أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 958

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة، عبد العال السمان.

(321)
الطعن رقم 3 لسنة 56 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". قانون.
حق المستأجر في التأجير مفروش بغير موافقة المالك. م 21 بق 136 لسنة 1981. مصدره القانون. عبارة بغير موافقة المالك. الواردة بنص هذه المادة. المقصود منها. إيضاح مفهوم الحق المقرر للمستأجر بنص المادة 40 بق 49 لسنة 1977.
(2) إيجار "الإيجار من الباطن" عقد "عقد الإيجار". قانون.
الأصل تحريم التأجير من الباطن في ظل تشريعات إيجار الأماكن بغير إذن كتابي صريح من المالك. ولو خلا عقد الإيجار من شرط الحظر. مؤدى ذلك. على من يدعي خلاف ذلك عبء إثباته.
(3) إيجار "أسباب الإخلاء: التأجير من الباطن". دعوى "الخصوم في الدعوى".
دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن. محلها. فسخ عقد الإيجار الأصلي. مؤدى ذلك. وجوب اختصام المستأجر الأصلي. اختصام المؤجر للمستأجر من الباطن دون المستأجر الأصلي. أثره. عدم قبول الدعوى. اختصام المستأجر الأصلي وحده. كاف. علة ذلك.
1 - النص في المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 والمادة 21 من القانون 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع لم ينشئ بنص المادة 21 سالفة الذكر حكماً جديداً بالنسبة لحق المستأجر في تأجير المكان المؤجر له مفروشاً، وأن إيراده عبارة بغير موافقة المالك على النص السابق لا يعدو أن يكون إيضاحاً لمفهوم الحق المقرر للمستأجر بموجب المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 وتجلية له، باعتبار أنه إنما يستمد حقه في تأجير المكان المؤجر في الحالات الواردة في هذه المادة من القانون مباشرة، دون حاجة إلى موافقة المالك.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حظر التأجير من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك هو حكم تشريعي قائم منذ العمل بالقانون رقم 121 لسنة 1947 بالنص عليه في المادة 4 فقرة ب وهو ما رددته المواد 23/ ب بالقانون 52 لسنة 1969، 31/ ب من القانون 49 لسنة 1977، 18/ ج من القانون 136 لسنة 1981 مما مقتضاه أن الأصل في تشريعات إيجار الأماكن هو تحريم التأجير من الباطن ومن ثم فقد بات على من يدعي خلاف هذا الأصل عبء إثبات ما يدعيه، وكان الأثر الفوري لهذه التشريعات المتلاحقة يوجب سريان هذا الحكم على كل تأجير من الباطن يتم في ظلها ولو خلا عقد الإيجار من شرط الحظر.
3 - دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن بدون إذن كتابي من المؤجر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محلها فسخ الإجارة الصادرة منه إلى المستأجر الأصلي وليس الإيجار من الباطن إذ أنه ينقضي حتماً بانقضاء الإيجار الأصلي، ومن ثم فهي ترفع منه على الأخير ليقول كلمته فيما أسند إليه من إخلال بالعقد، فإذا لم يختصم في الدعوى واختصم المستأجر من الباطن وحده كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، على أنه يجوز للمؤجر أن يدخل المستأجر من الباطن في الدعوى إلى جوار المستأجر الأصلي وإن كان ذلك غير ضروري لأن الحكم الصادر ضد المستأجر الأصلي يجوز تنفيذه على المستأجر من الباطن ولو لم يختصم في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2517 لسنة 82 لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وبعقد الإيجار المؤرخ 23 سبتمبر سنة 1961 المؤجر للطاعن في مواجهة من يدعى....... غير مختصم في الطعن - وقالت بياناً لها إنه نمى إلى علمها أن الطاعن قام بترك هذه الشقة للأخير بقصد الاستغناء عنها نهائياً فأقامت الدعوى ليقضى بمطلبها آنف البيان وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق قضت في 20 إبريل سنة 1984 برفضها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 470 لسنة 40 قضائية، وبجلسة 16 أكتوبر سنة 1985 قرر الحاضر عن المطعون ضدها ترك الخصومة في الاستئناف بالنسبة للمستأنف ضده الثاني....... وأضاف سبباً جديداً لطلب الإخلاء هو قيام الطاعن بتأجير الشقة موضوع النزاع إلى الأخير بغير موافقتها. وبتاريخ 18 نوفمبر سنة 1985 حكمت المحكمة بإثبات ترك الخصومة بالنسبة....... وبإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من العين المؤجرة ممن يشغلها وتسليمها خالية إلى المطعون ضدها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإخلائه من العين المؤجرة على سند من ثبوت تأجيره لها من الباطن بغير إذن من المطعون ضدها دون أن يفطن إلى أن المادة 21 من القانون 136 لسنة 81 قد عدلت أحكام المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فأصبح للمستأجر وفقاً لها الحق في أن يؤجر شقة واحدة في نفس المدينة بغير موافقة المالك ودون التقيد بأحكامها، وإلى أن قرار وزير الإسكان رقم 33 لسنة 1978 الصادر تنفيذاً للمادة 44 من القانون 49 لسنة 1977 قد أجاز للمستأجرين غير المقيمين في المصايف والمشاتي ويستغلون الأماكن المؤجرة لهم لمدة لا تقل عن شهر في السنة الحق في تأجيرها مفروشة لمدة أو لمدد مؤقتة خلال السنة، وإذ كان عقد الإيجار المفروش الصادر إلى المستأجر منه عن المدة من 1/ 2/ 1981 وحتى 28/ 2/ 83 والذي اتخذ أساساً لإخلائه لا تتجاوز مدته المدة المقررة له وفقاً لهذا القرار وهي إحدى عشر شهراً، فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى على خلاف هذا النظر يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في المادة 40 في القانون رقم 49 لسنة 1977 على "أنه لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الأحوال الآتية ( أ )... (ب)...... (ج)..... وفي جميع الأحوال يشترط ألا يزيد مجموع ما يقوم المستأجر هو وزوجته وأولاده القصر بتأجيره مفروشاً عن شقة واحدة في نفس المدينة......." والنص في المادة 21 من القانون 136 لسنة 1981 على أنه "يشترط ألا يزيد مجموع ما يقوم المستأجر وزوجته وأولاده القصر غير المتزوجين بتأجيره مفروشاً - بغير موافقة المالك - على شقة واحدة في نفس المدينة....." يدل على أن المشرع لم ينشئ بنص المادة 21 سالفة الذكر حكماً جديداً بالنسبة لحق المستأجر في تأجير المكان المؤجر له مفروشاً، وأن إيراده عبارة بغير موافقة المالك على النص السابق لا يعدو أن يكون إيضاحاً لمفهوم الحق المقرر للمستأجر بموجب المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 وتجلية له، باعتبار أنه إنما يستمد حقه في تأجير المكان المؤجر في الحالات الواردة في هذه المادة من القانون مباشرة. دون حاجة إلى موافقة المالك، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لبحث شرائط تطبيق أحكام قرار وزير الإسكان رقم 33 لسنة 1978 ومنها حق غير المقيمين بالعين المؤجرة في المصايف والمشاتي مدة لا تقل عن شهر في السنة في تأجيرها مفروشة لمدة مؤقتة خلال السنة وانتهى منها إلى أن "الثابت من عقد الإيجار المؤرخ 6/ 3/ 1982 الصادر من المستأنف عليه الأول (الطاعن) للمستأنف عليه الثاني أن مدته سنة تبدأ من التاريخ المتقدم ويتجدد لمدد مماثلة فإنه يكون قد فقد الصفة العرضية للتأجير من الباطن الذي أجازه المشرع للمستأجر دون إذن المالك". وكان استخلاص الحكم المطعون فيه لقيام الطاعن بتأجير شقته مفروشة لمدد غير مؤقتة تجاوز السنة يرتد إلى ما له أصل ثابت في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه صحيحاً من عدم توافر شرائط التأجير من الباطن وفقاً لأحكام القرار 33 لسنة 1978 آنف الذكر فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإخلائه من العين لتأجيرها من الباطن دون أن يعرض إلى عدم توافر شروط دعوى الإخلاء لعدم تقديم المطعون ضدها عقد إيجار العين المكتوب، ودون أن يتأكد من اشتمال هذا العقد على الشرط المانع من التأجير من الباطن واعتد بتوافره - رغم وجوب تكليفها بإثبات هذا الشرط بالكتابة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول ذلك بأن المطعون ضدها غير ملزمة بتحرير عقد إيجار مكتوب طالما أن العلاقة الإيجارية نشأت قبل العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 الذي استحدث في المادة 16 منه أن يكون عقد الإيجار مكتوباً. ومردود في شقه الثاني بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حظر التأجير من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك هو حكم تشريعي قائم منذ العمل بالقانون رقم 121 لسنة 1947 بالنص عليه في المادة 4 فقرة (ب) وهو ما رددته المواد 23/ ب من القانون 52 لسنة 1969، 31/ ب من القانون 49 لسنة 1977، 18/ ج من القانون 136 لسنة 1981 مما مقتضاه أن الأصل في تشريعات إيجار الأماكن هو تحريم التأجير من الباطن ومن ثم فقد بات على من يدعي خلاف هذا الأصل عبء إثبات ما يدعيه، وكان الأثر الفوري لهذه التشريعات المتلاحقة يوجب سريان هذا الحكم على كل تأجير من الباطن يتم في ظلها ولو خلا عقد الإيجار من شرط الحظر، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في أن وضع يده على العين كان يستند إلى غير عقد الإيجار المؤرخ 23 سبتمبر سنة 1961 الصادر له من المالك السابق والذي استندت إليه المطعون ضدها في الدعوى، كما أنه لم يدع على خلاف الأصل المقرر في التشريعات الاستثنائية سالفة الذكر أن هناك تصريحاً له في هذا العقد يبيح له التأجير من الباطن فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه كان يتعين على الحكم وقد قضى بإثبات ترك المطعون ضدها الخصومة في الاستئناف قبل المستأجر منه أن يحكم بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى، بعد أن أصبح هذا الحكم نهائياً بالنسبة لهذا المستأجر، وإذ قضى على خلاف ذلك بإخلائه من العين المؤجرة فإنه يكون قد بعض الخصومة الواردة على محل واحد في الدعوى والتي لا يحتمل القضاء فيها إلا حلاً واحداً وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن بدون إذن كتابي من المؤجر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محلها فسخ الإجارة الصادرة منه إلى المستأجر الأصلي وليس الإيجار من الباطن إذ أنه ينقضي حتماً بانقضاء الإيجار الأصلي، ومن ثم فهي ترفع منه على الأخير ليقول كلمته فيما أسند إليه من إخلال بالعقد، فإذا لم يختصم في الدعوى واختصم المستأجر من الباطن وحده كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، على أنه يجوز للمؤجر أن يدخل المستأجر من الباطن في الدعوى إلى جوار المستأجر الأصلي وإن كان ذلك غير ضروري لأن الحكم الصادر ضد المستأجر الأصلي يجوز تنفيذه على المستأجر من الباطن ولو لم يختصم في الدعوى، لما كان ذلك، فإن هذا النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.