد استخدامها مصيفاً هي الإقامة الموسمية المتقطعة بحسب طبيعة الإقامة فيها كمصيف ولا يغير من ذلك النص في عقد الإيجار على استعمال العين المؤجرة مسكناً ذلك أن الإقامة الموسمية بالعين لا يعد تغييراً في وجه استعمالها كمسكن.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع سلطة التعرف على الغرض من استئجاره العين، وتقدير مدى توافر الإقامة فيها التي يترتب عليها مزية استمرار عقد الإيجار بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها، كما له سلطة تقدير أقوال الشهود حسبما يطمئن إليه وجدانه من غير أن يكون ملزماً ببيان أسباب ترجيحه لما أخذ به من أقوالهم وإطراح ما عداه طالما كان استخلاصه سائغاً يتفق والثابت بالأوراق ولا يتجافى مع مدلول ما أخذ به من أقوال الشهود.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بامتداد عقد الإيجار لصالح المطعون ضدهم استناداً إلى ما حصله من أقوال شاهديهم بجلسة التحقيق من أن مورثهم استأجر شقة النزاع بمدينة الإسكندرية بقصد استخدامها مصيفاً، وأنه كان يقيم معهم فيها في موسم الصيف حتى تاريخ وفاته ورتب الحكم على ذلك إلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار لهم، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ولا خروج فيه بأقوال الشاهدين إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها متفقاً وصحيح القانون، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير تلك التي أخذت بها المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - يجوز لمحكمة الموضوع وفقاً لما تقضي به المادة 186 من قانون المرافعات أن تلزم أياً من الخصوم بمصروفات الدعوى كلها رغم القضاء له ببعض طلباته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 2629 لسنة 1983 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالباً الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1966 وإخلاء شقة النزاع وبتسليمها إليه. وقال بياناً لدعواه إنه بموجب العقد المذكور استأجر المرحوم........ هذه الشقة وأقام فيها مع زوجته المطعون ضدها الأولى إلى أن توفى المستأجر وإذ تركت الأخيرة الشقة بعد وفاته وأقامت بمسكنها بمدينة القاهرة فقد أقام الدعوى كما أقام المطعون ضدهم على الطاعن الدعوى رقم 3962 لسنة 1983 أمام ذات المحكمة طالبين الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لهم عن شقة النزاع وذلك استناداً إلى أنهم كانوا يقيمون مع مورثهم المستأجر الأصلي حتى تاريخ وفاته في سنة 1970، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين قضت بتاريخ 25/ 3/ 1984 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم إقامتهم بشقة النزاع مع مورثهم وأنهم استمروا في شغلها بعد وفاته وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 13/ 1/ 1985 برفض دعوى الطاعن وإلزامه بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدهم عن الشقة محل النزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 136 سنة 41 ق الإسكندرية، وبتاريخ 4/ 11/ 1985 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف برفض دعوى المطعون ضدها الثانية وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني وبالوجه الأول من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت بعقد الإيجار أن مورث المطعون ضدهم استأجر شقة النزاع للسكنى فيها وليس بغرض استعمالها مصيفاً، وقد أقام بالعين حتى وفاته بينما انقطع أولاده المطعون ضدهم عن الإقامة فيها وأقاموا بمساكنهم المستقلة بمدينة القاهرة، وإذا استند الحكم في قضائه إلى ما حصله من أقوال شاهدي المطعون ضدهم من استئجار العين لتكون مصيفاً رغم تضارب أقوالهما ومخالفتها للثابت كتابة بعقد الإيجار دون أن يبين سنده في الأخذ بها وإطراح أقوال شاهديه أو يتثبت من إقامة المطعون ضدهم مع المستأجر الأصلي بالعين حتى وفاته وذهب إلى أن المطعون ضدها الثانية هي وحدها التي لا يمتد إليها العقد فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون السابق رقم 52 سنة 1969 بشأن إيجار الأماكن - التي تحكم واقعة النزاع والمقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر ويستمر لصالح زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى وفاته أو تركه العين، وأن المقصود بالإقامة التي يترتب عليها مزية الامتداد القانوني لعقد إيجار العين المؤجرة بقصد استخدامها مصيفاً هي الإقامة الموسمية المتقطعة بحسب طبيعة الإقامة فيها كمصيف ولا يغير من ذلك النص في عقد الإيجار على استعمال العين المؤجرة مسكناً ذلك أن الإقامة الموسمية بالعين لا يعد تغييراً في وجه استعمالها كسكن. ومن المقرر أيض
أن لقاضي الموضوع سلطة التعرف على الغرض من استئجار العين، وتقدير مدى توافر الإقامة فيها - التي يترتب عليها مزية استمرار عقد الإيجار بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها كما أن له سلطة تقدير أقوال الشهود حسبما يطمئن إليه وجدانه من غير أن تكون ملزماً ببيان أسباب ترجيحه لما أخذ به من أقوالهم وأطرح ما عداه طالما كان استخلاصه سائغاً يتفق والثابت بالأوراق ولا يتجافى مع مدلول ما أخذ به من أقوال الشهود، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بامتداد عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1966 لصالح المطعون ضدهم - عدا الثانية استناداً إلى ما حصله من أقوال شاهديهم بجلسة التحقيق من أن مورثهم استأجر شقة النزاع بمدينة الإسكندرية بقصد استخدامها مصيفاً وأنه كان يقيم معهم فيها في موسم الصيف حتى تاريخ وفاته ورتب الحكم على ذلك إلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار لهم، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق - ولا خروج فيه بأقوال الشاهدين إلى غير ما يؤدي إلى مدلولها متفقاً وصحيح القانون، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير ذلك التي أخذت بها المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ ألزمه بمصروفات الدعوى كلها في حين أن القضاء برفض طلبات المطعون ضدها الثانية كان لازمه الحكم عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يجوز لمحكمة الموضوع وفقاً لما تقضي به المادة 186 من قانون المرافعات أن تلزم أياً من الخصوم بمصروفات الدعوى كلها رغم القضاء له ببعض طلباته ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره بغير رقابة عليها من محكمة النقض في ذلك.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.