أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 759

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد فؤاد بدر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الحميد سند، كمال نافع نائبي رئيس المحكمة. يحيى عارف وأحمد الحديدي.

(295)
الطعن رقم 419 لسنة 54 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" إيجار المنشأة الطبية "التأجير من الباطن". "الامتداد القانوني". قانون.
(1) إلغاء النص التشريعي الذي يتضمن قاعدة عامة لا يتم إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. علة ذلك م 2 مدني.
(2) نص المادة 4 ق 51 لسنة 1981. عدم استحداثه أسباباً لانتهاء عقد الإيجار المبرم لمزاولة مهنة الطب مؤدى ذلك. امتداد عقد الإيجار لصالح ورثة المستأجر الأصلي دون اشتراط مشاركتهم له أو ممارسة أحدهم مهنة الطب م 5 ق 51 لسنة 1981. النص المذكور مجرد تطبيق خاص لنص م 29/ 2 ق 49 لسنة 1977.
(3) حق المستأجر في التأجير من الباطن. م 40/ ب ق 49 لسنة 1977. مناطه ورود التأجير على جزء من المكان المؤجر. عدم ورود نص مخالف بالقانون 51 لسنة 1981. مؤداه.
(4) صورية. محكمة الموضوع "تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي".
تقدير كفاية قرائن الصورية. هو مما تستقل به محكمة الموضوع. المنازعة في ذلك جدل موضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - إلغاء النص التشريعي الذي يتضمن قاعدة عامة لا يتم - وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدني - إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، ويقصد بالتعارض في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالها فيه معاً.
2 - إذ كان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد أورد نصوصاً عامة في التزامات المؤجر والمستأجر وقواعد إيجار الأماكن المفروشة تنطبق على جميع الأماكن المؤجرة أياً كان الغرض من تأجيرها وسواء كان لممارسة مهنة الطب أو غيرها من المهن أو الحرف الأخرى ثم صدر القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية يقرر في مادته الرابعة عدم انتهاء رخصة صاحب المنشأة الطبية بمجرد وفاته وجواز إبقائها لصالح الورثة مدة عشرين عاماً شريطة أن يتقدموا بطلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ الوفاة وأن يعين مديراً للمنشأة يكون طبيباً مرخصاً له بمزاولة المهنة يقوم بإخطار الجهة الإدارية ونقابة الأطباء بذلك، فإن تخرج أحد أبناء المتوفى من إحدى كليات الطب خلال هذه الفترة نقل ترخيص المنشأة باسمه وإن كان لا يزال بإحدى سنوات الدراسة بالكلية عند انتهاء المدة منح المهلة اللازمة لحين تخرجه لتنتقل إليه الرخصة، أما إذا انقضت المدة دون أن يكون من بين أبناء صاحب المنشأة طبيب أو طالب بإحدى كليات الطلب وجب على الورثة التصرف فيها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة ينتقل إليه الترخيص الذي ظل قائماً لصالحهم طوال هذه المدة وإلا حق للجهة الإدارية المختصة بمنح الترخيص التصرف في المنشأة، وكان هذا النص لم يستحدث أسباباًَ لانتهاء عقد إيجار الأماكن المؤجرة لمزاولة نشاط مهنة الطب على خلاف الحكم العام الوارد في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بالنسبة لسائر المهن الأخرى وإنما يفيد الإبقاء على رخصة صاحب المنشأة الطبية لصالح ورثته بعد وفاته وهو ما يؤكده النص في المادة الخامسة من ذات القانون على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين" مما مفاده أن عقد إيجار العيادة الطبية يمتد بقوة القانون لصالح ورثة المستأجر الأصلي ولو لم يشاركوه في استعمالها دون اشتراط ممارسة أحدهم مهنة الطب وليس ذلك إلا تطبيقاً خاصاً للنص الوارد في الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والتي تقضي باستمرار عقد الإيجار لصالح ورثة المستأجر الأصلي إذا ما كان يزاول في العين المؤجرة نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً.
3 - حق المستأجر في التأجير من الباطن في الحالة المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 "إذا كان مزاولاً لمهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة العامة وأجر جزء من المكان المؤجر له لهذا الغرض إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته" أن يرد التأجير من الباطن في هذه الحالة على جزء من المكان المؤجر فقط ولا يشمله كله، وكانت نصوص قانون المنشآت الطبية رقم 51 لسنة 1981 قد خلت من نص صريح بإلغاء حكم المادة 40 سالفة الإشارة، كما لم يأت بتنظيم جديد في خصوص تأجير جزء من العين المؤجرة من الباطن إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنة أو حرفة المستأجر الأصلي كما لا يستحيل إعمال حكم النصين لانعدام التعارض بينهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم في نتيجته حكم هذا النص وأقام قضاءه بإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار عن ذات النزاع لورثة المستأجر الأصلي الذي كان يستعمل العين عيادة طبية وبرفض دعوى إخلائهم منها لحصول التنازل عن جزء من العين المؤجرة طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالفة الإشارة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
4 - تقدير كفاية قرائن الصورية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يقع على عاتق من يدعيه وتستقل به محكمة الموضوع، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض صورية عقد الإيجار على ما أورده من خلو الأوراق من دليل يساند قولهم المرسل في هذا الشأن وهو ما يكفي لحمل هذا القضاء فإن النعي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدها أقام الدعوى رقم 3828 سنة 1981 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار له عن شقة النزاع بذات شروط المستأجر الأصلي استناداً إلى أنه يحل محل مورثه المرحوم......... الذي كان يستعمل العين لممارسة نشاطه المهني كطبيب وينتقل إليه الحق في الانتفاع بها طبقاً للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، كما أقام الطاعنون دعوى فرعية بطلب إنهاء عقد الإيجار والتسليم للتنازل عن العين المؤجرة بغير إذن صريح منهم، حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدهم بذات شروط عقد المورث الأصلي، وفي الدعوى الفرعية برفضها، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 133 سنة 39 ق الإسكندرية، وبتاريخ 10/ 12/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بالسببين الأول والثاني للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه على أن النزاع يخضع لحكم المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن تنظيم المنشآت الطبية باعتبارها نصوصاً خاصة بالنسبة لنصوص قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977، فإذ انتفت شرائط إعمال هذه النصوص تعين الرجوع إلى القانون الأخير باعتباره القانون العام في هذا الصدد، حال أنه طبقاً للقواعد العامة لا يكون إلغاء النص التشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على ذلك أو يشتمل على نص يتعارض معه أو يأتي بقواعد جديدة منظمة للموضوع، ومن ثم فإنه يشترط لعدم انتهاء عقد إيجار المنشأة الطبية أن يستمر مزاولة ذات النشاط المهني فيهما وأن يطلب ورثة المستأجر لهما التراخيص لهم بذلك في مدى ستة أشهر من تاريخ الوفاة، كما فات الحكم أن استمرار ورثة مستأجر عين النزاع مزاولة ذات النشاط فيها غير متاح لهم لأنه ليس من بينهم من هو مؤهل للعمل كطبيب ولم يطلبوا التصريح لهم بممارسة النشاط بواسطة الغير بما يكون معه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن إلغاء النص التشريعي الذي يتضمن قاعدة عامة لا يتم وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدني - إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظمه من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع، ويقصد بالتعارض في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معاً، ولما كان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد أورد نصوصاً عامة في التزامات المؤجر والمستأجر وقواعد إيجار الأماكن المفروشة تطبق على جميع الأماكن المؤجرة أياً كان الغرض من تأجيرها وسواء كان لممارسة مهنة الطب أو غيرها من المهن أو الحرف الأخرى ثم صدر القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية يقرر في مادته الرابعة عدم انتهاء رخصة صاحب المنشأة الطبية بمجرد وفاته وجواز إبقائها لصالح الورثة مدة عشرين عاماً شريطة أن يتقدموا بطلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ الوفاة وأن يعين مدير للمنشأة يكون طبيباً مرخصاً له بمزاولته المهنة يقوم بإخطار الجهة الإدارية ونقابة الأطباء بذلك، فإن تخرج أحد أبناء المتوفى من إحدى كليات الطب خلال هذه الفترة نقل ترخيص المنشأة باسمه وإن كان لا يزال بإحدى سنوات الدراسة بالكلية عند انتهاء المدة منح المهلة اللازمة لحين تخرجه لتنتقل إليه الرخصة، أما إذا انقضت المدة دون أن يكون من بين أبناء صاحب المنشأة طبيباً أو طالب بإحدى كليات الطلب وجب على الورثة التصرف فيها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة ينتقل إليه الترخيص الذي ظل قائماً لصالحهم طوال هذه المدة والحق للجهة الإدارية المختصة بمنح الترخيص التصرف في المنشأة، وكان هذا النص لم يستحدث أسباباً لانتهاء عقد إيجار الأماكن المؤجرة لمزاولة نشاط مهنة الطب على خلاف الحكم العام الوارد في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بالنسبة لسائر المهن الأخرى وإنما يقيد الإبقاء على رخصة صاحب المنشأة الطبية لصالح ورثته بعد وفاته وهو ما يؤكده النص في المادة الخامسة من ذات القانون على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنهما لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين" مما مفاده أن عقد إيجار العيادة الطبية يمتد بقوة القانون لصالح ورثة المستأجر الأصلي وإن لم يشاركوه في استعمالها دون اشتراط ممارسة أحدهم مهنة الطب وليس ذلك إلا تطبيقاً خاصاً للنص الوارد في الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والتي تقضي باستمرار عقد الإيجار لصالح ورثة المستأجر الأصلي إذا ما كان يزاول في العين المؤجرة نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً، لما كان ذلك، وكان مناط حق المستأجر في التأجير من الباطن في الحالة المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 "إذا كان مزاولاً لمهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة العامة وأجر جزء من المكان المؤجر له لهذا الغرض إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته" أن يرد التأجير من الباطن في هذه الحالة على جزء من المكان المؤجر فقط ولا يشمله كله، وكانت نصوص قانون المنشآت الطبية رقم 51 لسنة 1981 قد خلت من نص صريح بإلغاء حكم المادة 40 سالفة الإشارة. كما لم يأت بتنظيم جديد في خصوص تأجير جزء من العين المؤجرة من الباطن إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنة أو حرفة المستأجر الأصلي كما لا يستحيل إعمال حكم النصين معاً لانعدام التعارض بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذا التزم في نتيجته حكم هذا النص وأقام قضاءه بإلزام الطاعنين بتحرير عقد إيجار عن ذات عين النزاع لورثة المستأجر الأصلي الذي كان يستعمل العين عيادة طبية وبرفض دعوى إخلائهم منها لحصول التنازل عن جزء من العين المؤجرة طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالفة الإشارة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث للطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك أنهم تمسكوا بصورية عقد الإيجار المبرم بين المطعون ضدهم وبين مجموعة ويزدو منه بتأجير أربع حجرات من خمسة تقسم إليها عين النزاع وبأن هذا العقد يسري تنازلاً عن العين المؤجرة وطلبوا تمكنهم مع إثبات هذا الدفاع إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن تقدير كفاية قرائن الصورية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقع على عاتق من يدعيه وتستقل به محكمة الموضوع، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض صورية عقد الإيجار على ما أورده من خلو الأوراق من دليل يساند قولهم المرسل في هذا الشأن وهو ما يكفي لحمل هذا القضاء فإن النعي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.