أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1039

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم، فتحي حجاب نائبي رئيس المحكمة وعمر بريك ورشاد قذافي.

(163)
الطعن رقم 25204 لسنة 59 القضائية

(1) تقرير التلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "بيانات الديباجة".
إثبات حصول تلاوة تقرير التلخيص بديباجة الحكم دون أسبابه. لا عيب. متى كان رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم قد وقع عليه.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاًَ.
(3) إثبات "شهود" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية متى كان يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(4) إثبات "بوجه عام". قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إيجار أماكن. خلو رجل.
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية. باقتناع قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
الجريمة التي ترتكب بالمخالفة لأحكام القانون 49 لسنة 1977. عدم تطلبها طريقاً خاصاً لإثباتها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(5) إثبات. قوة الشيء المحكوم به. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى مدنية. دعوى جنائية. خلو رجل.
الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية. ليس لها قوة الشيء المحكوم فيه فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها. أساس ذلك؟
التفات المحكمة عن طلب تعليق الفصل في الدعوى الجنائية لحين الفصل في دعوى مدنية خاصة بالمنازعة في طبيعة عقد الإيجار. لا عيب.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة تقرير التلخيص فلا يقدح في ذلك أن يكون إثبات هذه التلاوة قد ورد بديباجة الحكم المطعون فيه دون أسبابه ما دام رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم قد وقع عليه طبقاً للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية مما يفيد إقراره لما ورد به من بيانات، فإن ما يتطلبه المشرع في هذا الخصوص يكون قد تحقق.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود مرجعه إليها بغير معقب عليها فيه، كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
4 - إن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 لم يجعل لإثبات العناصر القانونية للجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكامه طريقاً خاصاً وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبرير رفضه الدفع بأن عقد الإيجار سند الدعوى ورد على شقة مفروشة مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل سائغة في المنطق لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها في الأوراق فإن ما تثيره من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر وفقاً لنص المادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية أن لا يكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ذلك أن الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بموجب المادة 221 من ذلك القانون بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهي في محاكمة المتهمة عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا يمكن أن تتقيد بأي حكم صادر من أي جهة أخرى مهما كانت، وذلك ليس فقط على أساس أن مثل هذا الحكم لا يكون له قوة الشيء المحكوم به بالنسبة للدعوى الجنائية لانعدام الوحدة في الخصوم أو السبب أو الموضوع، بل لأن وظيفة المحاكم الجنائية والسلطة الواقعة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها اكتشاف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب برئ أو يفلت مجرم يقتضي ألا تكون مقيدة في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن طلب الطاعنة تعليق الفصل في الدعوى الجنائية لحين الفصل نهائياً في الدعوى المدنية الخاصة بالمنازعة في طبيعة عقد الإيجار يكون قد اقترن بالصواب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها تقاضت من..... المبلغ المبين بالتحقيقات خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو رجل. وطلبت عقابها بالمادتين 26/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمة بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أمن الدولة الجزئية.... قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام أولاً: بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وتغريمها ثمانية آلاف جنيه وإلزامها بأن ترد للمجني عليه مبلغ أربعة آلاف جنيه ثانياً: - بعدم قبول الدعوى المدنية. استأنفت المحكوم عليها ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه تأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة تقرير التلخيص فلا يقدح في ذلك أن يكون إثبات هذه التلاوة قد ورد بديباجة الحكم المطعون فيه دون أسبابه ما دام رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم قد وقع عليه طبقاً للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية مما يفيد إقراره لما ورد به من بيانات، فإن ما يتطلبه المشرع في هذا الخصوص يكون قد تحقق مما يتعين معه اطراح ما تثيره الطاعنة في شأن إثبات تلاوة تقرير التلخيص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود مرجعه إليها بغير معقب عليها فيه، كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 لم يجعل لإثبات العناصر القانونية للجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكامه طريقاً خاصاً وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبرير رفضه الدفع بأن عقد الإيجار سند الدعوى ورد على شقة مفروشة مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل سائغة في المنطق لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها في الأوراق فإن ما تثيره من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية أن لا يكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم له فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ذلك أن الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بموج بالمادة 221 من ذلك القانون بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهي في محاكمة المتهمة عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا يمكن أن تتقيد بأي حكم صادر من أي جهة أخرى مهما كانت، وذلك ليس فقط على أساس أن مثل هذا الحكم لا يكون له قوة الشيء المحكوم به بالنسبة للدعوى الجنائية لانعدام الوحدة في الخصوم أو السبب أو الموضوع، بل لأن وظيفة المحاكم الجنائية والسلطة الواسطة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها اكتشاف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب برئ أو يفلت مجرم يقتضي ألا تكون مقيدة في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن طلب الطاعنة تعليق الفصل في الدعوى الجنائية لحين الفصل نهائياً في الدعوى المدنية الخاصة بالمنازعة في طبيعة عقد الإيجار يكون قد اقترن بالصواب، ويكون الطعن على غير أساس متعيناً عدم قبوله.