أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 983

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ناجي أسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة وعبد الرءوف عبد الظاهر.

(152)
الطعن رقم 40028 لسنة 59 القضائية

جريمة "الجريمة المتتابعة". دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". تقادم. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إيجار أماكن. خلو رجل. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في مجال المسئولية الجنائية. تعريفها ومناط تحققها؟
قضاء الحكم باعتبار تقاضي الطاعن مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على مرتين جريمة واحدة متتابعة الأفعال دون استظهار ما إذا كان القصد الجنائية واحداً وبيان الزمن بين كل منهما وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها. قصور.
الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني في بادئ الأمر، على أن يجزئ نشاطه على أزمنه مختلفة وبصورة منظمة بحيث يكون كل نشاط يقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابها أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه. وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على أنها جميعاً تكون جريمة واحدة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة - على السياق المتقدم - وما قضى به في منطوقه من تغريم الطاعن مبلغ اثني عشر ألف جنيه وإلزامه برد ستة آلاف جنيه للمجني عليها وهو المبلغ المدعى بدفعه على مرتين، مفاده أنه اعتبر الوقائع المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة متتابعة الأفعال، دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان الطاعن قد ارتكب الفعلين المسندين إليه في المرتين اللتين تقاضي فيهما المبالغ النقدية من المجني عليها نتيجة قصد جنائي واحد، وأنه لم يمض بين هذين الفعلين في هاتين المرتين وقت زمني بعيد، لبيان ما إذا كان ما ارتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتية متعددة وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها، فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته مالك لعقار تقاضى من المستأجر نقوداً خارج نطاق عقد الإيجار وزيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فيه. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 25، 26، 66، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 ومحكمة أمن الدولة الجزئية بدمنهور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم اثني عشر ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ ستة آلاف جنيه للمجني عليها وبدفع مبلغ اثني عشر ألف جنيه لصندوق تمويل الإسكان الاقتصادي بمحافظة البحيرة استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق الإيجار زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة أطرحت الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، استناداً إلى أن الجريمة المسندة إلى الطاعن من الجرائم متتابعة الأفعال، في حين أن تلك الجريمة ليست من هذا النوع من الجرائم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن تقاضى من المجني عليها مبلغ أربعة آلاف جنيه منذ خمس سنوات، ثم تقاضى منها مبلغ ألفين من الجنيهات منذ سنة ونصف، عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية ورد عليه في قوله "وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت أن المتهم وإن تقاضى مبلغ أربعة آلاف جنيه منذ خمس سنوات سابقة على الإبلاغ، إلا أنه عاد وتقاضى مبلغ ألفين من الجنيهات منذ سنه ونصف، كما هو ثابت من أقوال المجني عليها وأقوال والدها، فإن الأمر والحال كذلك تكون أمام جريمة متتابعة الأفعال على الوصف السابق بيانه، ويكون حساب مدة التقادم يبدأ من اليوم التالي لآخر فعل داخل في تكوين الجريمة، ولما كان آخر فعل هو تقاضي مبلغ الألفين جنيه منذ سنة ونصف تقريباً، فإن مدة التقادم تحسب من هذا التاريخ، ولما كان ذلك، فإن مدة التقادم المسقط للحق في إقامة الدعوى الجنائية لم تتكامل بعد ويتعين رفض الدفع" لما كان ذلك، وكان من المستقر عليه - في قضاء هذه المحكم - أن الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني في بادئ الأمر، على أن يجزئ نشاطه على أزمنه مختلفة وبصورة منظمة بحيث يكون كل نشاط يقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابها أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه. وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على أنها جميعاً تكون جريمة وحدة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة - على السياق المتقدم - وما قضى به في منطوقه من تغريم الطاعن بملغ اثني عشر ألف جنيه وإلزامه برد ستة آلاف جنيه للمجني عليها وهو المبلغ المدعى بدفعه على مرتين، مفاده أنه اعتبر الوقائع المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة متتابعة الأفعال، دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان الطاعن قد ارتكب الفعلين المسندين إليه في المرتين اللتين تقاضى فيهما المبالغ النقدية من المجني عليها نتيجة قصد جنائي واحد، وأنه لم يمض بين هذين الفعلين في هاتين المرتين وقت زمني بعيد، لبيان ما إذا كان ما ارتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتية متعددة وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها، فإنه يكون معيباً بالقصور في الرد على الدفع متقدم المساق، بما يوجب نقضه والإعادة، بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.