أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 519

جلسة 14 من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد شتا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم والبشري الشوربجي نائبي رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور وفتحي جودة.

(73)
الطعن رقم 9837 لسنة 64 القضائية

(1) سرقة "سرقة بإكراه" شروع. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم المطعون فيه أن الطاعن شهر مطواة في وجه المجني عليه وطالبه بإيقاف السيارة والنزول منها وإعطائه ما معه من نقود. تجاوزه بذلك الأعمال التحضيرية ودخوله في دور التنفيذ. النعي عليه بالقصور. غير سديد.
(2) قصد جنائي. سرقة "سرقة بإكراه". جريمة "أركانها". شروع. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. ماهيته؟
تحدث الحكم عن القصد الجنائي وركن الإكراه في السرقة. غير لازم. ما دامت مدونات الحكم تكشف عن توافره.
استظهار الحكم أن الطاعن اعترض سيارة المجني عليه وشهر مطواة في وجهه بقصد سلب السيارة وما معه من مال وضبطه قبل إتمام الجريمة. يتوافر به الشروع في السرقة بالإكراه. النعي بعدم التحدث عن نية السرقة وركن الإكراه. غير سديد.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف. ماهيته؟
حق المحكمة في الأخذ بالاعتراف الصادر من المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إليه.
إثارة بطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". "إجراءات المحاكمة". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إثارة الطاعن أن إقراره بمحضر الضبط لم يصدر منه ووجود نقص بتحقيقات النيابة. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
(5) إثبات "شهود". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ بأقوال الشاهد في محضر الضبط متى اطمأنت إليها.
(6) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً. بل يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم واطمأنت إليها المحكمة.
1 - لما كان الطاعن إذ قام بشهر مطواة في وجه المجني عليه وطالبه بإعطائه ما معه من مبالغ نقدية وطلب منه إيقاف السيارة والنزول منها فقد تجاوز بذلك مرحلة التحضير ودخل فعلاً في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالاً إلى ارتكاب جريمة السرقة بحيث أصبح عدوله بعد ذلك باختياره عن مقارفة تلك الجريمة، أمراً غير متوقع ويكون ما ارتكبه سابقاً على واقعة الضبط شروعاً في جناية معاقباً عليه، ويكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند.
2 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن اعترض سيارة المجني عليه وشهر مطواة في وجهه بقصد سلب السيارة وما معه من مال تحت التهديد باستعمالها وأمكن ضبطه قبل إتمامها، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها فإنه لا يعيب الحكم من بعد عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة وركن الإكراه ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
3 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه ولا بأنه كان وليد إكراه أو تهديد فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من أن الإقرار المنسوب له في محضر ضبط الواقعة لم يصدر منه ومن أنه يعد استجواباً من الضابط له، كما لم يثر بها أيضاً ما يدعيه من نقص في تحقيقات النيابة، ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقض، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
5 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها فإنه لا على الحكم إن هو اعتمد على شهادة الشاهد ضمن ما اعتمد عليه في قضائه بالإدانة.
6 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: شرع في سرقة المبلغ النقدي والسيارة رقم.... أجرة القاهرة المبينة قيمة ووصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليه... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن شهر في وجهه سلاحاً (مطواة قرن غزال) أثناء استقلاله للسيارة الأجرة طالباً منه إخراج ما معه من نقود والتوجه بالسيارة إلى مكان خال من الآدميين فشل بذلك حركته من المقاومة وأوقع الرعب في نفسه وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجني عليه وضبطه والجريمة متلبساً بها على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 314/ 1، 315/ ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المطواة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في السرقة بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى وأركان الجريمة التي دان الطاعن بها، كما أن ضابط الواقعة نسب إلى الطاعن اعترافاً لم يصدر عنه ويعد منه استجواباً باطلاً للطاعن، وعول الحكم في إدانته على هذا الاعتراف الباطل ولم تعن المحكمة بتحقيق شروط صحة ذلك الاعتراف وذلك رغم إنكار الطاعن الاتهام بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة كما أن تحقيقات النيابة العامة جاءت قاصرة وعولت المحكمة على أقوال الشهود ومحضر جمع الاستدلالات والتفتت عن دفاع الطاعن القائم على كيدية الاتهام وتلفيقه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليه وتحريات المباحث وإقرار المتهم بمحضر جمع الاستدلالات. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم تتوافر به جريمة الشروع في السرقة كما هي معرفة به في القانون ذلك بأن الطاعن إذ قام بشهر مطواة في وجه المجني عليه وطالبه بإعطائه ما معه من مبالغ نقدية وطلب منه إيقاف السيارة والنزول منها فقد تجاوز بذلك مرحلة التحضير ودخل فعلاً في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالاً إلى ارتكاب جريمة السرقة بحيث أصبح عدوله بعد ذلك باختياره عن مقارفة تلك الجريمة، أمراً غير متوقع ويكون ما ارتكبه سابقاً على واقعة الضبط شروعاً في جناية معاقباً عليه، ويكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن اعترض سيارة المجني عليه وشهر مطواة في وجهه بقصد سلب السيارة وما معه من مال تحت التهديد باستعمالها وأمكن ضبطه قبل إتمامها، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها فإنه لا يعيب الحكم من بعد عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة وركن الإكراه ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه ولا بأنه كان وليد إكراه أو تهديد فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من أن الإقرار المنسوب له في محضر ضبط الواقعة لم يصدر منه ومن أنه يعد استجواباً من الضابط له، كما لم يثر بها أيضاً ما يدعيه من نقص في تحقيقات النيابة، ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها فإنه لا على الحكم إن هو اعتمد على شهادة الشاهد ضمن ما اعتمد عليه في قضائه بالإدانة ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.