أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1152

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب ومحمود دياب ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

(182)
الطعن رقم 71 لسنة 63 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعن.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
انحسار دعوى الخطأ في الإسناد عن الحكم. ما دام ما حصله له أصله الثابت في الأوراق.
مثال:
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي.
عدم التزام المحكمة باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "حقها في التصدي للدعوى الجنائية". دعوى جنائية.
حق التصدي من إطلاقات محكمة الجنايات. عدم التزامها بإجابة طلبات الخصوم في شأنه. المادة 11 إجراءات.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب إعلان الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة على يد محضر على نفقة الخصوم. المادة 214/ 2 مكرراً إجراءات.
إعلانهم من قبل المتهم لا يتوقف على تصريح من المحكمة.
قعود المتهم عن سلوك السبيل الذي رسمه القانون في المادة السالفة. لا تثريب على المحكمة عن لم تستجب لطلب التأجيل لسماع شاهديه.
(7) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهادة". قتل عمد.
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
مثال:
(8) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نعى الطاعن عدم تعرض المحكمة على مستندات قدمها دون الكشف عن ماهية هذه المستندات ووجه استدلاله بها. غير مقبول.
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فإنها متوافرة وبحق وبدليل لا يقبل الشارع في حق المتهم..... الذي انعقدت إرادته على الخلاص نهائياً من المجني عليه بقتله وإزهاق روحه لكونه زوج شقيقته التي قام نزاع بينهما وبين المتهم بسبب رفعها قضايا ميراث ضده وقد قرر المتهم في تحقيقات النيابة العامة بوجود خلافات بينه وبين شقيقته زوجة المجني عليه بسبب الميراث الأمر الذي أوغر صدر المتهم وأثار حفيظته عندما شاهد المجني عليه وقد حضر إلى شقة النزاع فقام بإخراج مسدس من طيات ملابسه وأطلق منه عياراً نارياً أصاب صدر المجني عليه قاصداً من ذلك قتله فلقي مصرعه بما أحدثته الإصابة النارية الحيوية الحديثة بيمين الصدر من تهتك بالرئتين والأوعية الدموية الرئيسية وما صاحبها من نزيف دموي غزير وتستدل المحكمة من قيام النزاع بين المتهم وشقيقته زوجة المجني عليه على الميراث ومن استعمال المتهم مسدس محشو بالطلقات وهو سلاح قاتل بطبيعته وإصابة المجني عليه في مقتل هي إصابته بالصدر حسبما ورد بتقرير الصفة التشريحية وهي أمور كافية - بذاتها على توافر وثبوت نية القتل لدى المتهم وتشير إلى أن المتهم انصرفت نيته إلى إزهاق روح وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل النعي عليه في هذا الصدد.
2 - لما كان البين من الأوراق أن ما أورده الحكم عند التدليل على نية القتل من وجود خلافات بين الطاعن وشقيقته زوجة المجني عليه بسبب الميراث له صداه وأصله في الأوراق إذ الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الحاضر عن الأخيرة - المدعية بالحقوق المدنية - قرر بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1991 بوجود هذه الخلافات بسبب الميراث وهو ما سلم به الدفاع عن الطاعن بالجلسة ذاتها، كما ردده الشاهد الأول...... بمحضر جلسة 7 من أكتوبر سنة 1992، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات ولا تلتزم باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت على صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو التفاتها عن عرضه على الطبيب الشرعي أو دعوة كبير الأطباء الشرعيين ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون أن تلتزم بإجابة طلبات الخصوم في هذا الشأن.
6 - الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود، فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى بما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشاهدين اللذين طلب إلى محكمة الجنايات سماعهما ولم يدرج اسميهما في قائمة الشهود، فلا تثريب على المحكمة أن هي لم تستجب إلى طلب سماعهما.
7 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن عن تناقض أقوال الشهود بشأن واقعة بقاء الجثة بمكان الحادث أم نقلها إلى المستشفى ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها.
8 - لما كان الطاعن قد أرسل القول بأن المحكمة لم تعرض إلى مستنداته التي قدمها إليها دون أن يكشف عن هذه المستندات ووجه استدلاله بها، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل...... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس). ثالثاً: أحرز ذخائر "طلقتين عيار 6 مم" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وإحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت...... - أرملة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن كل من المحكوم عليه والأستاذ/..... المحامي نيابة عنه في هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم قتل عمد وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل وعول في ذلك على وجود خلافات ودعاوي قضائية بسبب الميراث بين الطاعن وشقيقته زوجة المجني عليه وهو ما لا أصل له في الأوراق، وطلب الدفاع عن الطاعن ندب كبير الأطباء الشرعيين لبيان مدى إمكان وقوع الحادث وفق تصوير الشهود، وموقف الضارب من المضروب الذي خلا منه تقرير الطبيب الشرعي، أو التصريح له بتقديم تقرير طبي من خبير استشاري في هذا الصدد، كما طلب عرضه على الطبيب الشرعي لتحقيق دفاعه القائم على أن شقيقه الشاهد الأول قد أطلق عليه عياراً نارياً أصاب إصبعه، كما أصاب المجني عليه الذي يجاوره بعيار آخر وهو ما يتفق مع ما جاء بالتقرير الطبي من أن العيار أصاب المجني عليه من الجنب بينما كان الطاعن يقف أمامه، وطلب من المحكمة أيضاً أن تقيم الدعوى على شقيقه المذكور بما لها من حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، وكذلك استدعاء نفى لسماعهما، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذه الطلبات دون مسوغ، هذا إلى أن الحكم أطرح دفاعه بتناقض أقوال الشهود بمقولة أنه لم يحدد أوجه هذا التناقض رغم ما أثبته بمحضر الجلسة من اختلافهم بشأن واقعة بقاء الجثة بمكان الحادث أم نقلها إلى المستشفى، وأخيراً فإن المحكمة لم تعرض إلى ما قدمه من مستندات مؤيدة لدفاعه رغم أهميتها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال.... و.... و.... و..... وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرهما في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فإنها متوافرة وبحق وبدليل لا يقبل الشارع في حق المتهم.... الذي انعقدت إرادته على الخلاص نهائياً من المجني عليه بقتله وإزهاق روحه لكونه زوج شقيقته التي قام نزاع بينهما وبين المتهم بسبب رفعها قضايا ميراث ضده وقد قرر المتهم في تحقيقات النيابة العامة بوجود خلافات بينه وبين شقيقته زوجة المجني عليه بسبب الميراث الأمر الذي أوغر صدر المتهم وأثار حفيظته عندما شاهد المجني عليه وقد حضر إلى شقة النزاع فقام بإخراج مسدس من طيات ملابسه وأطلق منه عياراً نارياً أصاب صدر المجني عليه قاصداً من ذلك قتله فلقي مصرعه بما أحدثته الإصابة النارية الحيوية الحديثة بيمين الصدر من تهتك الرئتين والأوعية الدموية الرئيسية وما صاحبها من نزيف دموي غزير وتستدل المحكمة من قيام النزاع بين المتهم وشقيقته زوجة المجني عليه على الميراث ومن استعمال المتهم مسدس محشو بالطلقات وهو سلاح قاتل بطبيعته وإصابة المجني عليه في مقتل هي إصابته بالصدر حسبما ورد بتقرير الصفة التشريحية وهي أمور كافية - بذاتها على توافر وثبوت نية القتل لدى المتهم وتشير إلى أن المتهم انصرفت نيته إلى إزهاق روح وإذ كان هذا استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن، فإنه لا محل النعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن ما أورده الحكم عند التدليل على نية القتل من وجود خلافات بين الطاعن وشقيقته زوجة المجني عليه بسبب الميراث له صداه وأصله في الأوراق إذ الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الحاضر عن الأخيرة - المدعية بالحقوق المدنية - قرر بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1991 بوجود هذه الخلافات بسبب الميراث وهو ما سلم به الدفاع عن الطاعن بالجلسة ذاتها، كما ردده الشاهد الأول...... بمحضر جلسة 7 من أكتوبر سنة 1992، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وأن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات ولا تلتزم باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو التفاتها عن عرضه على الطبيب الشرعي أو دعوة كبير الأطباء الشرعيين ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون أن تلتزم بإجابة طلبات الخصوم في هذا الشأن. فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم في هذا الشأن لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود، فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى بما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشاهدين الذين طلب إلى محكمة الجنايات سماعهما ولم يدرج اسميهما في قائمة الشهود، فلا تثريب على المحكمة أن هي لم تستجب إلى طلب سماعهما، ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن عن تناقض أقوال الشهود بشأن واقعة بقاء الجثة بمكان الحادث أم نقلها إلى المستشفى ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أرسل القول بأن المحكمة لم تعرض إلى مستنداته التي قدمها إليها دون أن يكشف عن هذه المستندات ووجه استدلاله بها، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.