أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1059

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي نواب رئيس المحكمة وحسين الصعيدي.

(167)
الطعن رقم 11173 لسنة 62 القضائية

(1) قتل عمد. ظروف مشددة. اقتران. جريمة "الجريمة المقترنة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط تطبيق المادة 234/ 2 عقوبات. تعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون. فضلاً عن توافر الرابطة الزمنية.
مثال.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. المادة 289 إجراءات.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود شهادة الشهود على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. غير لازم. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أسند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات كل الشهود إن تعددت. كفاية إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه.
(6) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(7) إثبات "بوجه عام". "معاينة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها. إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
إغفال الحكم تحصيل المعاينة والتحدث عنها. لا يقدح في سلامته. ما دام لم يعول عليها.
(8) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى. استخلاص توافره. موضوعي.
(9) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في شخص المجني عليه أو في توجيه الفعل. لا ينفي القصد الجنائي. الخلط بينهما. عدم تأثيره على صحة ما انتهى إليه الحكم من نتيجة.
المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من توافر نية القتل. غير جائز أمام النقض.
1 - إن كل ما تشترطه المادة 234 من فقرة ثانية من قانون العقوبات هو ألا تكون الجنايتان ناشئتين عن فعل واحد كعيار ناري يطلق عمداً فيقتل شخصين أو قنبلة تلقى فتصيب أكثر من شخص إذ وحدة الفعل تكون حينئذ مانعة من انطباقها أما إذا تعدد الفعل كما إذا أطلق الجاني قاصداً القتل عيارين على شخصين فأصاب كلاً منهما بعيار كانت تلك الفقرة الثانية هي المنطبقة ما دامت قد توافرت الرابطة الزمنية بين هاتين الجنايتين. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاقه عدة أعيرة نارية قاصداً للقتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليها..... نتيجة عيارين وأصابه.... بعيار دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى - ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصدهم لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ما دامت شروطها قد اكتملت بتعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
2 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت - مما يعد تنازلاًَ منه عن سماعهم - وكانت المحاكمة قد جرت في ظل التعديل المدخل على المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 113 لسنة 1957 الذي يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم في التحقيقات - فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً.
3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع الأدلة المطروحة في الدعوى والتي أشار إليها في مدوناته أن الطاعن قد ارتكب الأفعال المسندة إليه والتي دانه عنها على نحو ما أورده تحصيلاً لواقعة الدعوى وجاء استخلاصه سائغاً ومقبولاً فإن النعي عليه بالقصور أو الفساد لا يكون سديداً.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أنه يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
6 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده ونص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
7 - الأصل أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا في الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم إغفاله تحصيل المعاينة والتحدث عنها لأنها لم تكن ذات أثر في قضاء المحكمة ولم تعول عليها.
8 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
9 - من المقرر أن الخطأ في شخص المجني عليه أو في توجيه الفعل وهو ما يعرف بالحيدة عن الهدف لا ينفي القصد الجنائي وتنوه المحكمة أن الحكم وإن اعتبر أن الطاعن قد أخطأ في شخص المجني عليه إلا أنه في الحقيقة أخطأ في توجيه الفعل إلا أنه لا أثر لهذا الخلط على صحة ما انتهى إليه الحكم من نتيجة وهي مساءلة الطاعن عن جريمتي القتل العمد والشروع فيه. لما كان ذلك، وكان ما يتمسك به الطاعن من فساد استدلال الحكم على توافر هذه النية بقالة أنه نقل عن الشهود تهديده لهم بعبارة تخالف ما جرت بهم أقوالهم أو عدم كفاية الباعث للقول بتوافرها أو غير ذلك مما أشار إليه بأسباب طعنه فإن ذلك كله لا يعدو منازعة منه في سلامة ما استخلصته المحكمة عن توافر هذه النية وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل..... عمداً بأن أطلق عدة أعيرة نارية من سلاح ناري كان يحمله (بندقية آلية) صوب.... و.... و.... قاصداً من ذلك قتلهم فأصاب إحداها المجني عليها الأولى فحدثت إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بأربع جنايات أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل.... و.... و.... و.... عمداً بأن أطلق على الثلاثة الآخرين عدة أعيرة نارية من السلاح الناري سالف الذكر قاصداً من ذلك قتلهم فأصاب إحداها المجني عليها.... فحدثت بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها الأولى بالعلاج وعدم إحكام التصويب بالنسبة للمجني عليهم الثلاثة الآخرين - ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً - ثالثاً: أحرز ذخائر مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحمله أو حيازته رابعاً: أطلق سلاحاً نارياً داخل قرية. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما نسب إليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن في مذكرتي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بالشروع فيه وإحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع وشابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال. ذلك أن ما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى لا يتوافر به ظرف الاقتران المشدد إذ أن واقعتي القتل والشروع فيه كانتا نتيجة فعل مادي واحد قارفه الطاعن وأن الخطأ في شخصية المجني عليه التي لا تنتفي بها نية القتل لا يصح معها قيام هذا الظرف، وعول الحكم في قضائه على أقوال الشهود بالتحقيقات دون سماعهم بالجلسة ورغم اختلافها، فضلاً عن أن ما حصله الحكم من أقوالهم لا يفيد أن إصابة المجني عليها القتيلة قد حدثت من الأعيرة التي أطلقها الطاعن إذ لم يشاهد أياً منهم المجني عليهما لحظة إصابتهما بل اقتصرت على ذكر أنهم وجدوا المجني عليهما مصابتين بعد أن توقف الطاعن عن الإطلاق. باستثناء..... الذي شهد بمشاهدة إصابة ابنته دون إصابة المجني عليها القتيلة، ولم يحصل الحكم أدلة الدعوى بطريقة وافية، فلم مؤدى ما شهد به كل من.... و.... واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما حصله من أقوال..... التي حصلها على خلاف الثابت بالأوراق إذ تقل عن الأخير قوله أن الطاعن هددهم بقطع دابرهم جميعاً أثناء المشاجرة التي سبقت الحادث رغم أن أقوالهم جرت على أن تهديد الطاعن لهم كان بالاعتقال أو الانتقام وليس القتل واتخذ الحكم من هذا التحصيل الخاطئ دليلاً على توافر نية القتل بالإضافة إلى أن الشاهد الثاني قد عدل في ختام أقواله بالتحقيقات ونفى تواجده في المشاجرة التي سبقت الحادث واشتراكه فيها، كما أحال في بيان أقوال الشاهد.... إلى ما حصله من أقوال الشاهدة.... رغم اختلاف شهادتيهما إذ قررت الأولى أنها لا تعرف قصد الطاعن من إطلاق الأعيرة بينما نقل عن الثانية أنه كان يقصد من ذلك قتلاً - واقتصر في بيان تقريري الصفة التشريحية والتقرير الطبي الشرعي على إيراد نتيجة كلاهما دون إيراد مضمونه حتى يتبين مدى اتفاقه مع باقي الأدلة التي استند إليها في قضائه، ولم يذكر شيئاً عن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة، وأخيراً فقد دلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعن بما لا يسوغ سنداً لقيامها إذ أن ما أورده الحكم في هذا الصدد لا يفيد سوى الحديث عن الأعمال المادية التي قارفها الطاعن - هذا فضلاً عن فساد استدلاله على توافر هذه النية رغم انتفائها - بدلالة أن ما استدل به على توافرها من إفصاح الطاعن عن ذلك أثناء المشاجرة التي سبقت الحادث ليس له سند من أقوال الشهود - على نحو ما سبق إيضاحه - كما أن الطاعن عند إطلاقه الأعيرة لم يكن على مقربة من المجني عليهما بل كان على مسافة اختلف الشهود في تقديرها وأن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر هذه النية بالنسبة لمن قصد الطاعن إطلاق النار عليهم استناداً إلى الباعث لا يكفي لتوافرها بالنسبة لهم ولا تصلح لإثباتها بالنسبة للمجني عليهما ما دام لم يثبت أن إصابتهما حدثت من ذات الأعيرة التي صوبها إلى من قصد قتلهم بل حدثت بعد فرارها كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "أن المتهم..... سافر إلى..... ومعه..... للعمل هناك ثم أبرق المتهم بوفاته هناك وأخذ والده..... وذويه في تقصي حقيقة وفاته فساورهم اعتقاد أن يكون للمتهم صلة بذلك حتى عاد المذكور إلى القرية فشكاه والده إلى مركز شرطة المنشأة مما أثار عقيدة المتهم فذهب مسكن المذكور قبيل غروب شمس يوم 15/ 8/ 1991 ليجد أمامه كلاً من.... و.... و.... فتشاجر معهم بسبب هذه الشكاية وتماسكوا فتدخل بعض الناس وقاموا بتفريقهم وبعد ذلك أسرع المتهم بعيداً عنهم وعاد تواً إليهم حاملاً بندقية من طراز آلي وأطلق عليهم منها عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتلهم ولم يصب أياً منهم بسبب لوذهم بالفرار إلى داخل المنزل وعدم إحكام الرماية ولكن احديهما أصابت...... وأودت بحياتها وأخرى أصابت...... ببطنها واللتان كانتا تقفان جوارهم ثم أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار المتهم والسلاح الناري الذي استخدمه في الحادث فانتقل الرائد.... رئيس وحدة مباحث مركز...... ومعه قوة من رجال الشرطة في يوم 16/ 8/ 1991 إلى قرية المتهم وهناك علم مصدر سري أنه مختبئ بالزراعات المجاورة فكمن له بها حتى تمكن من ضبطه ومعه بندقية من طراز آلي عيار 7.62 × 39 مم وبخزنتها طلقتان من ذات العيار كما عثر على طلقة فارغة بمكان الحادث من طرازهم أيضاً. وقد أقر له المتهم بارتكابه الحادث وبإحرازه للبندقية والطلقتين المضبوطتين وقد أثبت تقرير الصفة التشريحية لجثة..... مصابة بجرحين ناريين حيويين بالوجه كل منهما من عيار معمر بمقذوف مفرد أطلقا من اليمين لليسار من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وتعزى وفاتها إلى هاتين الإصابتين يمين الوجه وما ينتج عنهما من تهشم بعظام الجمجمة والفك السفلي والفقرات....... والعمود الفقري وما صحب ذلك من تهتك بالأنسجة الرخوة وجوهر المخ والنزيف والصدمة العصبية، كما أثبت تقرير الطب الشرعي أن إصابة.... بمقدم يمين جدار البطن نارية وتحدث من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد باتجاه من اليمين لليسار بمستوى أفقي من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب، كما أثبت أن البندقية المضبوطة آلية وصالحة للاستعمال وكذلك الطلقتين المضبوطتين وهما من طراز 7.62 × 39 مم وكذلك الطلقة الفارغة من ذات العيار وقد أطلقت في وقت يتفق وتاريخ الحادث، وأنه يجوز حدوث إصابات المجني عليهما من مثل البندقية والطلقات المضبوطة، كما أثبت التقرير إمكانية حدوث إصابات المجني عليهما. وفق تصوير الشهود" وقد استدل الحكم على صحة إسناد الواقعة إلى الطاعن بأدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقارير الطبية الشرعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان كل ما تشترطه المادة 234 فقرة ثانية من قانون العقوبات هو ألا تكون الجنايتان ناشئتين عن فعل واحد كعيار ناري يطلق عمداً فيقتل شخصين أو قنبلة تلقى فتصيب أكثر من شخص إذ وحدة الفعل تكون حينئذ مانعة من انطباقها أما إذا تعدد الفعل كما إذا أطلق الجاني قاصداً القتل عيارين على شخصين فأصاب كلاً منهما بعيار كانت تلك الفقرة الثانية هي المنطبقة ما دامت قد توافرت الرابطة الزمنية بين هاتين الجنايتين. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاقه عدة أعيرة نارية قاصداً للقتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليها...... نتيجة عيارين وإصابة..... بعيار دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى - ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصدهم لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ما دامت شروطها قد اكتملت بتعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت - مما يعد تنازلاًَ منه عن سماعهم - وكانت المحاكمة قد جرت في ظل التعديل المدخل على المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 113 لسنة 1957 الذي يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم في التحقيقات - فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنه تلك الشهادة أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع الأدلة المطروحة في الدعوى والتي أشار إليها في مدوناته أن الطاعن قد ارتكب الأفعال المسندة إليه والتي دانه عنها على نحو ما أورده تحصيلاً لواقعة الدعوى وجاء استخلاصه سائغاً ومقبولاً فإن النعي عليه بالقصور أو الفساد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أنه يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. وإذ كان الطاعن لا ينازع في أن أقوال كل من.... و.... قد اتفقت مع أقوال...... في جوهر الواقعة المشهود عليها وهي أن الطاعن قد أطلق عليهم عدة أعيرة نارية بقصد قتلهم كما لا ينازع في اتفاق أقوال..... مع ما حصله من أقوال.... من أن الطاعن هو الذي أطلق الأعيرة النارية وبعد فرارهم وعودتهم وجدوا كلاً من...... و...... مصابتين من ثم فلا يعيب الحكم إحالته إلى أقوال الشاهد..... في بيان أقوال الشاهدين.... و.... أو إحالته إلى أقوال.... في بيان أقوال..... ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد حصل أقوال الشاهد.... ونقل عنها تهديد الطاعن له وللشاهدين....... و........ بعبارة تخالف ما جرت به أقوالهم إذ أنه أخذاً بما أورده الطاعن بأسباب طعنه فإن هؤلاء الشهود قد اتفقت أقوالهم حول معنى مشترك هو أن الطاعن هددهم وتوعدهم بالانتقام أثناء المشاجرة ومن ثم فإن هذا الخطأ بفرض حصوله لا يتوافر به الخطأ في الإسناد ولا يقدح في سلامة الحكم أن يكون للشاهد الثاني..... قول آخر نفى به تواجده بمكان الحادث واشتراكه في المشاجرة التي سبقته كما لا يعيبه اختلاف أقوال الشاهدة..... عن أقوال الشاهدة..... في خصوص تحديد قصد الطاعن من الإطلاق ما دام لم يستند في قضائه إلى هذه الجزئية في إثبات نية القتل. ويكون ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية عن جثة المجني عليها القتيلة قوله "أن.... مصابة بجرحين ناريين حيويين بيمين الوجه وكل منهما من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد أطلقا من اليمين لليسار من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وتعزى وفاتها إلى هاتين الإصابتين بيمين الوجه وما ينتج عنهما من تهشم بعظام الجمجمة. والفك السفلي والفقرات العنقية والعمود الفقري وما صحب ذلك من تهتك بالأنسجة الرخوة وجوهر المخ والنزيف والصدمة العصبية" ونقل عن التقرير الطبي الشرعي أن إصابة..... بمقدم يمين جدار البطن نارية وتحدث من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد باتجاه من اليمني لليسار وبمستوى أفقي من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب، وأن البندقية المضبوطة وآلية وصالحة للاستعمال وكذلك الطلقتين المضبوطين وهما من عيار 7.62 × 39 مم وكذلك الطلقة الفارغة من ذات العيار أيضاً وقد أطلقت في وقت قد يتفق وتاريخ الحادث وأنه يجوز حدوث إصابات المجني عليهما وفق تصوير الشهود، وكان ما أورده الحكم نقلاً عن هذين التقريرين كافياً في بيان مضمونهما ولتحقيق المواءمة بينهما وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم عدم إيراده مضمون التقريرين سالفي الذكر لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده ونص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا في الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم إغفاله تحصيل المعاينة والتحدث عنها لأنها لم تكن ذات أثر في قضاء المحكمة ولم تعول عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل واستظهرها في قوله "وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهم فقد توافرت في حقه من توافر الباعث على القتل لدى المتهم وهو الخلاص من المجني عليهم الثلاثة حتى لا يفكر والد أحديهم في الاستمرار في شكايته ضده ولينفذ فيهم ما سبق أن أفصح عنه أثناء تشاجره معهم ومن استعماله لبندقية سريعة الطلقات وإطلاقه منها عدة أعيرة نارية صوبهم وتشير المحكمة إلى أنه لا ينفي نية القتل لدى المتهم ارتكابه هذا الفعل تحت تأثير الإثارة أو الغضب ألم به نتيجة التشاجر مع المجني عليهم، كما تشير المحكمة أنه لا يؤثر في قيام هذه النية لدى المتهم عدم إصابة كل من..... و..... و..... من أي من الأعيرة التي أطلقها المتهم صوبهم وإصابة آخرين غيرهم هما.... و.... ذلك أنه إذا ثبت مما تقدم أنه انتوى قتل هؤلاء فإنه يعتبر قاتلاً عمداً ولو كان المقتول شخصاً غير الذي تعمد قتله سواء كان ذلك ناشئاً عن الخطأ في شخص من وقع عليه الفعل أو من أخطأ في توجيه الفعل فإن جميع العناصر القانونية للجناية تكون متوافرة في الحالتين كما لو وقع الفعل على ذات المقصود قتله وبذلك يكون المتهم مسئولاً جنائياً عن الشروع في قتل المجني عليهم الثلاثة المذكورين وعن قتل والشروع في قتل المصابتين الأخرتين لانصراف نية القتل وإزهاق الروح إليهما، ذلك أن هذه الواقعة لا تعدو أن تكون صورة من حالات الخطأ في الشخص الذي يؤخذ الجاني بالجريمة العمدية حسب النتيجة التي انتهى إليها فعله لأن الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم ولا ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا الغرض". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر هذه النية في حق الطاعن كافياً وسائغاً وصحيحاً في القانون فيما انتهى إليه من توافر هذا القصد حتى ولو كان الفعل الذي قارفه منتوياً به القتل قد أصاب غير المقصود لما هو مقرر أن الخطأ في شخص المجني عليه أو في توجيه الفعل وهو ما يعرف بالحيدة عن الهدف لا ينفي القصد الجنائي وتنوه المحكمة أن الحكم وإن اعتبر أن الطاعن قد أخطأ في شخص المجني عليه إلا أنه في الحقيقة أخطأ في توجيه الفعل إلا أنه لا أثر لهذا الخلط على صحة ما انتهى إليه الحكم من نتيجة وهي مساءلة الطاعن عن جريمتي القتل العمل والشروع فيه. لما كان ذلك، وكان ما يتمسك به الطاعن من فساد استدلال الحكم على توافر هذه النية بقالة أنه نقل عن الشهود تهديده لهم بعبارة تخالف ما جرت بهم أقوالهم أو عدم كفاية الباعث للقول بتوافرها أو غير ذلك مما أشار إليه بأسباب طعنه فإن ذلك كله لا يعدو منازعة منه في سلامة ما استخلصته المحكمة عن توافر هذه النية وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.