أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 1017

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ريمون فهيم نائب رئيس المحكمة، عبد الناصر السباعي، إبراهيم شعبان، محمد إسماعيل غزالي.

(330)
الطعن رقم 1676 لسنة 56 القضائية

إثبات "الإثبات بالبينة" "نطاق حكم الإثبات". محكمة الموضوع حكم "تسبيبه" "عيوب التسبيب". إيجار "إيجار الأماكن".
الإثبات بشهادة الشهود. قيامه على ركنين هما تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى وكونها منتجة في النزاع فيها. مؤدى ذلك. استخلاص المحكمة من أقوال الشهود على ثبوت أو نفي واقعة لم يتناولها منطوق حكم التحقيق. أثره بطلان هذا الاستخلاص متى تمسك الخصم بذلك. علة ذلك. (مثال).
النص في المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - يدل وعلى ما جاء بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات الملغى - بصدد المادة 191 منه المطابقة لها في الحكم - على أن الإثبات بشهادة الشهود يقوم على ركنين تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى، - وكونها منتجة فيها، ومقتضى هذا أن تكون تلك الوقائع مبينة بالدقة والضبط لينحصر فيها التحقيق وليعلم كل طرف ما هو مكلف بإثباته أو بنفيه، فإذا استخلصت المحكمة من أقوال الشهود الذين سمعتهم دليلاً على ثبوت أو نفي واقعة لم يتناولها منطوق حكم التحقيق وتمسك الخصم ببطلان هذا الدليل فإن استخلاصها هذا يكون مخالفاً للقانون، إذ أنها انتزعت من التحقيق دليلاً على خصم لم تمكنه من إثبات عكسه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1977 - الصادر من المطعون ضدها الثانية إلى المطعون ضده الأول - في حق باقي شركاء العقار الكائن به شقة النزاع والذي رتب عليه رفض دعوى الطاعنين على سند مما استظهره من أقوال شهود المطعون ضدهما في التحقيق الذي أجرته المحكمة نفاذاً للحكم الصادر منها بتاريخ 28/ 12/ 1981 من حصول قسمة مهايأة بين الشركاء المشتاعين في العقار "الطاعنون من الثاني حتى الرابع والمطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة" اختصت بموجبها المطعون ضدها الثانية بشقة النزاع بما يعادل حصتها في العقار، في حين أن البين من منطوق حكم التحقيق الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 28/ 12/ 80 انه قضى بالإحالة إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الثانية أن الاتفاق على إدارة العقار لم يكن قائماً قبل رفع الدعوى ولتثبت والمطعون ضده الأول أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1977 - الصادر من مورث الشركاء إلى الطاعن الأول - هو عقد صوري، وإذ كان ذلك، وكانت واقعة حصول قسمة المهايأة بين الشركاء التي خلصت إليها المحكمة الاستئنافية من أقوال الشهود لم تكن محلاً للإثبات والنفي في منطوق حكم التحقيق المشار إليه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الأول والمرحوم...... مورث باقي الطاعنين والمطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة أقاما على المطعون ضدهما الأول والثانية الدعوى رقم 471 لسنة 1978 أمام محكمة قنا الابتدائية طالبين الحكم بإخلاء شقة النزاع وبتسليمها إلى الطاعن الأول وقالا بياناً لدعواهما إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 11/ 1977 استأجر الطاعن الأول من المرحوم...... هذه الشقة، ووضع اليد عليها إلى أن نازعه في حيازتها المطعون ضده الأول استناداً إلى عقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 77 صادر له من المطعون ضدها الثانية التي تزعم اختصاصها بالعين على الرغم من أن العقار لا زال شائعاً لم تتم قسمته بعد، وإذ كان العقد الصادر للطاعن الأول يعتبر نافذاً في حق جميع الشركاء لصدوره ممن اختاره أغلبية الشركاء لإدارة العقار دون العقد الصادر من المطعون ضده الأول فقد أقاما الدعوى، وبتاريخ 18/ 11/ 1979 قضت المحكمة بإخلاء الشقة محل النزاع وبتسليمها إلى الطاعن الأول. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 260 سنة 54 ق قنا، كما استأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم 261 سنة 54 ق قنا. أمرت المحكمة بضم الاستئنافين وبتاريخ 18/ 12/ 1980 أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الثانية أن الاتفاق على إدارة العقار لم يكن قائماً وقت رفع الدعوى، ولتثبت والمطعون ضده الأول صورية العقد المؤرخ 1/ 11/ 1977. استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين وبتاريخ 18/ 12/ 1982 أحالت الدعوى إلى التحقيق مرة ثانية ليثبت المطعون ضده الأول حسن نيته عند توقيعه العقد المؤرخ 1/ 12/ 1977 وأن المطعون ضدها الثانية ظهرت أمامه بمظهر صاحب الحق وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 24/ 3/ 1986 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - رأته جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى المقامة منهم على سند مما استظهره من أقوال شاهدي المطعون ضدها الثانية في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف نفاذاً للحكم الصادر منها بتاريخ 18/ 12/ 1980 من حصول قسمة مهايأة بين الشركاء، اختصت بموجبها المطعون ضدها الثانية بشقة النزاع في حين أن منطوق الحكم لم يتضمن تحقيق هذه الواقعة الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - على أنه "يجب أن يبين منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات بشهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلاً......" يدل - وعلى ما جاء بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات الملغى - بصدد المادة 191 منه المطابقة لها في الحكم - على أن الإثبات بشهادة الشهود يقوم على ركنين: تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى، وكونها منتجة فيها، ومقتضى هذا أن تكون تلك الوقائع مبينة بالدقة والضبط لينحصر فيها التحقيق، وليعلم كل طرف ما هو مكلف بإثباته أو بنفيه، فإذا استخلصت المحكمة من أقوال الشهود الذي سمعتهم دليلاًَ على ثبوت أو نفي واقعة لم يتناولها منطوق حكم التحقيق وتمسك الخصم ببطلان هذا الدليل فإن استخلاصها هذا يكون مخالفاً للقانون، إذ أنها انتزعت من التحقيق دليلاً على خصم لم تمكنه من إثبات عكسه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1977 - الصادر من المطعون ضدها الثانية إلى المطعون ضده الأول - في حق باقي شركاء العقار الكائن به شقة النزاع والذي رتب عليه دعوى الطاعنين على سند مما استظهره من أقوال شهود المطعون ضدهما في التحقيق الذي أجرته المحكمة نفاذاً للحكم الصادر منها بتاريخ 28/ 12/ 1980 من حصول قسمة مهايأة بين الشركاء المشتاعين في العقار (الطاعنون من الثاني حتى الرابع والمطعون ضدهم من الثانية حتى الأخير) اختصت بموجبها المطعون ضدها الثانية بشقة النزاع بما يعادل حصتها في العقار، في حين أن البين من منطوق حكم التحقيق الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 28/ 12/ 80 أنه قضى بالإحالة إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الثانية أن الاتفاق على إدارة العقار لم يكن قائماً قبل رفع الدعوى وليثبت المطعون ضده الأول أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1977 - الصادر من مورث الشركاء إلى الطاعن الأول - هو عقد صوري وإذ كان ذلك وكانت واقعة حصول قسمة المهايأة بين الشركاء التي خلصت إليها المحكمة الاستئنافية من أقوال الشهود لم تكن محلاً للإثبات والنفي في منطوق حكم التحقيق المشار إليه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.