أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1079

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.

(169)
الطعن رقم 24450 لسنة 59 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه". دعارة. فجور.
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل.
غموض النص لا يحول دون تفسيره على هدى من قصد الشارع. القياس محظور في مجال التأثيم.
الاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة مع الناس بغير تمييز. سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو الأنثى. تتحقق به أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 9/ 3 من القانون 10 لسنة 1961.
تنسب الدعارة إلى المرأة حين تبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز. وينسب الفجور للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز. أساس ذلك؟
(2) دعارة. فجور. اشتراك. قانون "تفسيره". "تطبيقه". مساهمة جنائية "تبعية". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
سريان قواعد الاشتراك المنصوص عليها في قانون العقوبات. على الجرائم التي تقع بالمخالفة لنصوص القوانين الجنائية الخاصة. إلا إذا وجد نص على خلاف ذلك.
خلو القانون 10 لسنة 1961 من النص على عدم سريان قواعد الاشتراك على جرائمه.
استمداد الشريك صفته من فعل الاشتراك ذاته وقصده فيه ومن الجريمة التي وقعة بناء على اشتراكه.
عدم توافر أي صورة من صور الاشتراك في جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة في حق الطاعن. وعدم اندراج الفعل المسند إليه تحت أي نص عقابي آخر. معاقبته رغم ذلك. خطأ في القانون. يوجب نقض الحكم والبراءة.
1 - لما كانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة". وكان من المقرر أن الأصل هو التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه في حالة غموض النص فإن الغموض لا يحول دون تفسيره على هدى ما يستخلص من قصد الشارع، مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم، وكان مفهوم دلالة النص سالف الذكر أن الجريمة الواردة فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز، وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها، ويقابلها الفجور "ينسب للرجل" حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه، وهو المعنى المستفاد من تقرير لجنتي العدل الأولى والشئون الاجتماعية بمجلس الشيوخ عن مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951 - الذي تضمن القانون الحالي رقم 10 لسنة 1961 ذات أحكامه، ومما أوردته مذكرته الإيضاحية صراحة إذ ورد به "كما رأت الهيئة عدم الموافقة على ما رآه بعض الأعضاء من حذف كلمة "الدعارة" اكتفاء بكلمة "الفجور" التي تفيد من الناحية اللغوية ارتكاب المنكر والفساد بصفة عامة بغير تخصيص للذكر أو الأنثى، لأن العرف القضائي قد جرى على إطلاق كلمة "الدعارة" على بغاء الأنثى وكلمة "الفجور" على بغاء الرجل فرأت الهيئة النص على الدعارة والفجور لكي يشمل النص بغاء الأنثى والرجل على السواء". يؤيد هذا المعنى ويؤكده استقراء نص المادة الثامنة ونص الفقرتين أ، ب من المادة التاسعة من قانون مكافحة الدعارة، فقد نص الشارع في المادة الثامنة على أن "كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأي طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات..... وإذا كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته تكون العقوبة....." وفي الفقرة أ من المادة التاسعة على أن "كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً للفجور أو الدعارة...." وفي الفقرة ب من المادة ذاتها على أن "كل من يملك أو يدبر منزلاً مفروشاً أو غرفاً مفروشة أو محلاً مفتوح للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة..." فاستعمال الشارع عبارة "الفجور أو الدعارة" في هاتيك النصوص يفصح بجلاء عن قصده في المغايرة بين مدلول كل من اللفظين بما يصرف الفجور إلى بغاء الرجل بالمعنى البادي ذكره، والدعارة إلى بغاء الأنثى.
2 - من المقرر أن قواعد الاشتراك المنصوص عليها في قانون العقوبات تسرى أيضاً - بناء على المادة الثامنة من هذا القانون - على الجرائم التي تقع بالمخالفة لنصوص القوانين الجنائية الخاصة، إلا إذا وجد نص على غير ذلك، وهو ما خلا منه القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة. إلا أنه لما كان الأصل أن الشريك يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده فيه، ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه، فإنه يجب أن ينصرف قصده إلى الفعل الذي تقوم به الجريمة بعناصرها كافة، وإذ كان فعل الطاعن - بفرض قيام جريمة الاعتياد على الدعارة في حق من مارست معه الفحشاء - لا يوفر في حقه الاشتراك في تلك الجريمة، كما هي معرفة به في القانون سالف البيان بأية صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات لعدم انصراف قصده إلى الإسهام معها في نشاطها الإجرامي - بفرض ثبوته - وهو الاعتياد على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو إلى مساعدتها على مباشرة هذا النشاط بتقديم الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر لها مباشرته أو في القليل يزيل أو يذلل ما قد يعترض من سبيلها إليه من حوائل أو عقبات وهو ما ينتفي به الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الشريك. لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعن كما حصله الحكم على السياق المتقدم، لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر، وكان الحكم المطعون فيه قد دانه عن جريمة ممارسة الفجور مع النساء بغير تمييز، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، بما يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة الطاعن وببراءته مما أسند إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه اعتاد - وآخرون على ممارسة الفجور بين النسوة الساقطات دون تمييز. وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1، 6/ أ، ب، 9/ جـ، 10، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح...... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه وتغريمه مائتي جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. استأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاعتياد على ممارسة الفجور بين النسوة الساقطات بدون تمييز قد شابه الخطأ في القانون، ذلك أن الفعل المسند إليه لا يشكل ثمة جريمة معاقب عليها، وذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة". وكان من المقرر أن الأصل هو التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه في حالة غموض النص فإن الغموض لا يحول دون تفسيره على هدى ما يستخلص من قصد الشارع، مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم، وكان مفهوم دلالة النص سالف الذكر أن الجريمة الواردة فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز، وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها، ويقابلها الفجور "ينسب للرجل" حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه، وهو المعنى المستفاد من تقرير لجنتي العدل الأولى والشئون الاجتماعية بمجلس الشيوخ عن مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951 - الذي تضمن القانون الحالي رقم 10 لسنة 1961 ذات أحكامه، ومما أوردته مذكرته الإيضاحية صراحة إذ ورد به "كما رأت الهيئة عدم الموافقة على ما رآه بعض الأعضاء من حذف كلمة "الدعارة" اكتفاء بكلمة "الفجور" التي تفيد من الناحية اللغوية ارتكاب المنكر والفساد بصفة عامة بغير تخصيص للذكر أو الأنثى، لأن العرف القضائي قد جرى على إطلاق كلمة "الدعارة" على بغاء الأنثى وكلمة "الفجور" على بغاء الرجل فرأت الهيئة النص على الدعارة والفجور لكي يشمل النص بغاء الأنثى والرجل على السواء". يؤيد هذا المعنى ويؤكده استقراء نص المادة الثامنة ونص الفقرتين أ، ب من المادة التاسعة من قانون مكافحة الدعارة. فقد نص الشارع في المادة الثامنة على أن "كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأي طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات..... وإذا كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته تكون العقوبة...." وفي الفقرة أ من المادة التاسعة على أن "كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً للفجور أو الدعارة...." وفي الفقرة ب من المادة ذاتها على أن "كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفاً مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة.....". فاستعمال الشارع عبارة "الفجور أو الدعارة" في هاتيك النصوص يفصح بجلاء عن قصده في المغايرة بين مدلول كل من اللفظين بما يصرف الفجور إلى بغاء الرجل بالمعنى البادي ذكره، والدعارة إلى بغاء الأنثى. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن ممارسة الفجور مع النساء بغير تمييز، وكانت صورة الواقعة التي اعتنقها بأن المحكوم عليه السابع اصطحب الطاعن إلى مسكن المحكوم عليها الأولى ليمارس الفحشاء معها بعد أن دفع له مبلغ خمسين جنيهاً نظير ذلك، لا تتحقق به جريمة الاعتياد على الفجور حسبما عرفتها به الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من قانون مكافحة الدعارة المشار إليه، وأنه ولئن كانت قواعد الاشتراك المنصوص عليها في قانون العقوبات تسري أيضاً - بناء على المادة الثامنة من هذا القانون - على الجرائم التي تقع بالمخالفة لنصوص القوانين الجنائية الخاصة، إلا إذا وجد نص على غير ذلك، وهو ما خلا منه القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة. إلا أنه لما كان الأصل أن الشريك يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده فيه، ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه، فإنه يجب أن ينصرف قصده إلى الفعل الذي تقوم به الجريمة بعناصرها كافة، وإذ كان فعل الطاعن - بفرض قيام جريمة الاعتياد على الدعارة في حق من مارست معه الفحشاء - لا يوفر في حقه الاشتراك في تلك الجريمة، كما هي معرفة به في القانون سالف البيان بأية صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات لعدم انصراف قصده إلى الإسهام معها في نشاطها الإجرامي - بفرض ثبوته - وهو الاعتياد على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو إلى مساعدتها على مباشرة هذا النشاط بتقديم الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر لها مباشرته أو في القليل يزيل أو يذلل ما قد يعترض من سبيلها إليه من حوائل أو عقبات وهو ما ينتفي به الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الشريك. لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعن كما حصله الحكم على السياق المتقدم، لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر، وكان الحكم المطعون فيه قد دانه عن جريمة ممارسة الفجور مع النساء بغير تمييز، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، بما يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة الطاعن وببراءته مما أسند إليه.