أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 378

جلسة 20 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سرى صيام وأحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.

(54)
الطعن رقم 5738 لسنة 59 القضائية

(1) غش. عقد مقاولة. إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الغش في تنفيذ عقد من عقود المقاولة. عدم تطلب الشارع فيه قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة.
مثال لاستدلال كاف على توافر جريمة الغش في تنفيذ عقد من عقود المقاولة في حق الطاعن.
(2) مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول النعي على الحكم إسناده إلى الطاعن وآخر القيام بتنفيذ أعمال البناء التي ظهرت بها العيوب. ما دام قد ثبت قيامه بتنفيذ تلك الأعمال.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعن بأن العيوب التي ظهرت بالمباني بسبب ارتفاع منسوب المياه بالحديقة المجاورة لها. لا يستوجب رداً ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي اطمأن إليها الحكم.
1 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الشهود، من أن العيوب الإنشائية المعمارية التي ظهرت في المباني التي أقامها الطاعن والمتهم الثالث، كانت بسبب الغش في مكونات الخرسانة المسلحة ومخالفتها للمواصفات الفنية والهندسية، تتحقق به جريمة الغش في تنفيذ عقد المقاولة الذي ارتبط به الطاعن مع مجلس مدنية...، والتي لا يتطلب القانون لتوافرها والعقاب عليها قدراً من الضرر، فإن الحكم يكون قد استظهر أركان تلك الجريمة، ودلل على ثبوتها في حق الطاعن بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً (ج) من قانون العقوبات، ومعاقبته بالعقوبة المقررة لها.
2 - لما كان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أعمال البناء التي ارتبط مع الجهة العامة على تنفيذها بموجب عقد المقاولة، وسلامة تلك الأعمال، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه واضحة الدلالة على أنه والمتهم الثالث أقاما أعمال البناء التي ظهرت بها العيوب الإنشائية والمعمارية، فلا تثريب على المحكمة إن هي أسندت إليهما معاً المسئولية عن تنفيذ تلك الأعمال وما ظهر بها من عيوب، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن ولئن أثار أن اللجنة لم تتمكن من الكشف لعدم وجود أجهزة إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوت الواقعة في حق الطاعن، وكان ما يثيره الطاعن من أن العيوب التي ظهرت بالمباني كانت بسبب ارتفاع منسوب المياه في الحديقة المجاورة لها، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا يستوجب من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي اطمأن الحكم إليها وأخذ بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1)...... 2)....... 3)........ 4)....... (طاعن) بأنهم: المتهمان الأول والثاني معاً: - بصفتهما موظفين عموميين - الأول فني مشروعات والثاني مدير مشروعات بمجلس مدينة..... ومشرفين معماريين به - تسبباً بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملان بها والوحدة المحلية بمركز..... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما في أداء وظيفتهما وعن إخلالهما بواجباتهما بأن أهملا في الإشراف على تنفيذ عملية بناء ورش النجارة والمباني الفرم الخرسانية بمدرسة...... فنتج عن ذلك إقامة المباني بالمخالفة للأصول الفنية والمواصفات الهندسية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. المتهمان الثالث والرابع: - أضرا عمداً بتنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليهما عقد المقاولة اللذان ارتبطا بها مع الوحدة المحلية لمركز...... لإنشاء ورش النجارة والمباني والفرم الخرسانية بمدرسة....... وارتكبا غشاً في تنفيذها فترتب على ذلك ضرر جسيم ونجم عن ذلك إقامة المباني المخالفة للأصول الفنية والمواصفات الهندسية على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكور قضت حضورياً عملاً بالمواد 116 مكرراً، 116 مكرراً ج/ 1، 119 مكرراً/ 3 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول والثاني بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات. وبمعاقبة الثالث والرابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه...... في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإخلال عمداً بتنفيذ عقد مقاولة ارتبط به مع إحدى الجهات العامة وارتكاب غش في تنفيذه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يدلل على توافر أركان الجريمة في حق الطاعن، ولم يحدد مسئوليته عن الأفعال التي ارتكبها، برغم أنه قد أسند إليه القيام ببعض الإنشاءات المحدودة، ولم تعرض المحكمة إلى ما ورد بتقرير أساتذة كلية الهندسة من ضرورة فحص الخرسانات بالأجهزة الحديثة، ولم تتدارك ذلك النقص في التحقيقات، وأغفلت الرد على دفاع الطاعن أن المبنى كان سليماً وقت استلامه بمعرفة اللجنة المكونة من مديرية الإسكان والمجلس المحلي، وأنه قد مضى على تسليمه واستغلاله وقت طويل، وأن العيوب التي ظهرت به كانت بسبب ارتفاع منسوب المياه في الحديقة المجاورة له بعد زراعتها، والذي أدى إلى هبوط الأعمدة المقامة بجوار الحديقة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود وما جاء بتقريري كلية الهندسة ومديرية الإسكان والمرافق وما أقر به الطاعن والمتهم الثالث بالتحقيقات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الشهود، من أن العيوب الإنشائية والمعمارية التي ظهرت في المباني التي أقامها الطاعن والمتهم الثالث، كانت بسبب الغش في مكونات الخرسانة المسلحة ومخالفتها للمواصفات الفنية والهندسية، تتحقق به جريمة الغش في تنفيذ عقد المقاولة الذي ارتبط به الطاعن مع مجلس مدنية..... والتي لا يتطلب القانون لتوافرها والعقاب عليها قدراً من الضرر، فإن الحكم يكون قد استظهر أركان تلك الجريمة، ودلل على ثبوتها في حق الطاعن بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً (ج) من قانون العقوبات، ومعاقبته بالعقوبة المقررة لها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أعمال البناء التي ارتبط مع الجهة العامة على تنفيذها بموجب عقد المقاولة، وسلامة تلك الأعمال، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه واضحة الدلالة على أنه والمتهم الثالث أقاما أعمال البناء التي ظهرت بها العيوب الإنشائية والمعمارية، فلا تثريب على المحكمة إن هي أسندت إليهما معاً المسئولية عن تنفيذ تلك الأعمال وما ظهر بها من عيوب، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن ولئن أثار أن اللجنة لم تتمكن من الكشف لعدم وجود أجهزة إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوت الواقعة في حق الطاعن، وكان ما يثيره الطاعن من أن العيوب التي ظهرت بالمباني كانت بسبب ارتفاع منسوب المياه في الحديقة المجاورة لها، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا يستوجب من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي اطمأن الحكم إليها وأخذ بها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.