أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 738

جلسة 8 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعلي الصادق عثمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.

(113)
الطعن رقم 8127 لسنة 64 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي" "تنازع الاختصاص". نيابة عامة.
تنازع الاختصاص المنصوص عليه في المادتين 226، 227إجراءات جنائية. مناط تحققه؟
- قيام التنازع بحكم واحد جائز. للنيابة العامة في هذه الحالة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة. دون انتظار صدور الحكم آخر من محكمة أخرى. شرط ذلك؟
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي" "تنازع الاختصاص". نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة".
قضاء محكمة الجنح المستأنفة بعدم الاختصاص باعتبار الواقعة جناية. أخذاً منها بأحد التقارير الطبية الموقعة على المجني عليه تتوافر به حالة تنازع الاختصاص. علة ذلك؟
متى يتوافر حالة التنازع الذي يبيح للنيابة العامة تقديم طلب لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى؟
(3) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". اختصاص.
الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع. غير جائز. حد ذلك؟
صدور الحكم المطعون فيه من محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاصها. الطعن فيه بطريق النقض. غير جائز. علة ذلك؟
1 - البين من نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنازع الاختصاص المنصوص عليه في هاتين المادتين يكون حينما يقع تنازع إيجابي أو تنازع سلبي في الاختصاص بين جهتين من جهات التحقيق أو الحكم تابعتين لمحكمة ابتدائية واحدة أن بين جهتين تابعتين لمحكمتين ابتدائيتين أو من محكمتين ابتدائيتين أو من محكمتين من محاكم الجنايات أو محكمة عادية ومحكمة استثنائية قررت كل منها نهائياً اختصاصها، وهذه هي صورة التنازع الإيجابي أو عدم اختصاصها وتلك هي صورة التنازع السلبي، كما أن التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى ذلك حرصاً على العدالة وتجنب تعطيلها، ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها - ودون إعمال السلطة التقديرية للمحكمة بقيام هذا التنازع.
2 - لما كانت الدعوى قد ضمت بين أوراقها في المرحلة الاستئنافية تقريرين طبيين شرعيين أولهما بتاريخ...... انتهى إلى تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه من جراء إصابته والثاني بتاريخ..... انتهى إلى عدم تخلف عاهة مستديمة لديه، وقد أخذت محكمة الجنح المستأنفة بالتقرير الأول وأسست عليها قضاءها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأنها جناية، وذلك إعمالاً لحقها في المفاضلة بين تقارير الخبراء والأخذ بما تراه منها وإطراح ما عداه دون معقب لتعلق ذلك الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وإذا كانت الأوراق - على السياق المتقدم - لا تقطع بذاتها بقيام التنازع، لأن القضاء بعدم الاختصاص هنا مبنى على سلطة المحكمة في تقدير الدليل، كما أن الأمر من بعد متروك لسلطة محكمة الجنايات، التي تحال إليها الدعوى، في تقدير التقارير الطبية والمفاضلة بينها، قد ترى الأخذ بالتقرير الأول، وبالتالي لا يكون ثمة تنازع، وقد ترى الأخذ بالتقارير الآخر وتقضى بعدم اختصاصها، وهنا فقط يقوم التنازع الذي يبيح للنيابة العامة تقديم طلب لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان صدور الحكم - أساس الطلب - من محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، لأن الواقعة جناية استناداً منها إلى أحد التقارير الطبية المقدمة في الدعوى لا يقيم تنازعاً، فإن طلب النيابة العامة بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى يضحى على غير أساس متعيناً رفضه.
3 - لما كانت المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، لا تجيز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إلا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاصها لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً حتماً من السير فيها - على السياق المتقدم - فإنه يتعين القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: أحدث عمداً...... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الخاصة مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مديناً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم الدقي قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف كل من المحكوم عليه والنيابة العامة ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإعمال شئونها فيها.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ. كما قدمت النيابة العامة طلباً لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى.


المحكمة

أولاً: الطلب المقدم من النيابة العامة: -
من حيث إن مبنى الطلب المقدم من النيابة العامة هو أن محكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها لأن الواقعة المسندة إلى المتهم جناية، إذ تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة، رغم أن الثابت من الأوراق أن تقرير اللجنة الطبية المشكلة من كبير الأطباء الشرعيين ومساعديه قد انتهت إلى أن المجني عليه شفي من إصابته دون تخلف عاهة مستديمة مما لازمه أن محكمة الجنايات سوف تقضي حتما بعدم اختصاصها فيما لو أحيلت إليها هذه الدعوى وهو ما يؤذن للنيابة العامة أن تطلب إلى محكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بالفصل في الدعوى تطبيقاً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد..... بوصف أنه في يوم..... ضرب المجني عليه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. فقضت محكمة جنح الدقي الجزئية بتغريمه عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه كما استأنفت النيابة العامة وقضت محكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعد اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإعمال شؤونها فيها، وذلك تأسيساً على أن الواقعة المسندة إلى المتهم جناية إذ تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة أخذاً بما انتهى إليه تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ...... لما كان ذلك، وكان يبين من نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنازع الاختصاص المنصوص عليه في هاتين المادتين يكون حينما يقع تنازع إيجابي أو تنازع سلبي في الاختصاص بين جهتين من جهات التحقيق أو الحكم تابعتين لمحكمة ابتدائية واحدة أن بين جهتين تابعتين لمحكمتين ابتدائيتين أو من محكمتين ابتدائيتين أو من محكمتين من محاكم الجنايات أو محكمة عادية ومحكمة استثنائية قررت كل منها نهائياً اختصاصها، وهذه هي صورة التنازع الإيجابي أو عدم اختصاصها وتلك هي صورة التنازع السلبي، كما أن التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى ذلك حرصاً على العدالة وتجنب تعطيلها، ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها ودون إعمال السلطة التقديرية للمحكمة بقيام هذا التنازع. لما كان ذلك، وكانت الدعوى قد ضمت بين أوراقها في المرحلة الاستئنافية تقريرين طبيين شرعيين أولهما بتاريخ...... انتهى إلى تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه من جراء إصابته والثاني بتاريخ..... انتهى إلى عدم تخلف عاهة مستديمة لديه، وقد أخذت محكمة الجنح المستأنفة بالتقرير الأول وأسست عليها قضاءها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأنها جناية، وذلك إعمالاً لحقها في المفاضلة بين تقارير الخبراء والأخذ بما تراه منها وإطراح ما عداه دون معقب لتعلق ذلك الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وإذا كانت الأوراق - على السياق المتقدم - لا تقطع بذاتها بقيام التنازع، لأن القضاء بعدم الاختصاص هنا مبنى على سلطة المحكمة في تقدير الدليل، كما أن الأمر من بعد متروك لسلطة محكمة الجنايات، التي تحال إليها الدعوى، في تقدير التقارير الطبية والمفاضلة بينها، قد ترى الأخذ بالتقرير الأول، وبالتالي لا يكون ثمة تنازع، وقد ترى الأخذ بالتقارير الأخر وتقضي بعدم اختصاصها، وهنا فقط يقوم التنازع الذي يبيح للنيابة العامة تقديم طلب لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان صدور الحكم - أساس الطلب - من محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاها بنظر الدعوى، لأن الواقعة جناية استناداً منها إلى أحد التقارير الطبية المقدمة في الدعوى لا يقيم تنازعاً، فإن طلب النيابة العامة بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى يضحى على غير أساس متعيناً رفضه.
ثانياً: - الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إنه لما كانت المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، لا تجيز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إلا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاصها لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً حتماً من السير فيها - على السياق المتقدم - فإنه يتعين القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من المحكوم عليه.