أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1119

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة.

(176)
الطعن رقم 1753 لسنة 62 القضائية

(1) نيابة عامة. استئناف "نظره والحكم فيه". معارضة. محكمة استئنافية. وكالة. حكم "وصف الحكم". نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
استئناف النيابة العامة الحكم الصادر في المعارضة الابتدائية المرفوعة من المطعون ضدهما دون الحكم الابتدائي الغيابي القاضي بالغرامة أثره: عدم جواز توقيع عقوبة الحبس على المطعون ضدهما من المحكمة الاستئنافية. لئلا يضار المعارض بمعارضته. عدم جواز توقيع المحكمة الاستئنافية لعقوبة الحبس. أثره. جواز إنابة المحكوم عليهما وكليهما لتقديم دفاعهما في الخصومة الاستئنافية. واعتبار الحكم الصادر ضدهما حضورياً يجوز الطعن فيه بالنقض.
(2) بناء. قانون "تفسيره". عقوبة "غرامة". نيابة عامة. استئناف "نظره والحكم فيه". معارضة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاستفادة من الأحكام. الواردة. بالمادة الثالثة من القانون 30 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 رهينة بكون الأعمال المخالفة قد وقعت قبل العمل بالقانون 30 لسنة 1983. وبتقدم المخالف خلال المهلة المحددة به بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة لوقف الإجراءات ضده. وألا تكون الأعمال المخالفة تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه.
عدم استئناف النيابة العامة الحكم الابتدائي الغيابي القاضي بالإعفاء من الغرامة. أثره؟
(3) بناء. عقوبة "وقف تنفيذها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
خلو الحكم من بيان واقعة الدعوى ومشتمل الأدلة التي عول عليها في الإدانة. وقضاؤه بإيقاف عقوبة تصحيح الأعمال المخالفة دون استظهار شروط التصالح. قصور.
القصور الذي يتسع له وجه الطعن له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.
1 - حيث إنه لا محل لما ذهبت إليه نيابة النقض في مذكرتها من تعين القضاء بعدم جواز الطعن استناداً إلى قابلية الحكم المطعون فيه للمعارضة لصدوره غيابياً - وإن وصفته المحكمة حضورياً - لكون الجنحتين المنسوب للمطعون ضدهما اقترافهما مما يجوز الحكم فيها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به مما كان يوجب حضورهما بنفسهما أمام المحكمة الاستئنافية لا بوكيلهما - ذلك أن محكمة أول درجة قضت غيابياً بتغريم كل من المتهمين مبلغ ستمائة جنيه عن التهمتين وضعف رسم الترخيص عن التهمة الأولى وتصحيح الأعمال المخالفة عن الثانية والإعفاء من الغرامة، ولم تستأنف النيابة العامة هذا الحكم وعارض المحكوم عليهما وقضى في معارضتهما برفضها. فاستأنفت النيابة العامة الحكم الصادر في المعارضة وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتغريم كل من المتهمين ستمائة جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة والإعفاء من الغرامة وإيقاف عقوبة التصحيح. ولما كانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الابتدائي الغيابي الذي قضى بالغرامة وضعف رسم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة مع الإعفاء من الغرامة، وإنما استأنف الحكم الصادر في المعارضة التي قرر بها المطعون ضدهما في هذا الحكم، ومن ثم لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تقضي عليهما بعقوبة الحبس لأنها بذلك تكون قد سوأت مركز المتهمين، وهو ما لا يجوز - إذ لا يصح أن يضار المعارض بناء على المعارضة التي رفعها - ومتى كان توقيع المحكمة الاستئنافية لعقوبة الحبس غير جائز، فإن إنابة المحكوم عليهما وكليهما لتقديم دفاعهما في الخصومة الاستئنافية يكون، طبقاً للمادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية جائزاً قانوناً، ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يكون بحق حضورياً وبالتالي يضحى الطعن فيه بطريق النقض جائزاً. وإذ كان ذلك، وكان الطعن قد استوفى مقوماته الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
2 - حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 تنص على أنه "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مدة تنتهي في 7 من يونيه سنة 1987 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده، وفي هذه الحالة توقف هذه الإجراءات إلى أن يتم معانية الأعمال موضوع المخالفة.... وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة.... وتعفى جميع الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه من الغرامة المقررة في هذه المادة......"، مما مفاده حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للاستفادة من الأحكام التي تضمنها ذلك النص أن تكون الأعمال المخالفة قد وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 الذي عمل به من 8 يونيه سنة 1983 وأن يكون المخالف قد تقدم خلال المهلة المحددة به بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة لوقف الإجراءات ضده، بالإضافة لشرط ثالث، بالنسبة للتمتع بالإعفاء من الغرامة، هذا ألا تكون الأعمال المخالفة قد زادت قيمتها على عشرة آلاف جنيه لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الابتدائي الغيابي الذي قضى بالإعفاء من الغرامة، وإنما استأنفت الحكم الصادر في المعارضة التي قرر بها المطعون ضدهما في هذا الحكم، على ما سلف بيانه، وكان لا يجوز للمحكمة الاستئنافية متى اتجهت إلى إدانة المطعون ضدهما أن تقضي عليهما بما يجاوز العقوبة المحكوم عليهما بها غيابياً حتى لا يضارا من معارضتهما، فإن نعي النيابة العامة على الحكم المطعون فيه قضاءه بالإعفاء من عقوبة الغرامة يكون غير مقبول.
3 - لما كان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد قضى بوقف عقوبة تصحيح الأعمال المخالفة مقيماً قضاءه على تصالح المحكوم عليهما والجهة الإدارية، وكان هذا الحكم - سواء فيما اعتنقه من أسباب الحكم الابتدائي الغيابي أو أضاف إليه من أسباب أخرى - قد خلا كلية من بيان واقعة الدعوى ومشتمل الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة ومؤداها ولم يبين عناصر المخالفة المستوجبة لقضائه، كما أنه إذ قضى بإيقاف عقوبة تصحيح الأعمال المخالفة لم يستظهر البتة مدى توافر شروط التصالح، فإنه إذ لم يبين كل ذلك يكون مشوباً بالقصور في التسبيب الذي له الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وتقول كلمتها بشأن ما تثيره النيابة العامة بهذا الوجه من الطعن، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما. بأنهما: أولاً: أقاما بناء بدون ترخيص. ثانياً: أقاما بناء غير مطابق للمواصفات الفنية وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976 ومحكمة البلدية..... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين ستمائة جنيه على التهمتين وضعف رسم الترخيص عن الأولى وتصحيح الأعمال المخالفة عن الثانية والإعفاء من الغرامة. عارضاً وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه استأنفت النيابة العامة والمطعون ضدهما ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتغريم كل من المتهمين ستمائة جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة والإعفاء من الغرامة وإيقاف عقوبة التصحيح.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه لا محل لما ذهبت إليه نيابة النقض في مذكرتها من تعين القضاء بعدم جواز الطعن استناداً إلى قابلية الحكم المطعون فيه للمعارضة لصدوره غيابياً - وإن وصفته المحكمة حضورياً - لكون الجنحتين المنسوب للمطعون ضدهما اقترافهما مما يجوز الحكم فيها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به مما كان يوجب حضورهما بنفسهما أمام المحكمة الاستئنافية لا بوكيلهما - ذلك أن محكمة أول درجة قضت غيابياً بتغريم كل من المتهمين مبلغ ستمائة جنيه عن التهمتين وضعف رسم الترخيص عن التهمة الأولى وتصحيح الأعمال المخالفة عن الثانية والإعفاء من الغرامة، ولم تستأنف النيابة العامة هذا الحكم عارض المحكوم عليهما وقضى في معارضتهما برفضها. فاستأنفت النيابة العامة الحكم الصادر في المعارضة وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتغريم كل من المتهمين ستمائة جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة مع الإعفاء من الغرامة وإيقاف عقوبة التصحيح. ولما كانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الابتدائي الغيابي الذي قضى بالغرامة وضعف رسم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة مع الإعفاء من الغرامة، وإنما استأنفت الحكم الصادر في المعارضة التي قرر بها المطعون ضدهما في هذا الحكم، ومن ثم لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تقضي عليهما بعقوبة الحبس لأنها بذلك تكون قد سوأت مركز المتهمين، وهو ما لا يجوز - إذ لا يصح أن يضار المعارض بناء على المعارضة التي رفعها - ومتى كان توقيع المحكمة الاستئنافية لعقوبة الحبس غير جائز، فإن إنابة المحكوم عليهما وكليهما لتقديم دفاعهما في الخصومة الاستئنافية يكون، طبقاً للمادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية جائزاً قانوناً، ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يكون بحق حضورياً وبالتالي يضحى الطعن فيه بطريق النقض جائزاً. وإذ كان ذلك، وكان الطعن قد استوفى مقوماته الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بإعفاء المطعون ضدهما من الغرامة المقضى بها وإيقاف تصحيح الأعمال المخالفة عن جريمتي إقامة بناء دون ترخيص وغير مطابق للأصول الفنية والمواصفات العامة حال أنه ارتكب الأعمال المخالفة بعد العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 فلا يفيد من قواعد التصالح المنصوص عليها فيه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 تنص على أنه "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مدة تنتهي في 7 من يونيه سنة 1987 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده، في هذه الحالة توقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة.... وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة..... وتعفى جميع الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه من الغرامة المقررة في هذه المادة...."، مما مفاده حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للاستفادة من الأحكام التي تضمنها ذلك النص أن تكون الأعمال المخالفة قد وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 الذي عمل به من 8 يونيه سنة 1983 وأن يكون المخالف قد تقدم خلال المهلة المحددة به بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة لوقف الإجراءات ضده، بالإضافة لشرط ثالث، بالنسبة للتمتع بالإعفاء من الغرامة، هذا إلا تكون الأعمال المخالفة قد زادت قيمتها على عشرة آلاف جنيه لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الابتدائي الغيابي الذي قضى بالإعفاء من الغرامة، وإنما استأنفت الحكم الصادر في المعارضة التي قرر بها المطعون ضدهما في هذا الحكم، وعلى ما سلف بيانه، وكان لا يجوز للمحكمة الاستئنافية متى اتجهت إلى إدانة المطعون ضدهما أن تقضي عليهما بما يجاوز العقوبة المحكوم عليهما بها غيابياً حتى لا يضارا من معارضتهما، فإن نعي النيابة العامة على الحكم المطعون فيه قضاءه بالإعفاء من عقوبة الغرامة يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد قضى بوقف عقوبة تصحيح الأعمال المخالفة مقيماً قضاءه على تصالح المحكوم عليهما والجهة الإدارية، وكان هذا الحكم - سواء فيما اعتنقه من أسباب الحكم الابتدائي الغيابي أو أضاف إليه من أسباب أخرى - قد خلا كليه من بيان واقعة الدعوى ومشتمل الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة ومؤداها ولم يبين عناصر المخالفة المستوجبة لقضائه، كما أنه إذ قضى بإيقاف عقوبة تصحيح الأعمال المخالفة لم يستظهر البتة مدى توافر شروط التصالح، فإنه إذ لم يبين كل ذلك يكون مشوباً بالقصور في التسبيب الذي له الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وتقول كلمتها بشأن ما تثيره النيابة العامة بهذا الوجه من الطعن، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.