أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 175

جلسة 6 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وبدر الدين السيد ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلش.

(26)
الطعن رقم 17855 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(2) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". أمر حفظ. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
البلاغ الكاذب. لا عقاب عليه. إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله.
كذب الوقائع المبلغ عنها. ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب. أثر ذلك؟
العبرة في كذب البلاغ أو بصحته. بحقيقة الواقع.
الأمر الصادر من الجهة الإدارية بحفظ البلاغ أو التحقيق الإداري الذي أجرته في شأنه. ليس دليلاً على عدم صحة الوقائع المبلغ بها. أثر ذلك؟
خلو الحكم من بيان الوقائع المبلغ عنها والألفاظ التي تضمنتها شكوى الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية استناده في إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها على مجرد عجز الطاعن عن تقديم الدليل على صحتها وأن الجهة الإدارية أمرت بحفظ البلاغ. قصور.
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً.
2 - لما كان القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان كذب الوقائع المبلغ عنها ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب بحيث يجب الحكم بالإدانة أن يثبت كذلك البلاغ، ولا يصح القول بأنه إذا عجز المبلغ عن الإثبات فإن بلاغه يعتبر كذباً، إذ العبرة في كذب البلاغ أو صحته هي بحقيقة الواقع، وكان الأمر الذي تصدره الجهة الإدارية بحفظ بلاغ قدم إليها أو بحفظ التحقيق الإداري الذي أجرته في شأنه لا ينهض دليلاً على عدم صحة الوقائع التي انطوى البلاغ عليها، ولا يقيد المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب أو يحجبها عن واجبها في تمحيص الوقائع المبلغ عنها لتقدر بنفسها مدى صحتها أو كذبها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الوقائع المبلغ عنها والألفاظ التي تضمنتها شكوى الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية، لمراقبة ما إذا كانت هذه الوقائع وتلك الألفاظ تستوجب عقوبة المدعي بالحقوق المدنية من عدمه، واعتمد في إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها على مجرد عجز الطاعن عن تقديم الدليل على صحتها وأن الجهة الإدارية قد أمرت بحفظ البلاغ المقدم إليها في شأنها، فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل له.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن أمام محكمة قسم أول المنصورة بوصف أنه أبلغ كذباً ضده بأشياء غير صحيحة وبسوء نية كما هو موضح بعريضة الدعوى. وطلب عقابه عملاً بالمادة 305 عقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وأدلة الثبوت عليها، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن واتخذ من مجرد عجز الطاعن عن إثبات صحة الواقع المبلغ عنها دليلاً على كذب بلاغه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه واعتنق أسبابه - بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن أبلغ كذباً ضد المدعي بالحقوق المدنية بشكوى تقدم بها إلى مدير أمن..... متهماً إياه بالقذف والسب في حقه، وتحرر عن تلك الشكوى المحضر رقم..... لسنة..... إداري قسم أول..... الذي انتهى بالحفظ، واستدل الحكم على كذب الوقائع المبلغ عنها من مجرد حفظ الشكوى التي تقدم بها الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية وعلمه بأن الوقائع المبلغ عنها لا تشكل ثمة جريمة يعاقب عليها القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً. وكان القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمراً مستوجباً لعقوبة فاعله، وكان كذب الوقائع المبلغ عنها ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب بحيث يجب للحكم بالإدانة أن يثبت كذلك البلاغ، ولا يصح القول بأنه إذا عجز المبلغ عن الإثبات فإن بلاغه يعتبر كذباً، إذ العبرة في كذب البلاغ أو صحته هي بحقيقة الواقع، وكان الأمر الذي تصدره الجهة الإدارية بحفظ بلاغ قدم إليها أو بحفظ التحقيق الإداري الذي أجرته في شأنه لا ينهض دليلاً على عدم صحة الوقائع التي انطوى البلاغ عليها، ولا يقيد المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب أو يحجبها عن واجبها في تمحيص الوقائع المبلغ عنها لتقدر بنفسها مدى صحتها أو كذبها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الوقائع المبلغ عنها والألفاظ التي تضمنتها شكوى الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية، لمراقبة ما إذا كانت هذه الوقائع وتلك الألفاظ تستوجب عقوبة المدعي بالحقوق المدنية من عدمه، واعتمد في إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها على مجرد عجز الطاعن عن تقديم الدليل على صحتها وأن الجهة الإدارية قد أمرت بحفظ البلاغ المقدم إليها في شأنها، فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل له والموجب لنقضه والإعادة.