أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 632

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين عبد الحميد سليمان نائب رئيس المحكمة، محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعه حسن.

(275)
الطعن رقم 1073 لسنة 52 القضائية

(1 - 3) إثبات "الإثبات بالكتابة" "حجية الورقة العرفية". مبدأ الثبوت بالكتابة تزوير".
(1) حجية الورقة العرفية في الإثبات. مستمدة من التوقيع وحده. عدم صلاحيتها عند خلوها من التوقيع - لتكون مبدأ ثبوت بالكتابة إلا إذا كانت مكتوبة بخط المدين. الورقة الموقعة التي بها إضافات خالية من التوقيع. خضوع البيانات المضافة في الإثبات لتقدير القاضي.
(2) عدم جواز القضاء بصحة المحرر أو برده وتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. جواز القضاء بعدم قبول الإدعاء بالتزوير لكونه غير منتج وفي الموضوع معاً. علة ذلك.
(3) عدم تقديم الخصم المحرر المشترك بينه وبين خصمه رغم تكليف المحكمة بتقديمه. أثره اعتبار صورة المحرر التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها. شرطه. أن يكون المحرر صالحاً للاحتجاج به على الخصم الممتنع وموقعاً من الأخير. تخلف ذلك أثره. م 24 مرافعات.
(4) إيجار "إيجار الأماكن. التنازل عن الإيجار. التأجير من الباطن. إثبات عبء الإثبات".
حظر تنازل المستأجر عن العين المؤجرة والتأجير من الباطن إلا بإذن كتابي صريح من المؤجر. عبء إثبات انتفاء الحظر. وقوعه على عاتق مدعيه.
(5) حكم "تسبيب الحكم".
أسباب الحكم المكلمة للمنطوق. احتواؤها على ما يوضح حقيقته. لا محل لتعيب المنطوق.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده الذي يوضع عادة في آخرها فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه فإذا كانت الورقة موقعة ولكن بها إضافات خالية من التوقيع فإن قوة البيانات المضافة في الإثبات تخضع لتقدير القاضي.
2 - مؤدى نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه يجب أن يكون الحكم بصحة المحرر أو بتزويره أو سقوط الحق في إثبات صحته سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصوم من تقديم ما عسى أن يكون لديهم من أدلة قانونية أخرى باعتبار أن الإدعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع أما في حالة عدم قبوله لكونه غير منتج في موضوع الدعوى فليس من مبرر للفصل بين الحكم في الإدعاء بالتزوير والحكم في الموضوع ومن ثم يجوز القضاء بعدم قبول الإدعاء بالتزوير لكونه غير منتج وفي الموضوع معاً.
3 - النص في المادة 24 من قانون الإثبات على أنه إذا لم يقم الخصم بتقديم المحرر في الموعد الذي حددته المحكمة - اعتبرت صورة المحرر التي قدمها خصمه صحيحة ومطابقة لأصلها مفاده أن يكون المحرر صالح للاحتجاج به على الخصم الممتنع فإذا لم يكن يحمل توقيعاً له فلا محل لإعمال هذا النص.
4 - الأصل في قانون إيجار الأماكن - خلافاً للقواعد العامة - أنه لا يجوز للمستأجر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن ما لم يصرح المؤجر بذلك كتابة ومن ثم فإن عبء إثبات انتفاء هذا الحظر يقع على عاتق مدعيه.
5 - إذ كانت أسباب الحكم تكمل المنطوق وتوضحه بما لا يدع مجالاً للشك في حقيقته ومن ثم فلا محل لتعييب المنطوق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنين الدعوى رقم 4067 لسنة 1976 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 1971 وإخلاء العين وتسليمها لها بمفروشاتها على سند من أن الطاعن الأول استأجر عين النزاع مفروشة وتنازل عن الإيجار للطاعن الثاني مخالفاً للحظر الوارد في العقد والقانون دفع الطاعن الأول بأن عقد الإيجار تضمن التصريح له بالتأجير من الباطن طعنت المطعون ضدها بتزوير البيان المتضمن التصريح بالتأجير من الباطن وبعد أن انتهت المحكمة إلى رد وبطلان هذا البيان حكمت بإخلاء العين وتسليمها بمفروشاتها للمطعون ضدها. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 2354 لسنة 56 ق - القاهرة وبتاريخ 13/ 2/ 1982 قضت المحكمة بإلغاء الحكم الصادر في دعوى التزوير الفرعية وبعدم قبولها وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة نظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن ما يضاف إلى العقد من بيانات بعد توقيع طرفيه عليه يخضع لتقدير القاضي، فإذا كان بخط أحد الطرفين عد مبدأ ثبوت بالكتابة يكمل بأدلة أخرى، وإذا طعن عليه بالتزوير فلا يجوز الحكم في الطعن وموضوع الدعوى معاً. وإذ لم يخضع الحكم المطعون فيه البيانات المضافة لتقديره ولم يجعل منها مبدأ ثبوت بالكتابة يكمل بالبينة وقضى بحكم واحد في الطعن بالتزوير وموضوع الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده الذي يوضع عادة في أخرها، فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه فإذا كانت الورقة موقعة ولكن بها إضافات خالية من التوقيع فإن قوة البيانات المضافة في الإثبات تخضع لتقدير القاضي، وكان مؤدى نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه يجب أن يكون الحكم بصحة المحرر أو بتزويره أو سقوط الحق في إثبات صحته سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصوم من تقديم ما عسى أن يكون لديهم من أدلة قانونية أخرى باعتبار أن الإدعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، أما في حالة عدم قبوله لكونه غير منتج في موضوع الدعوى فليس من مبرر للفصل بين الحكم في الإدعاء بالتزوير والحكم في الموضوع ومن ثم يجوز القضاء بعدم قبول الإدعاء بالتزوير لكونه غير منتج وفي الموضوع معاً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استبعد البيانات المضافة للعقد مستنداً في ذلك إلى أنها وردت بنهاية عقد الإيجار بعد توقيع الطرفين عليه وغير موقعة من المطعون ضدها "المؤجرة" ولم تحررها بخط يدها وأنها مخالفة لبيانات أخرى بصلب العقد تحظر التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن وكان هذا الذي حصله الحكم في قضائه بعدم جدوى الادعاء بتزوير البيانات المضافة لانتفاء حجيتها وبالتالي عدم صلاحيتها لأن تكون مبدأ للثبوت بالكتابة - سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أن عدم تقديم المطعون ضدها نسخة العقد التي تحت يدها رغم تكليفها بذلك من شأنه أن تعتبر الصورة المقدمة من الطاعنين صحيحة مطابقة لأصلها وإذ لم يأخذ الحكم النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 24 من قانون الإثبات على أنه إذا لم يقم الخصم بتقديم المحرر في الموعد الذي حددته المحكمة......... اعتبرت صورة المحرر التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها مفاده أن يكون المحرر صالح للاحتجاج به على الخصم الممتنع فإذا لم يكن يحمل توقيعاً له فلا محل لإعمال هذا النص لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سائغاً - وعلى ما سلف بيانه - إلى أن البيانات المضافة لصورة عقد الإيجار المقدمة من الطاعنين لا حجية لها قبل المطعون ضدها لعدم التوقيع عليها ولوجود ما يناقضها بصلب العقد فإن النعي على الحكم بعدم التعويل على هذه البيانات يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد في بيان ذلك يقولان إن محكمة الاستئناف عدلت عن إدخال المالكة السابقة للعقار لتقديم صورة عقد الإيجار وذلك بعد أن قررت المطعون ضدها بوفاتها ولما كانت المحكمة لم تتحقق من هذه الوفاة مكتفية بصورة العقد المقدمة منهما دون تكليف المطعون ضدها بإثبات حظر التأجير من الباطن وقضت بفسخ عقد مؤرخ 1/ 4/ 1971 رغم أن العقد المقدم منهما مؤرخ 5/ 3/ 1971 متخذة من عدم حذف البند الخاص بحظر التأجير من الباطن سنداً لقضائها فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول ذلك أن البين من الأوراق أن - الطاعنين لم ينازعا المطعون ضدها فيما قررته من وفاة المالكة السابقة ومن ثم فليس لهما تعييب الحكم لسكوته عن التحقق من وفاتها طالما أنهما لم يطلبا اتخاذ هذا الإجراء، ويعتبر ما تضمنه النص في هذا الشق سبباً جديداً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويكون غير مقبول. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الأصل في قانون إيجار الأماكن - خلافاً للقواعد العامة - أنه لا يجوز للمستأجر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن ما لم يصرح المؤجر بذلك كتابة ومن ثم فإن عبء إثبات انتفاء هذا الحظر يقع على عاتق مدعيه ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قيام العلاقة الإيجارية بين الطاعن الأول والمطعون ضدها وانتهى بأسباب سائغة - على نحو ما سلف - إلى أن الطرفين لم يتفقا على ما يخالف الأصل المذكور فإن ما ورد بهذا الشق من النعي يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثالث غير صحيح إذ أن أسباب الحكم تكمل المنطوق وتوضحه بما لا يدع مجالاً للشك في حقيقته ومن ثم فلا محل لتعييب المنطوق ولما كان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أن العقد موضوع الدعوى يحمل تاريخين أولهما 5/ 3/ 1971 وهو الذي حرر فيه والثاني 1/ 4/ 1971 اتخذ لبدء تنفيذ العقد ومن ثم فإن منطوق الحكم يكون قد انصب على ذات العقد، ويكون النعي في هذا الشق غير صحيح أما ما أثاره الطاعنان بعجز النعي خاصاً بدلالة عدم حذف بند حظر التخلي عن العين المؤجرة من صلب العقد الموقع عليه لا يعدو - وعلى ما سلف بيانه - أن يكون جدلاً موضوعياًَ في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض وبذلك فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.