أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1026

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي خليل ومحمد علي رجب.

(160)
الطعن رقم 1830 لسنة 62 القضائية

أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". ضرب "أفضى إليه الموت". دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق الدفاع الشرعي عن المال. مناط قيامه؟
العقار في مفهوم المادة 369 عقوبات؟
مفاد نص المادتين 369، 246/ 2 عقوبات؟ إيراد الحكم قيداً على استعمال حق الدفاع الشرعي عن المال لم يرد بنص المادتين. أثرة؟
مثال لتسبيب معيب لنفي قيام حق الدفاع الشرعي في جانب الطاعن.
من المقرر أن حق الدفاع الشرعي عن المال ينشأ كلما وجد اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات ومنها الجرائم الواردة في الباب انتهاك حرمة ملك الغير، وإذ كان نص المادة 369 من قانون العقوبات الواردة في هذا الباب قد جرى على أن "كل من دخل عقاراً في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانوني وبقي فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري....." وكان المقصود بالعقار في هذه المادة كل مال ثابت غير ما ذكر في المادة 370 التالية فيدخل في ذلك الأراضي الزراعية والأراضي المعدة للبناء أما حيازة البيوت المسكونة أو المعدة للسكني وملحقاتها والسفن المسكونة والمحال المعدة لحفظ المال فإنها محمية بالمادة 370 من قانون العقوبات وإذ كان مفاد نص المادة 369 من قانون العقوبات والفقرة الثانية من المادة 246 من هذا القانون أنه يكفي لقيام هذا الحق مجرد دخول عقار - سواء كان أرضاً زراعية أو أرضاً فضاء - في حيازة الغير بقصد منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه أو البقاء في العقار بقصد ارتكاب شيء من ذلك فإن الحكم يكون قد أورد قيداً على استعمال حق الدفاع الشرعي في الحالة المتقدم ذكرها لم يرد بنص هاتين المادتين، ولما كان الحكم قد انطوى فيما ذهب إليه على فهم خاطئ لنظرية الدفاع الشرعي عن المال حجبه عن تقدير دفاع الطاعن فإنه يتعين نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضى ببراءته بأنهما قتلاً عمداً....... مع سبق الإصرار والترصد بأن عقداً العزم وبيتاً النية على قتله وأعد الأول لذلك سلاحه الناري (مسدس) والمرخص وكمنا له في المكان الذي أيقنا مروره فيه سلفاً وما أن ظفرا به حتى خرجا إليه من مكنتهما وعاجله الأول بإطلاق عدة أعيرة نارية نحوه بينما وقف الآخر لشد أزره قاصدين من ذلك قتله فاستقرت إحداها بجسد المجني عليه فأحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن الواقعة المسندة إليه هي الضرب المفضي إلى الموت.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت وألزمه بالتعويض المدني قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رد علي الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن أرض الطاعن بما لا يسوغه ويخالف حكم المادة 369 من قانون العقوبات بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال فردت المحكمة على هذا الدفع بقولها "ولا ينال مما انتهت إليه المحكمة الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال إذ يشترط في حق الدفاع الشرعي عن النفس أن يكون استعماله موجها إلى مصدر الخطر لمنع وقوعه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول لم يدع أن عدواناً حالاً بادره به المجني عليه أو كان وشيك الوقوع منه حتى يباح له رده عنه فضلاً عن أن الأرض محل النزاع أرض فضاء وليست منزلاً مسكوناً أو أحد ملحقاته فإن حق الدفاع الشرعي والحال كذلك لا يكون له وجود" لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد في مدوناته أن تحريات الشرطة قد دلت على قيام نزاع بين المجني عليه وذويه من جهة وبين الطاعن وأشقائه من جهة أخرى على قطعة أرض زراعية وقام المجني عليه وأشقاؤه بتشوين الطوب في هذه الأرض للبناء عليها ولما علم الطاعن وأخوته بذلك توجهوا إلى الأرض محل النزاع وحدثت مشاجرة بين الطرفين أطلق فيها الطاعن النار على المجني عليه، كما أثبت الحكم أن الطاعن قدم صورة رسمية من الحكم الصادر بتمكينه وأخوته من الأرض موضوع الدعوى ومحضر تسليم هذه الأرض لهم. ولما كان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي عن المال ينشأ كلما وجد اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات ومنها الجرائم الواردة في باب انتهاك حرمة ملك الغير، وإذ كان نص المادة 369 من قانون العقوبات الواردة في هذا الباب قد جرى على أن "كل من دخل عقاراً في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانوني وبقي فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري....." وكان المقصود بالعقار في هذه المادة كل مال ثابت غير ما ذكر في المادة 370 التالية فيدخل في ذلك الأراضي الزراعية والأراضي المعدة للبناء أما حيازة البيوت المسكونة أو المعدة للسكني وملحقاتها والسفن المسكونة والمحال المعدة لحفظ المال فإنها محمية بالمادة 370 من قانون العقوبات وإذ كان مفاد نص المادة 369 من قانون العقوبات والفقرة الثانية من المادة 246 من هذا القانون أنه يكفي لقيام هذا الحق مجرد دخول عقار - سواء كان أرضاً زراعية أو أرضاً فضاء - في حيازة الغير بقصد منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه أو البقاء في العقار بقصد ارتكاب شيء من ذلك فإن الحكم يكون قد أورد قيداً على استعمال حق الدفاع الشرعي في الحالة المتقدم ذكرها لم يرد بنص هاتين المادتين، ولما كان الحكم قد انطوى فيما ذهب إليه على فهم خاطئ لنظرية الدفاع الشرعي عن المال حجبه عن تقرير دفاع الطاعن فإنه يتعين نقضه والإعادة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.