أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 987

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.

(153)
جلسة رقم 63332 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". خيانة أمانة. اعتراف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة. صحته: رهينة باقتناع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الأمانة الواردة حصراً في المادة 341 عقوبات.
القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب. العبرة فيه بالواقع.
تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته. لا يصح. متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة.
(2) حكم "بياناته. بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". خيانة أمانة.
حكم البراءة. عدم اشتراط أن يتضمن أموراً أو بيانات معينة.
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم. سنداً للقضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. ما دام الحكم أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(3) إثبات "بوجه عام". خيانة أمانة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تبديد. دعوى مدنية.
عدم تقيد المحكمة بقواعد الإثبات المدنية عند قضائها بالبراءة في جريمة خيانة الأمانة. تقيدها بتلك القواعد عند القضاء بالإدانة في خصوص إثبات عقد الأمانة إذا زاد موضوعه على مائة جنيه. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أنه لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر في المادة 314 من قانون العقوبات، وأن العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بالواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة.
2 - الأصل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن حكم البراءة - وبالتالي ما يترتب عليه من قضاء في الدعوى المدنية - أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة، وأنه يكفي لسلامة الحكم بالبراءة ورفض الدعوى المدنية أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
3 - من المقرر أن المحكمة في جريمة خيانة الأمانة في حل من التقيد بقواعد الإثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لأن القانون لا يقيدها بتلك القواعد إلا عند الإدانة في خصوص إثبات عقد الأمانة إذا زاد موضوعه على مائة جنيه احتياطاً لمصلحة المتهم حتى لا تتقرر مسئوليته وعقابه إلا بناء على الدليل المعتبر في القانون، ولا كذلك البراءة لانتفاء موجب تلك الحيطة واسلاساً لمقصود الشارع في ألا يعاقب برئ مهما توافر في حقه من ظواهر الأدلة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة..... والمسلمة إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز الخانكة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ إلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه من المقرر أنه لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات، وأن العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بالواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسان أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة. لما كان ذلك، وكان الأصل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن حكم البراءة - وبالتالي ما يترتب عليه من قضاء في الدعوى المدنية - أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة، وأنه يكفي لسلامة الحكم بالبراءة ورفض الدعوى المدنية أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة. وكان البين من مدونات الحكم أنه أحاط بالدعوى وبظروفها وكافة أدلتها وانتهى إلى تبرئة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية المرفوعة ضده من الطاعن لعدم اطمئنانه إلى أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى بعد تشككه فيها للأسباب السائغة التي أوردها - والتي تكفى لحمل النتيجة التي خلص إليها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم بقالة الفساد في الاستدلال أو القصور في التسبيب. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة في جريمة خيانة الأمانة في حل من التقيد بقواعد الإثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لأن القانون لا يقيدها بتلك القواعد إلا عند الإدانة في خصوص إثبات عقد الأمانة إذا زاد موضوعه على مائة جنيه احتياطاً لمصلحة المتهم حتى لا تتقرر مسئوليته وعقابه إلا بناء على الدليل المعتبر في القانون، ولا كذلك البراءة لانتفاء موجب تلك الحيطة واسلاساً لمقصود الشارع في ألا يعاقب برئ مهما توافر في حقه من ظواهر الأدلة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.