أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 904

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد سليمان نائب رئيس المحكمة، محمد وليد الجارحي، محمد محمد طيطه ومحمد بدر الدين توفيق.

(314)
الطعن رقم 181 لسنة 56 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" الأماكن التي تشغل بسبب العمل". قانون "إلغاء القانون".
1 - حق العاملين بالدولة والقطاع العام الذين انتهت خدمتهم وملاك العقارات المؤجرة للغير في المحافظات ولأقاربهم حتى الدرجة الثانية في أولوية تأجير الوحدات السكنية التي تقيمها الدولة أو المحافظات أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام. م 22/ 1 ق 136 لسنة 1981. لا حق لهؤلاء العاملين في البقاء في المساكن التي كانوا يشغلونها قبل انتهاء خدمتهم لحين تدبير مساكن لهم.
2 - السلطة الأدنى في مدارج التشريع. عدم جواز إلغائها أو تعديلها لقاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى أو إضافة أحكام جديدة إليها إلا بتفويض خاص من السلطة العليا أو القانون.
3 - المساكن التي تشغل بسبب العمل. عدم سريان أحكام الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 عليها. م 2/ أ ق 49 لسنة 1977. وجوب إعمال حكم المادة المذكورة دون التعليمات الإدارية بامتداد عقود تلك المساكن إلى حين تدبير مساكن أخرى لشاغليها. علة ذلك.
4 - نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد". التزام. "أوصاف الالتزام".
تمسك الطاعنين بأن إقامتهم في مساكن الشركة المطعون ضدها إلى حين تدبير مساكن مناسبة لهم يعتبر من قبيل الأجل إعمالاً للمادة 346 من القانون المدني. دفاع قانوني يخالطه واقع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يدل على أن المشرع - رعاية لمن انتهت خدمتهم من العاملين بالدولة وبالقطاع العام ولملاك العقارات المؤجرة للغير في المحافظات ولأقاربهم حتى الدرجة الثانية - منحهم أولوية في تأجير الوحدات السكنية التي تقيمها - الدولة أو المحافظات أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام - ولم يمنح أولئك العاملين حق البقاء في المساكن التي كانوا يشغلونها قبل انتهاء خدمتهم إلى حين تدبير مساكن أخرى لهم.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو أن تعدل قاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون.
3 - إذ كانت المادة 2/ أ من القانون رقم 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - المقابلة للمادة 2/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - قد استثنت المساكن التي تشغل بسبب العمل من الخضوع لأحكام الباب الأول من القانون، فإن صدور تعليمات إدارية بامتداد عقود إشغال تلك المساكن إلى حين تدبير مساكن أخرى لشاغليها لما يتعارض مع ذلك التشريع الأعلى الذي لا يسمح بامتداد العقود المشار إليها إلى ما بعد انتهاء خدمة العامل. ومن ثم يتعين إعمال أحكامه دون التعليمات لأنها لا تملك إلغاءه أو تعديله أو تعطيل أحكامه أو الإعفاء منها.
4 - إذ كان ما أثاره الطاعنون أمام - محكمة النقض - لأول مرة من أن الحكم باستمرار إقامتهم في مساكن الشركة المطعون ضدها إلى حين تدبير مساكن مناسبة لهم يعتبر من قبيل الأجل الذي يمنحه القاضي لتنفيذ الالتزام طبقاً للفقرة الثانية من المادة 346 من القانون المدني ذلك أن هذا الدفاع الجديد - بافتراض سداده قانوناً - يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو التحقق من مدى توافر شروط تطبيق هذا النص - التي تتطلب التحقق من تأثر حالة المدين بالتنفيذ وعدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن من إرجائه. ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على الشركة المطعون ضدها الدعوى 8800 سنة 1982 مدني جنوب القاهرة طلبوا الحكم - بصفة أصلية - باستمرار العلاقة الإيجارية بينهم وبين الشركة عن الوحدات السكنية المبينة في الصحيفة، وبعدم تعرضها لهم في الانتفاع بها، واحتياطياً بإبقاء تلك العلاقة حتى يتم تدبير مساكن لهم ولأسرهم في الوحدات السكنية التي تقيمها الدولة والمحافظات والهيئات العامة وشركات القطاع العام وقالوا شرحاً لدعواهم إنهم كانوا من بين العاملين لدى الشركة المطعون ضدها وأنها أسكنتهم في مدينة الصلب الجديدة بالتبين بمقتضى عقود إيجار أبرمتها معهم. وإذ انتهت خدمتهم ببلوغ سن الإحالة إلى المعاش أنذرتهم بإخلاء تلك الوحدات ولما لم يمتثلوا تعرضت لهم تعرضاً مادياً فأقاموا الدعوى. ومحكمة أول درجة حكمت برفض الطلب الأصلي، وقضت في الطلب الاحتياطي باستمرار إقامة الطاعنين في مساكن الشركة إلى حين تدبير مساكن مناسبة لهم. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم - فيما قضى به في الطلب الاحتياطي - بالاستئناف رقم 1233 لسنة 102 ق القاهرة. وبتاريخ 19/ 11/ 1985 قضت المحكمة بإلغاء هذا الشق من الحكم ورفض الطلب الاحتياطي. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، وفي بيان ذلك يقولون إنه إعمالاً لحكم المادة 22/ 1 من القانون رقم 136 سنة 1981 أصدرت اللجنة العليا للتخطيط واللجنة العليا للسياسات كما أصدر كل من رئيس الوزراء ووزير الصناعة تعليمات بألا يطرد عامل من مسكنه بسبب انتهاء خدمته حتى يتم تدبير مسكن آخر له في المساكن التي تقيمها الدولة والمحافظات والهيئات العامة وشركات القطاع العام، ومن ثم فإن استمرار انتفاعهم بالوحدات السكنية موضوع النزاع إلى حين تدبير مساكن أخرى لهم لا يتعارض مع حكم المادة 2/ أ من القانون رقم 49 سنة 1977 وإنما هو من قبيل الأجل الذي يمنحه القاضي للمدين تنفيذاً لالتزامه طبقاً للمادة 346/ 2 من القانون المدني. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقصر نطاق تطبيق المادة 22/ 1 المشار إليها على المساكن التي تقيمها الجهات سالفة الذكر ابتداء لإسكان الكافة دون تلك التي يشغلونها وخالف ما صدر من تعليمات ملزمة في هذا الصدد، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - على أن "تعطي أولوية في تأجير الوحدات السكنية التي تقيمها الدولة أو المحافظات أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام لتلبية احتياجات العاملين الذين انتهت خدمتهم من شاغلي المساكن التابعة للحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة وشركات القطاع العام، وكذلك ملاك العقارات وأقاربهم حتى الدرجة الثانية في المحافظات التي يؤجرون بها وحدات العقارات المملوكة لهم للغير. وتوزيع هذه الوحدات بينهم وفقاً للأولويات التي يصدر بها قرار من المحافظ المختص" - يدل على أن المشرع - رعاية لمن انتهت خدمتهم من العاملين بالدولة وبالقطاع العام ولملاك العقارات المؤجرة للغير في المحافظات ولأقاربهم حتى الدرجة الثانية - منحهم أولوية في تأجير الوحدات السكنية التي تقيمها الجهات السالف ذكرها ولم يمنح أولئك العاملين حق البقاء في المساكن التي كانوا يشغلونها قبل انتهاء خدمتهم إلى حين تدبير مساكن أخرى لهم. ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو أن تعدل قاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون، وكانت المادة 2/ أ من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - المقابلة للمادة 2/ 1 من القانون رقم 52 سنة 1969 - قد استثنت المساكن التي تشغل بسبب العمل من الخضوع لأحكام الباب الأول من القانون، فإن صدور تعليمات إدارية بامتداد عقود إشغال تلك المساكن إلى حين تدبير مساكن أخرى لشاغليها لما يتعارض مع ذلك التشريع الأعلى الذي لا يسمح بامتداد العقود المشار إليها إلى ما بعد انتهاء خدمة العامل ومن ثم يتعين إعمال أحكامه دون التعليمات لأنها لا تملك إلغاءه أو تعديله أو تعطيل أحكامه أو الإعفاء منها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أقام عليه قضاءه من أنه إعمالاً لنص المادة الثانية من القانون المدني فإنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص تشريع قائم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن كل ما أثاره المستأنف عليهم من صدور تصريحات أو مذكرات أو قرارات لرئيس مجلس الوزراء أو لأي وزير إذا تعارض ذلك من نص تشريعي قائم........ ولما كان نص المادة 22/ 1 من القانون رقم 136 سنة 1981 موجه إلى الدولة والمحافظات والهيئات العامة وشركات القطاع العام في حالة إقامتها وحدات سكنية بقصد تأجيرها ابتداء للكافة، وغير موجه لها في حالة إقامتها وحدات سكنية بقصد إسكان العاملين بها آية ذلك أن هذا النص ألزم هذه الجهات أيضاً إعطاء أولوية في التأجير لملاك العقارات وأقاربهم حتى الدرجة الثانية في المحافظة التي يؤجرون بها وحدات العقارات المملوكة لهم للغير...... ومن ثم فإن المحكمة ترى أن هذا النص (م 22/ 1) لا يسري على الشركة المستأنفة والتي أقامت وحدات سكنية خاصة لإسكان العاملين بها، ولا يتصور إلزامها في إسكان هؤلاء العمال الذين انتهت عقود عملهم لمخالفة ذلك لنص المادة 22/ 1 السالفة ومن قبله نص المادة 2/ أ من القانون رقم 49 سنة 1977" - فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه في غير محله لا يغير من هذا ما أثاره الطاعنون أمام هذه المحكمة - لأول مرة - من أن الحكم باستمرار إقامتهم في مساكن الشركة المطعون ضدها إلى حين تدبير مساكن مناسبة لهم يعتبر من قبيل الأجل الذي يمنحه القاضي لتنفيذ الالتزام طبقاً للفقرة الثانية من المادة 346 من القانون المدني ذلك أن هذا الدفاع الجديد - بافتراض سداده قانوناً يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو التحقق من مدى توافر شروط تطبيق هذا النص التي يتطلب التحقق من تأثر حالة المدين بالتنفيذ وعدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن من إرجائه - ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.