أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1129

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله.

(178)
الطعن رقم 25471 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة وظروفها.
(2) تزوير. اشترك. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
الاشتراك في التزوير تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. ما يكفي لثبوته؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على آخر. ولو كانت واردة بمحضر الشرطة. ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى. متى اطمأنت إليها.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
(6) قضاة "رد القضاة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع "الإجراءات أمامها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب سلوك الطاعن الطريق الذي رسمه القانون لرد المحكمة إذا ما قام بها سبب من أسباب الرد. غير أسباب عدم الصلاحية. تقاعسه عن سلوك هذا الطريق أثناء نظر الدعوى. أثره؟
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. مفاد التفاته عنها. إطراحها.
(9) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً.
(10) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "حالة الضرورة". جريمة "أركانها". باعث. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حالة الضرورة التي تسقط المسئولية. ماهيتها؟
التفات الحكم عن دفاع ظاهر البطلان. لا يعيبه.
الباعث على الجريمة ليس من أركانها أو عناصرها. إغفال الحكم التحدث عنه. لا يعيبه.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً. وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على آخر ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن خاصاً بأقوال الطاعن الآخر في حقه والتي عول الحكم عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن الثاني في خصوص عدم سؤاله بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيقات النيابة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
6 - من المقرر أنه إذا قام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية وهو ما يلوح به الطاعن الثاني في أسباب طعنه فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً لكي يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع فإن تقاعس فليس له من بعد أن يثير ذلك بأسباب طعنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضاء الإدانة.
8 - ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها.
9 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي به مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً بما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه.
10 - من المقرر أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بالشخص وتدفعه إلى الجريمة وقاية لنفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله - لما كان ذلك وكان ما يدعيه الطاعن الأول لا تقوم به حالة الضرورة. ولا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان. هذا فضلاً على أن ما يجادل به إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فلا على الحكم إن أغفل التحدث عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (1) اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول ليس من أرباب الوظائف العمومية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو "إذن العمل رقم.... لسنة 1988 باسم/..... المنسوب صدوره إلى وحدة تصاريح عمل شمال القاهرة" وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفقا مع ذلك المجهول على إنشائه على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة والتوقيع عليها بتوقيعات مزورة على العاملين بها وبصمها بخاتم مقلد عليها وساعداه بأن زوداه بالبيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) قلدا بواسطة الغير خاتم إحدى الجهات الحكومية "وحدة تصاريح عمل شمال القاهرة" واستعملاه بأن بصما به على إذن العمل سالف البيان. (3) المتهم الأول: استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه بتزويره بأن قدمه لضابط وحدة جوازات منفذ السلوم على النحو المبين بالأوراق. (4) اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير جواز السفر رقم.... لسنة 1986 والصادر باسم/.... من وحدة جوازات روض الفرج وكان ذلك بوضع صورة مزورة بأن اتفقا مع ذلك المجهول على نزع صورة صاحب الجواز الأصلي ووضع صورة المتهم الأول بدلاً منها وساعداه بأن زوداه بصورة فوتوغرافية فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة واستعمل الأول ذلك المحرر مع علمه بتزويره بأن قدمه للجهة سالفة الذكر. (5) المتهم الأول عثر على جواز السفر المبين بالتهمة السابقة واحتبسه لنفسه بنية تملكه ولم يرده إلى صاحبه أو جهة الإدارة على النحو المبين بالأوراق. وإحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41/ 1، 206/ 3 - 4، 211، 212، 214، 217، 321 مكرراً/ 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب عما هو منسوب إليه مع مصادرة المحررات المزورة.
فطعن المحكوم عليهما والأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن...... ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة الاشتراك في تزوير محررين رسميين وتقليد خاتم لأحد جهات الحكومة بواسطة الغير قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الحكم جاء مبهماً ولم يبين دور كل متهم في ارتكاب الجريمة وعول في إدانته على أقوال الطاعن الآخر في محضر جمع الاستدلالات رغم عدوله عنها أمام المحكمة وأنه لم يسأل في أي دور من أدوار التحقيق. هذا فضلاً على أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم سبق له أن حاكم الطاعن في جناية أخرى قضى فيها ببراءته بما يحمل معه من تأثير ذلك في الحكم عليه كما وأن الحكم عول على شهادة الشهود رغم تناقضها والتفت كلية عن دفوع الطاعن الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه. كما أن الطاعن..... ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أدانه رغم عدم اشتراكه في التزوير وأن دوره قد اقتصر على استعمال المحررين المزورين الذي ألجأته إليه حالة الضرورة وهي سعيه وراء رزقه وأعرض الحكم كلية عن دفوعه ودفاعه. الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كان ذلك محققاً لحكم القانون. لما كان ذلك وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً. وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على آخر ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى. لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن خاصاً بأقوال الطاعن الآخر في حقه والتي عول الحكم عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن الثاني في خصوص عدم سؤاله بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيقات النيابة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه إذا قام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية وهو ما يلوح به الطاعن الثاني في أسباب طعنه فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً لكي يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع فإن تقاعس فليس له من بعد أن يثير ذلك بأسباب طعنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضاء الإدانة. كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها. لما كان ما تقدم وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي به مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً بما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه. لما كان ذلك وكان الطاعن الثاني لم يكشف بأسباب طعنه أوجه التناقض بين أقوال الشهود أو الدفوع التي أثارها ولم ترد عليها المحكمة ومن ثم يكون نعيه في هذا المقام غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بالشخص وتدفعه إلى الجريمة وقاية لنفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله - لما كان ذلك وكان ما يدعيه الطاعن الأول لا تقوم به حالة الضرورة. ولا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان. هذا فضلاً على أن ما يجادل به إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فلا على الحكم إن أغفل التحدث عنه. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون غير سديد ويتعين رفضه.