أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 902

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز نواب رئيس المحكمة.

(141)
الطعن رقم 6756 لسنة 59 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها".
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الشيك من الساحب للمستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب. علة ذلك؟
الشيك الاسمي. خضوعه لحكم المادة 337 عقوبات. قصر ذلك على العلاقة بين الساحب والمستفيد. علة ذلك؟
(2) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها".
الشيك الاسمي. غير معد للتداول بالطرق التجارية. بل بطريق الحوالة المدنية.
استعمال الشيك الاسمي. قصره على الحالة التي تحصل قيمته بمعرفة المستفيد.
(3) شيك بدون رصيد. دعوى جنائية. دعوى مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
شطب الساحب كلمة لأمر من بيانات الشيك. مفاده: إفصاحه عن رغبته في عدم قابلية الشيك للتحويل.
إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى. يوجب على المحكمة أن تقضي بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع على ما لا يحمله. خطأ في القانون. أثر ذلك؟
الدعوى المدنية التي ترفع للمحكمة الجنائية. دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها. القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة معينة يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.
مثال.
1 - من المقرر أنه وإن كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، إذ تتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات وأن ذلك يصدق على الشيك الاسمي فيخضع لحكم المادة 337 من قانون العقوبات باعتباره مستوفياً للشكل وذلك إذا أصدره الساحب دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب أو سحب الرصيد كله أو بعضه أو أمر بعدم صرفه، إلا أن ذلك مقصور على العلاقة بين الساحب والمستفيد تقديراً بأن الجريمة إنما تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك وأنها تقع إلا على الشخص الذي تحرر الشيك باسمه.
2 - لما كان الشيك الاسمي غير معد للتداول بالطرق التجارية بل بطريق الحوالة المدنية، ويقتصر استعماله على الحالة التي يجب فيها تحصيل قيمته بمعرفة المستفيد فإن الحكمة من العقاب تكون منتفية في هذا الحالة.
3 - لما كان الشيك موضوع الدعوى قد حررت بياناته باللغة العربية ومن ثم فإن المعول عليه في التعامل به يكون هو البيانات المثبتة بهذه اللغة ويكون شطب كلمة لأمر باللغة العربية هو المتعين الاعتداد به دون اعتبار لمثيلتها باللغة الانجليزية باعتبارها خارجة عن بيانات الشيك الأصلية الأمر الذي يكون معه الساحب قد أفصح عن رغبته في عدم قابلية الشيك للتحويل، ويكون الشيك بذلك قد فقد شرط القابلية للتحويل للغير. لما كان ذلك، وكان على المحكمة إذا ما أبدى لها مثل هذا الدفع أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضى بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لم يقم على ما يحمله. فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتضحى الدعوى الجنائية غير مقبولة لرفعها من غير ذي صفة، ولما كانت الدعوى المدنية التي ترفع للمحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح المطرية ضد الطاعن بوصف أنه: أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح المطرية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن كل من الأستاذ/..... المحامي والأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطرق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دفع بعدم قبول الدعوى بشقيها الجنائي والمدني لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى أن الشيك موضوع الدعوى أسمى غير قابل للتظهير إذ شطبت منه عبارة "لأمر" وعلى الرغم من ذلك ظهرّه المستفيد للمدعي بالحقوق المدنية الذي أقام دعواه قبله بطريق الإدعاء المباشر، وأطرح الحكم هذا الدفع بمقولة أن الساحب وإن شطب كلمة لأمر باللغة العربية إلا أنه لم يشطب ترجمتها باللغة الإنجليزية مما يجعله قابلاً للتظهير، وما ذهب إليه الحكم في رده يخالف القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الشيك موضوع الدعوى أصدره الطاعن لصالح من يدعى........ مع شطب كلمة لأمر المحررة باللغة العربية وقام الأخير بتظهيره للمدعى بالحقوق المدنية..... الذي أقام دعواه قبل الطاعن بطريق الإدعاء المباشر متهما إياه بإصداره شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب طالباً عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات بالإضافة إلى التعويض المدني المؤقت المطلوب، وقضت محكمة أول درجة بإدانة الطاعن والقضاء بالتعويض المؤقت المطلوب، فاستأنف الطاعن. ومن بين ما تضمنه دفاعه أمام المحكمة الاستئنافية أنه دفع بعدم قبول الدعوى بشقيها الجنائي والمدني لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن الشيك أسمى حرر باسم..... حيث تم شطب كلمة لأمر المحررة باللغة العربية مما لا يجوز معه تظهيره، وأنه تم تظهير الشيك بعد ذلك للمدعي بالحق المدني الذي أقام دعواه الماثلة قبله، وقد قضي الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع تأسيساً على أن الشيك موضوع الدعوى وإن كانت كلمة لأمر المحررة باللغة العربية قد تم شطبها إلا أن ذات الكلمة باللغة الانجليزية بقيت دون شطب ولم يتضمن الشيك عبارة أنه غير قابل للتحويل مما يجعل تظهيره صحيحاً وانتهى إلى إدانة الطاعن والقضاء بالتعويض المدني المطلوب. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل للسحب، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات وأن ذلك يصدق على الشيك الاسمي فيخضع لحكم المادة 337 من قانون العقوبات باعتباره مستوفياً للشكل وذلك إذا أصدره الساحب دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب أو سحب الرصيد كله أو بعضه أو أمر بعدم صرفه، إلا أن ذلك مقصور على العلاقة بين الساحب والمستفيد تقديراً بأن الجريمة إنما تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك وأنها لا تقع إلا على الشخص الذي تحرر الشيك باسمه. لما كان ذلك، وكان الشيك الاسمي غير معد للتداول بالطرق التجارية بل بطريق الحوالة المدنية، ويقتصر استعماله على الحالة التي يجب فيها تحصيل قيمته بمعرفة المستفيد فإن الحكمة من العقاب تكون منتفية في هذا الحالة. لما كان ذلك، وكان الشيك موضوع الدعوى قد حررت بياناته باللغة العربية ومن ثم فإن المعول عليه في التعامل به يكون هو البيانات المثبتة بهذه اللغة ويكون شطب كلمة لأمر باللغة العربية هو المتعين الاعتداد به دون اعتبار لمثيلتها باللغة الانجليزية باعتبارها خارجة عن بيانات الشيك الأصلية الأمر الذي يكون معه الساحب قد أفصح عن رغبته في عدم قابلية الشيك للتحويل، ويكون الشيك بذلك قد فقد شرط القابلية للتحويل للغير. لما كان ذلك، وكان على المحكمة إذا ما أبدى لها مثل هذا الدفع أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضي بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لم يقم على ما يحمله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتضحي الدعوى الجنائية غير مقبولة لرفعها من غير ذي صفة، ولما كانت الدعوى المدنية التي ترفع للمحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعويين بين الجنائية والمدنية قبل الطاعن وإلزام المدعي بالحقوق المدنية بمصاريف دعواه المدنية.