أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 337

جلسة 7 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجى ومجدي الجندي نائبي رئيس المحكمة وعبد الفتاح حبيب ومحمود مسعود شرف.

(48)
الطعن رقم 7031 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
سلطان الوظيفة في ذاته. لا يعد إكراهاً. ما دام لم يستطل إلى المتهم بأذى مادياً كان أو معنوياً. مجرد الخشية منه لا يعد إكراهاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(3) سرقة. إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإكراه في السرقة. مناط تحققه؟
(4) سرقة. إكراه. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحقق الإكراه في السرقة ولو وقع فعل الإكراه بعد حصولها. متى كان القصد منه الفرار بالمسروقات.
مثال.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
وزن أقوال الشهود وتقدير الدليل. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائزة.
(6) سرقة. فاعل أصلي. إكراه. سلاح. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم في حق الطاعن إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنه حمله مدية ووجوده مع آخرين على مسرحها. كفايته لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين.
الجدل في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز. أمام النقض.
(7) سرقة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. ماهيته؟. التحدث عنه استقلالاً. غير لازم.
(8) عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. سرقة. نقض "المصلحة في الطعن". تداخل في وظيفة عمومية. إكراه.
اعتبار الحكم المطعون فيه الجرائم المسندة إلى الطاعنين. جريمة واحدة. ومعاقبتهم بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة السرقة بإكراه بالطريق العام مع حمل سلاح. لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة التداخل في وظيفة عمومية.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.
1 - لما كان المحكوم عليه الأول قد قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين مع القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته - كوظيفة رجل الشرطة بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانات - لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل في الواقع بأذى مادي كان أو معنوي إلى المدلى بالأقوال أو بالاعتراف إذ الخشية في ذاتها مجردة لا تعد إكراهاً لا معنى ولا حكماً إلا إذا ثبت أنها قد أثرت فعلاً في إرادة المدلى فحملته على أن يدلى بما أدلى. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع حول إقرار المتهم الأول بمحضر الشرطة وأطرحته بالأسباب السائغة التي أوردتها وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الإقرار وأنه يمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل في واقعة الدعوى إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة سواء كانت هذه الوسيلة من الوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه أو كانت تهديداً باستعمال السلاح.
4 - لما كان لا يلزم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة السرقة بإكراه أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يكفي أن يكون عقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة وكان الغرض من النجاة بالشيء المختلس وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المتهم الأول قام بجذب المجني عليه..... خارج السيارة وقام هو وباقي المتهمين بضرب المجني عليهما بالأيدي وأخرج المتهم الثالث مدية مهدداً بها المجني عليه الآخر حتى يتمكنوا من الفرار بالنقود التي سرقوها، فإن ما أورده الحكم في هذا الشأن مما يتوافر به ظرف الإكراه في جريمة السرقة كما هو معرف قانوناً ويكون ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الخصوص غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن مفاد أخذ المحكمة بما أخذت به من أقوال الشهود أنها اطمأنت إلى صحتها وأطرحت ما ساقه الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الدليل إنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع فلا تجوز مصادرتها أو مجادلتها - أمام محكمة النقض - فيما اطمأنت إليه مما يدخل في سلطتها التقديرية فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الخصوص يكون في غير محله.
6 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن الثالث إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها حمله مدية ووجوده مع آخرين على مسرح الجريمة هو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها فإن ما ينعاه ذلك الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه. وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف في توافر هذا القصد لدى الطاعنين وتتوافر به جناية السرقة بإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون. فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد لا يكون له محل.
8 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره الطاعن الثاني بشأن جريمة التداخل في وظيفة عمومية ما دامت المحكمة قد دانته والطاعنين جميعاً بجريمة السرقة بالإكراه بالطريق العام مع حمل سلاح وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن الثالث اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع شهود الإثبات فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هؤلاء الشهود أو ترد على طلب سماعهم لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)............ "طاعن" (2)........ "طاعن" (3)............ "طاعن" (4)........... بأنهم: ( أ ) المتهمون جميعاً: سرقوا المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق والمملوك لـ........... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه وعلى المجني عليه............ بأن استوقفهما المتهم الأول حال سيرهما بالطريق العام ومعه المتهم الآخر مدعياً أنه من رجال الضبط واصطحبهم حيث كان المتهمان الثاني والثالث ينتظرانهما بالسيارة المضبوطة وطلب منهما المتهم الثالث ركوب السيارة مدعياً أنه ضابط مباحث وأمر المتهم الأول بتفتيشهما حيث استولى على المبلغ النقدي سالف الذكر وما أن اكتشف المجني عليه الأول استيلاءهم على المبلغ وقيامه بالصياح حتى شهر المتهم الثالث سلاحاً أبيضاً "مطواة قرن غزال" في وجهيهما وقام المتهم الأول بإنزال المجني عليه الأول عنوة من السيارة محدثاً إصابته بينما فر المجني عليه الثاني عقب ذلك فبثوا بذلك الرعب في نفس المجني عليهما وشلوا بذلك مقاومتهما وتمكنوا بهذه الوسائل من الاستيلاء على المسروقات والفرار بها وقد ترك الإكراه بالمجني عليه الأول أثر جروح على النحو المبين بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق. (ب) المتهمان الأول والثالث أيضاً: تداخلا في وظيفة من الوظائف العمومية "ضابط مباحث وشرطي سري" وأجروا عملاً من أعمالها. (جـ) المتهم الثالث: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً "مطواة قرن غزال" على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثلاثة الأول وغيابياً للرابع عملاً بالمواد 155، 314، 315 أولاً وثانياً من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول والمضاف بالقانون الأخير. بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه الأول.............. قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليهما الثاني والثالث قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم السرقة بالإكراه بالطريق العام مع حمل سلاح وبالتداخل في وظيفة عمومية وإحراز ثانيهما لسلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الدفاع تمسك ببطلان اعتراف المتهم الأول بمحضر الشرطة لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي ذلك أنه كان تحت سيطرة الضابط ثم استجوابه وهو إجراء من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذه إلا أن الحكم عول على هذا الاعتراف ورد على ذلك الدفاع بما لا يصلح رداً، كما أن الحكم أطرح الدفاع بانتفاء ركن الإكراه وبعدم صحة الواقعة برد غير سائغ واتخذ الحكم من مجرد وجود الطاعن الثالث مع المحكوم عليهم الآخرين دليلاً على مقارفة الجريمة مع أنه لا يوجد اتفاق بينهم، كما أن القصد الجنائي لجريمة السرقة غير متوافر في حق الطاعن الثالث، واستند الحكم في إدانة الطاعن الثاني بجريمة التداخل في وظيفة عمومية دون أن يبين المظاهر الخارجية، وأخيراً كان يتعين على المحكمة سماع شهود الإثبات كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة مما شهد به المجني عليهما........ و.......... والنقيب............ وما أسفرت عنه تحريات الشرطة وما ثبت من تقرير الكشف الطبي الموقع على المجني عليه الأول ومن إقرار المتهم الأول تفصيلاً بمحضر الشرطة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته - كوظيفة رجل الشرطة بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانات - لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل في الواقع بأذى مادي كان أو معنوي إلى المدلى بالأقوال أو بالاعتراف إذ الخشية في ذاتها مجردة لا تعد إكراهاً لا معنى ولا حكماً إلا إذا ثبت أنها قد أثرت فعلاً في إرادة المدلى فحملته على أن يدلى بما أدلى. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع حول إقرار المتهم الأول بمحضر الشرطة وأطرحته بالأسباب السائغة التي أوردتها وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الإقرار وأنه يمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل في واقعة الدعوى إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح الدفع ببطلان استجواب مأمور الضبط القضائي للمتهم الأول بأسباب سائغة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة سواء كانت هذه الوسيلة من الوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه أو كانت تهديداً باستعمال السلاح، وكان لا يلزم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة السرقة بإكراه أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يكفي أن يكون عقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة وكان الغرض من النجاة بالشيء المختلس، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المتهم الأول قام بجذب المجني عليه.......... خارج السيارة وقام هو وباقي المتهمين بضرب المجني عليهما بالأيدي وأخرج المتهم الثالث مدية مهدداً بها المجني عليه الآخر حتى يتمكنوا من الفرار بالنقود التي سرقوها، فإن ما أورده الحكم في هذا الشأن مما يتوافر به ظرف الإكراه في جريمة السرقة كما هو معرف قانوناً ويكون ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الثالث من عدم صحة الواقعة المسندة إليه وأطرحه اطمئناناً إلى أقوال شهود الإثبات والتي لا يجادل الطاعن في أن لها مأخذها من التحقيقات، وكان من المقرر أن مفاد أخذ المحكمة بما أخذت به من أقوال الشهود أنها اطمأنت إلى صحتها وأطرحت ما ساقه الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الدليل إنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع فلا تجوز مصادرتها أو مجادلتها - أمام محكمة النقض - فيما اطمأنت إليه مما يدخل في سلطتها التقديرية فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن الثالث إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها حمله مدية ووجوده مع آخرين على مسرح الجريمة هو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها فإن ما ينعاه ذلك الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف في توافر هذا القصد لدى الطاعنين وتتوافر به جناية السرقة بإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون. فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره الطاعن الثاني بشأن جريمة التداخل في وظيفة عمومية ما دامت المحكمة قد دانته والطاعنين جميعاً بجريمة السرقة بالإكراه بالطريق العام مع حمل سلاح وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن الثالث اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع شهود الإثبات فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هؤلاء الشهود أو ترد على طلب سماعهم لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.