أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 808

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الرحمن فكري.

(302)
الطعن رقم 482 لسنة 56 القضائية

1 - قضاة "عدم الصلاحية". دعوى.
عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى. وجوب امتناعه عن سماعها لسبق نظرها، مقتضاه. م 146 مرافعات.
2 - حكم "إصدار الحكم".
وجوب صدور الحكم من الهيئة التي سمعته. تخلف أحد أعضائها عن حضور جلسة النطق به. وجوب توقيعه على مسودته وأن يحل غيره محله وقت النطق به وإثبات ذلك في الحكم.
المتمسك بعدم حصول المداولة قانوناً. وجوب تقديمه الدليل. المناط في ذلك.
3 - قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم".
القضاء في المسألة الأساسية الواحدة بين ذات الخصوم، اكتسابه قوة الأمر المقضي. أثره.
1 - النص في المادة 146 من قانون المرافعات على عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى ووجوب امتناعه عن سماعها إن كان قد سبق له نظرها يقتضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى المواد 167، 170، 178 من قانون المرافعات أنه يتعين أن يكون الحكم صادراً من ذات الهيئة التي سمعت المرافعة وإذا تخلف أحد أعضائها عن حضور جلسة النطق به فإنه يتعين أن يوقع على مسودته على أن يحل غيره محله وقت النطق به مع إثبات ذلك في الحكم وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى المتمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقدم دليله وأن المناط في هذا الخصوص هو بالبيانات المثبتة بالحكم ويكمل بما يرد بمحضر الجلسة في خصوصه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية يترتب على ثبوتها أو عدم ثبوتها القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه، فإن هذا القضاء - متى صار نهائياً - يحوز قوة الأمر المقضي في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم وبمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف على ثبوت أو انتفاء ذات المسألة السابق الفصل فيها - بين هؤلاء الخصوم، وأن الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي - سواء كانت صادرة في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة - تكون حجة فيما فصلت من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 307 لسنة 1982 مدني كلي الإسماعيلية ضد الطاعنة والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1978 وإخلاء العين المؤجرة والتسليم وقالت بياناً لها إنه بموجب هذا العقد استأجر منها المطعون ضده الثاني الشقة المبينة بالصحيفة وإذ قام بتأجيرها من الباطن للطاعنة دون إذن كتابي منها فقد أقامت الدعوى بطلباتها. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين قضت برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 105 سنة 10 ق الإسماعيلية، وبتاريخ 20/ 1/ 1986 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة طلبات المطعون ضدها الأولى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك تقول إن عضو يمين الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق له نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وسمع مرافعة الخصوم واطلع على مستنداتها وأصدر فيها حكماً تمهيدياً بالتحقيق وسمع شهودها وكون عقيدته فيها فأضحى بذلك غير صالح لنظر الدعوى في الاستئناف ممنوعاً من سماعها - وهو ما يعيب الحكم بالبطلان ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن ما تنص عليه المادة 146 من قانون المرافعات على عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى ووجوب امتناعه عن سماعها إن كان قد سبق له نظرها يقتضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً. ولما كان الثابت من الاطلاع على حكم التحقيق الذي أصدره عضو يمين الدائرة الاستئنافية بتاريخ 25/ 12/ 1983 إبان عمله بمحكمة الإسماعيلية الابتدائية أنه لم يحرر له أسباب وقد خلا منطوقه مما يشف عن رأي المحكمة في موضوع الدعوى فإنه لا يفقد القاضي الذي أصدره صلاحية نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم القطعي من ذات المحكمة بهيئة أخرى في تلك الدعوى ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك تقول إن عضو يسار الدائرة الاستئنافية - المستشار...... الذي سمع المرافعة لم يحضر جلسة النطق بالحكم ولم يوقع على مسودته وأن الذي حضر تلاوته ووقع مسودته المستشار....... الذي لم يسمع المرافعة بما يعيب الحكم بالبطلان ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى المواد 167، 170، 178 من قانون المرافعات أنه يتعين أن يكون الحكم صادراً من ذات الهيئة التي سمعت المرافعة وإذا تخلف أحد أعضائها عن حضور جلسة النطق به فإنه يتعين أن يوقع على مسودته على أن يحل غيره محله وقت النطق به مع إثبات ذلك في الحكم وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى المتمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقدم دليله والمناط في هذا الخصوص هو بالبيانات المثبتة بالحكم ويكمل بما يرد بمحضر الجلسة في خصوصه. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي تداولت فيه وأصدرته ووقعت على مسودته مشكلة برئاسة وعضوية المستشارين...... و...... و...... وكان ثلاثتهم ضمن أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وفقاً للثابت بمحضر الجلسة 16/ 11/ 1985 التي حجز فيها الاستئناف للحكم، وإذ كان عضو اليسار قد وقع على مسودة الحكم وتخلف عن جلسة النطق به وأثبت في الحكم أن المستشار........ قد حل محله، فإن الإجراءات قد روعيت وإذ جاءت الأوراق خلواً مما يدحض المداولة قانوناً على النحو الذي أثبته الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 171 لسنة 1983 مدني جزئي الإسماعيلية رغم اختلاف المحل والسبب وهو منه خطأ في تطبيق القانون وقد حجبه ذلك عن مناقشة مستنداتها التي تثبت إقامتها قبل شراء المطعون ضدها الأولى للعقار وأعرض عن أقوال شهودها التي اطمأنت إليها محكمة الدرجة الأولى وأغفل الرد على طلبها ندب خبير في الدعوى - وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية يترتب على ثبوتها أو عدم ثبوتها القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه، فإن هذا القضاء - متى صار نهائياً - يحوز قوة الأمر المقضي في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم وبمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف على ثبوت أو انتفاء ذات المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم، وأن الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي - سواء كانت صادرة في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة - تكون حجة فيما فصلت من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم الصادر بتاريخ 27/ 11/ 1983 بين نفس الخصوم في الدعوى رقم 171 لسنة 1983 مدني جزئي الإسماعيلية قد قضى بإلزام الطاعنة والمطعون ضده الثاني بالتضامم بأن يؤديا للمطعون ضدها مبلغ 240 جنيه قيمة إيجار شقة النزاع في الفترة من 1/ 7/ 1982 حتى 1/ 10/ 1983 وفصل في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه في مسألة أساسية هي ثبوت واقعة تأجير المطعون ضدها الثاني للشقة استئجاره من المطعون ضدها الأولى من الباطن إلى الطاعنة دون إذن كتابي، وإذ أصبح هذا الحكم نهائياً فإنه يكون قد حاز قوة الأمر المقضي بشأنها وبات حجة فيما فصل فيه - في الدعوى المطروحة والتي تطالب فيها المطعون ضدها الأولى بفسخ عقد الإيجار لقيام المطعون ضده الثاني بتأجيرها شقة النزاع إلى الطاعنة دون إذن كتابي وبإخلائهما منها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه في قضائه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا عليه إن هو لم يناقض مستندات الطاعنة أو يرد على طلبها ندب خبير لأنه لا يجوز قبول دليل يناقش حجية الحكم السابق ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.