أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 928

جلسة الأول من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشى.

(145)
الطعن رقم 22525 لسنة 62 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف. غير مجد. ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) رشوة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة عرض رشوة لم تقبل. يتحقق: بحمل الموظف على الإخلال بواجبات وظيفته وأن يكون العطاء ثمناً لاستغلاله لها.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم فيها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(5) إثبات "بوجه عام". استيقاف. رجال السلطة العامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاستيقاف: إجراء يقوم به رجال السلطة العامة للتحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريب والظنون.
تقدير قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في إثبات توافر المبرر للاستيقاف.
(6) إثبات "بوجه عام". رشوة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة عرض الرشوة. لا يشترط لقيامها أن يصرح الراشي للموظف بقصده من العرض ومن أنه يريد شراء ذمته. كفاية أن تدل ظروف الحال على توافره. لمحكمة الموضوع أن تستدل عليه بكافة طرق الإثبات.
مثال لتسبيب سائغ في توافر القصد الجنائي في جريمة عرض رشوة.
(7) ارتباط. رشوة. سرقة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الارتباط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات. مناطه؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
عرض المتهم وآخر في جريمة سرقة رشوة على موظف عام - مساعد شرطه - لمنعه من أداء واجبه في اقتيادهما لمركز الشرطة. لا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجريمتين.
1 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن ما دام أن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاؤه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليه والحكم الصادر في جريمة السرقة المنسوبة للطاعن وآخر وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى، وأن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تعرض عما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان الحكم قد دلل على أن المبلغ النقدي عرض من الطاعن على المبلغ المار ذكره مقابل تغاضيه عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبله وآخر لتواجدهما في موقف سيارات أجرة وسط الزحام وهو من المعروفين والمسجلين - نشل - بحالة تدعو للريبة والشك، ولكنه لم يقبل فإن ذلك مما يتحقق معه حمل الموظف على إخلال بواجبات وظيفته وأن العطاء كان ثمناً لاستغلاله لها وهو ما يتوفر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون.
4 - لما كان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصاً لا تناقض فيه. وكان الطاعن لم يكشف عن مواطن تناقض أقوال الشاهدين ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
5 - من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف. وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وفي قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه، وإذ كان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن ومعه آخر قد وضعا نفسيهما طواعية واختياراً في موضع الشبهات والريب ذلك بأن الطاعن وهو مسجل جنائياً لارتكابه جرائم النشل تواجد وسط الزحام وآخر بموقف السيارات الأجرة مما يقتضي من مساعد أول مباحث شرطة منوف المنوط به تفقد حالة الأمن بهذا المكان، استيقافه للكشف عن حقيقة أمره دون أن يعد ذلك في صحيح القانون - قبضاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قام بعرض مبلغ الرشوة على مساعد أول الشرطة إثر قيام هذا الأخير باستيقافه حتى لا يتخذ ضده الإجراءات القانونية لما اعتقد أنه كشف عن جريمة سرقته للنقود من المجني عليه..... إذ الاستيقاف تم عقب السرقة. فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت إثر هذا الاستيقاف وينبني على ذلك أن يقع القبض عليه إثر قيام هذه الحالة صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - لا يشترط قانوناً لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا الغرض وبأنه يريد شراء ذمته، بل يكفي أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأية جريمة أخرى، قد يقوم في نفس الجاني وغالباً ما يتكتمه ولقاضي الموضوع - إذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة أن يستدل على توافره بكافة طرق الإثبات وبظروف العطاء وملابساته. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن بعد أن سرق مبلغ أربعة آلاف جنيه وتواجد بمكان استيقافه ظهرت عليه علامات الريبة والشك عقب رؤيته لمساعد أول الشرطة ظناً منه واعتقاداً أنه في أعقابه وما أن سأله عن سبب تواجده في هذا المكان حتى بادر بعرض مبلغ الرشوة على أنه حصيلة سرقة اليوم وعليه اقتاده لمركز الشرطة في الوقت الذي تصادف فيه وجود المجني عليه ليبلغ عن سرقته فأمسك بتلابيب الطاعن، فمن ثم لا وجه لما ينعاه الطاعن من أن الحكم لم يستظهر الباعث على عرض الرشوة والتفت عن دفاعه الذي انبنى على خلو الأوراق من مبرر لعرضها. ويجدر التنويه إلى أن المحكمة دانت الطاعن عن جريمة عرض الرشوة ولم تعرض لجريمة السرقة التي ارتكبها الطاعن آخر، ذلك أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعه الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها.
7 - إن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الواقعات كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من عرض رشوة لم تقبل منه على موظف عام - مساعد شرطه - لمنعه من أداء واجبه في اتخاذ الإجراءات القانونية واجبة الإتباع بعد ارتكابه وآخر جريمة سرقة واقتيادهما لمركز الشرطة للإبلاغ عن الواقعة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي في الجريمتين ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن جريمة عرض الرشوة لا يكون قد خالف القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض على...... مساعد أول بمباحث منوف مبلغ أربعة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل عدم اتخاذ الإجراءات القانونية قبله وآخر إثر استيقافه لهما بحالة تدعو للشك والريبة لكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه، وإحالته إلى محكمة الجنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 104، 109 مكرراً من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض الرشوة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن المحكمة عولت في حكمها على اعتراف الطاعن رغم انتزاع ذلك الاعتراف بطريق الإكراه المعنوي ولم يعرض الحكم لدفعه إيراداً له ورداً عليه. كما اعتنق الحكم صورة الواقعة وفق أقوال شاهدي الإثبات وأطرح تصوير الطاعن للواقعة بأنه لم يعرض نقود على سبيل الرشوة، وعول على أقوال شاهدي الإثبات رغم تناقضها دون أن يعن برفع هذا التناقض، كما أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء حالة التلبس لانتفاء موجب استيقافه وما تلي ذلك من قبض بيد أن الحكم التفت عن دفاعه فلم يقسطه حقه، ولم يبين الحكم القصد من عرض الرشوة إذ كان عليه أن يستظهر الباعث على ارتكاب الطاعن للجريمة المسندة إليه. هذا جميعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة عرض الرشوة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها استقاها من أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليه ومن الحكم الصادر في واقعة سرقة المجني عليه المسندة للطاعن وآخر. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن ما دام أن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاؤه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليه والحكم الصادر في جريمة السرقة المنسوبة للطاعن وآخر وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى، وأن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تعرض عما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن مبلغ النقود الذي عرضه الطاعن على "....... مساعد أول بمباحث منوف" كان على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الشأن فإن ما يثيره في وجه طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على أن المبلغ النقدي عرض من الطاعن على المبلغ المار ذكره مقابل تغاضيه عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبله وآخر لتواجدهما في موقف سيارات أجرة وسط الزحام وهو من المعروفين والمسجلين - نشل - بحالة تدعو للريبة والشك، ولكنه لم يقبل فإن ذلك مما يتحقق معه حمل الموظف على إخلال بواجبات وظيفته وأن العطاء كان ثمناً لاستغلاله لها وهو ما يتوفر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون. لما كان ذلك وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصاً لا تناقض فيه. وكان الطاعن لم يكشف عن مواطن تناقض أقوال الشاهدين ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف. وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وفي قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه، وإذ كان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن ومعه آخر قد وضعاً نفسيهما طواعية واختياراً في موضع الشبهات والريب ذلك بأن الطاعن وهو مسجل جنائياً لارتكابه جرائم النشل تواجد وسط الزحام وآخر بموقف السيارات الأجرة مما يقتضي من مساعد أول مباحث شرطة منوف المنوط به تفقد حالة الأمن بهذا المكان، استيقافه للكشف عن حقيقة أمره دون أن يعد ذلك في صحيح القانون - قبضاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قام بعرض مبلغ الرشوة على مساعد أول الشرطة إثر قيام هذا الأخير باستيقافه حتى لا يتخذ ضده الإجراءات القانونية لما اعتقد أنه كشف عن جريمة سرقته للنقود من المجني عليه....... إذ الاستيقاف تم عقب السرقة. فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت إثر هذا الاستيقاف وينبني على ذلك أن يقع القبض عليه إثر قيام هذه الحالة صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط قانوناً لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا الغرض وبأنه يريد شراء ذمته، بل يكفي أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأية جريمة أخرى، قد يقوم في نفس الجاني وغالباً ما يتكتمه ولقاضي الموضوع - إذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة - أن يستدل على توافره بكافة طرق الإثبات وبظروف العطاء وملابساته. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن بعد أن سرق مبلغ أربعة آلاف جنيه وتواجد بمكان استيقافه ظهرت عليه علامات الريبة والشك عقب رؤيته لمساعد أول الشرطة ظناً منه واعتقاداً أنه في أعقابه وما أن سأله عن سبب تواجده في هذا المكان حتى بادر بعرض مبلغ الرشوة على أنه حصيلة سرقة اليوم وعليه اقتاده لمركز الشرطة في الوقت الذي تصادف فيه وجود المجني عليه ليبلغ عن سرقته فأمسك بتلابيب الطاعن، فمن ثم لا وجه لما ينعاه الطاعن من أن الحكم لم يستظهر الباعث على عرض الرشوة والتفت عن دفاعه الذي انبنى على خلو الأوراق من مبرر لعرضها. ويجدر التنويه إلى أن المحكمة دانت الطاعن عن جريمة عرض الرشوة ولم تعرض لجريمة السرقة التي ارتكبها الطاعن آخر، ذلك أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعه الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها. كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الواقعات كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من عرض رشوة لم تقبل منه على موظف عام - مساعد شرطه - لمنعه من أداء واجبه في اتخاذ الإجراءات القانونية واجبة الإتباع بعد ارتكابه وآخر جريمة سرقة واقتيادهما لمركز الشرطة للإبلاغ عن الواقعة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي في الجريمتين ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن جريمة عرض الرشوة لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.