أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 157

جلسة 4 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الإكيابى ومحمد عبد الواحد وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة ورضا القاضي.

(24)
الطعن رقم 5207 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "الادعاء بالتزوير". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى. من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
(3) سرقة "سرقة بإكراه". عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القضاء بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للسرقة بإكراه في طريق عام من شخصين فأكثر بغير أن يترك الإكراه أثر جروح بالمجني عليه. أثره: عدم قبول النعي على الحكم في شأن إصابات المجني عليه.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق محكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين. متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "اعتراف" إكراه. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حضور ضابط الشرطة التحقيق. لا يعيب إجراءاته. سلطان الوظيفة في ذاته. لا يعد إكراهاً. ما دام لم يستطل إلى المتهم بأذى مادياً كان أو معنوياً. مجرد الخشية منه لا تعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف. ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادته من ذلك.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". تحقيق. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحقق. مباشرة بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم. حد ذلك؟
(7) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
حق المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة. باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. لا يجوز أمام محكمة النقض.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام الحكم أن  يورد من أقوال الشهود. إلا ما يقيم عليه قضاءه.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
حق المحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد اطمأنت إليها.
تناقض أقوال المجني عليه في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً.
(10) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي لا يستوجب رداً صريحاً. كفاية أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة.
1 - من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه.
3 - لما كان الحكم قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للسرقة بإكراه في طريق عام من شخصين فأكثر بغير أن يترك الإكراه أثر جروح بالمجني عليه المنصوص عليها في المادة 315/ 2 من قانون العقوبات، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الطبي بإصابات المجني عليه لا يكون مقبولاً.
4 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
5 - من المقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته وما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر كله في ذلك إلى محكمة الموضوع.
6 - من المقرر أن القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات.
7 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان أوجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض أقوال المجني عليه في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
10 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان عله إطرحها إياها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين - سبق الحكم عليهم - بأنهم سرقوا مبلغ ألفين ومائتين وخمسة وستين جنيهاً المملوك لـ...... بالإكراه بأن اعترضوا طريقه وهددوه بالمدى التي شهرها المتهم الأول واعتدوا عليه بالضرب بقصد إرهابه وشل مقاومته وقد ترك الضرب أثر جروح بالمجني عليه فتكمنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الأستاذ/......... المحامي عن الأستاذ/......... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة سرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان التقرير الطبي الموقع على المجني عليه لاصطناعه وتزويره، بدلالة وجود تعديلات في بياناته، ولعدم وجود أصل له في المستشفى وسهولة اصطناعه، ولأنه يحمل ذات رقم وتاريخ تقرير طبي مغاير لشخص آخر قدمت صورته الرسمية، وأن المحقق لم يناظر إصابات المجني عليه، بيد أن المحكمة لم تحقق هذا الدفع، وردت عليه رداً معيباً استندت فيه إلى اختلاف التقريرين وأن المقدم من الدفاع صورة تقرير، مما ينم عن عدم تفهم المحكمة لحقيقة هذا الدفع ومستند الطاعن، كما أن المدافع دفع ببطلان اعتراف...... - الذي سبق الحكم عليه - لصدوره نتيجة الوعد والتغرير، بدلالة أن عضو النيابة المحقق أمر بإخراج الموجودين من غرفة التحقيق وقت الإدلاء بهذا الاعتراف، كما أن الضابط كان موجوداً أثناء التحقيق، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع رداً غير سائغ، وعول الحكم على تحريات الشرطة رغم عدم صحتها، ورد على الدفع ببطلان تلك التحريات لعدم جديتها رداً قاصراً، كما عول الحكم على أقوال المجني عليه رغم عدم صحتها، فضلاً عن تضارب أقواله في محضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة في تصوير الواقعة وتحديد أدوار المتهمين، وعدم تحدثه عن السرقة بإكراه إلا بمناسبة إجابته على سؤال من المحقق بعد مرحلة طويل من التحقيق، وأن شاهديه كذباه في شهادتهما، كما أن التهمة ملفقة للطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه واعتراف........ - الذي سبق الحكم عليه - في حق الطاعن، وما جاء بتحريات الشرطة والتقرير الطبي، وحصلها بما مجمله أنه أثناء سير المجني عليه في طريق عام نزل الطاعن وآخرون - سبق الحكم عليهم - من سيارة وحملوا المجني عليه بالقوة إلى داخلها وشهر المحكوم عليه الأول مدية في وجهه وضربوه وتمكنوا من شل مقاومته وسرقة مبلغ 2265 جنيه أخذها الطاعن من جيبه، وقد ترك الاعتداء أثر إصابات بالمجني عليه، ثم جردوه من ملابسه وألقوا به في النيل، وفروا هاربين. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بتزوير التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه، وأطرحه في قوله "حيث إن الدفع ببطلان التقرير الطبي لاختلاقه واصطناعه فإن الثابت أن الحاضر مع المتهم قدم صورة من تقرير طبي باسم........ والتشخيص الثابت بهذا التقرير يخالف التشخيص الخاص بالمجني عليه......... والثابت بالتقرير الطبي بالمجني عليه أنه يوجد جرح قطعي بالذراع الأيمن في حين أن صورة التقرير الطبي التي تقدم بها الحاضر مع المتهم ثابت بها جرح قطعي باليد اليسرى، وأن الثابت بالتقرير الخاص بالمجني عليه وجود خدوش وسحجات بالركبة اليمنى في حين أن الثابت بصورة التقرير كدمة بالركبة اليمنى، أي أن هناك اختلاف كلي وجزئي بين التقرير الأصلي الخاص بالمجني عليه وصورة التقرير التي تقدم بها الحاضر مع المتهم، وبالتالي تصادم الأدلة القولية الأدلة الفنية وتبين أن صورة التقرير الطبي التي تقدم بها الدفاع تختلف إطلاقاً عن التقرير الأصلي الخاص بالمجني عليه، فتلتفت المحكمة عن هذا الدفع". ولما كان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، وكان هذا الذي قاله الحكم سائغاً ومن شأنه يؤدي إلى ما رتب عليه من إطراح دفاع الطاعن بتزوير التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه وطلبه الاستعلام من المستشفى بقصد التشكيك في التقرير الطبي، ولا ينال من ذلك ما أورده من أن الدفاع قدم صورة - بفرض أنها صورة معتمدة رسمياً - لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، فضلاً عن أنه لما كان الحكم قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للسرقة بإكراه في طريق عام من شخصين فأكثر بغير أن يترك الإكراه أثر جروح بالمجني عليه المنصوص عليها في المادة 315/ 2 من قانون العقوبات، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الطبي بإصابات المجني عليه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعتراف المحكوم عليه الآخر........ في حق الطاعن وأطرحه لاطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف لاتفاقه مع أقوال المحكوم عليهم من قبل وأقوال المجني عليه، وكان المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أنه من المقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته وما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر كله في ذلك إلى محكمة الموضوع، وكان القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات، وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه منع من الاطلاع على ما أثبته المحقق في التحقيقات بشأن اعتراف المحكوم عليه الأول - بل إنه يسلم في أسباب طعنه بوجود محاميه أثناء التحقيق، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات، ورد عليه في قوله "حيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فإنه من المستقر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها، وأن المحكمة تطمئن إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش والتي أسفرت عن ضبط المتهمين والمبالغ التي سرقوها من المجني عليه، فتلتفت المحكمة عن هذا الدفع". ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان أوجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض أقوال المجني عليه في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال المجني عليه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان عله إطراحها إياها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.