أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1185

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

(186)
الطعن رقم 9732 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "وضعه والتوقيع عليه. ميعاده". شهادة سلبية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الشهادة التي يستدل بها على عدم إيداع الحكم موقعاً عليه في الميعاد. ينبغي أن تكون على السلب. تضمينها أن الحكم أودع في ميعاد معين. عدم اعتبارها شهادة سلبية. أساس ذلك؟
التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره. عدم جدواه في نفي حصول الإيداع في الميعاد القانوني.
(2) حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بموجبه. المادة 310 إجراءات. مثال.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام الأحكام أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. كفاية أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. حقها في التعويل على أقوال الشاهد في أي من مراحل الدعوى. ما دامت اطمأنت إليها.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. لمحكمة الموضوع أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أنها صدرت منه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي. ما دامت الواقعة وضحت لديها. ولم تر من جانبها حاجة إلى ذلك.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. مثال.
(7) إثبات "شهود" "خبرة". ضرب "أحدث عاهة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
عدم جواز النعي بتناقض الدليلين القولي والفني لأول مرة محكمة النقض.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعيب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(9) ضرب "إحداث عاهة". جريمة "أركانها". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 عقوبات. هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة.
يكفي لتوافر العاهة المستديمة أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة.
ضعف قوة الإبصار أصلاً لا يؤثر في قيام الجريمة. حد ذلك؟
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه في الميعاد القانوني ينبغي أن تكون على السلب أي دالة على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعاً عليه وقت صدورها وأنه لا يغني عن هذه الشهادة السلبية أي دليل آخر سوى أن يبقى الحكم حتى نظر الطعن خالياً من التوقيع وإذن فالشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة يوم 29 من مارس سنة 1993 لا تفيد لأن قانون الإجراءات الجنائية في المادة 312 منه لم يجعل لقلم الكتاب الاختصاص ببيان تاريخ ورود الحكم في مقام طلب إبطاله بل قصر اختصاصه على مجرد إثبات وجود الحكم أو عدم وجوده في القلم المذكور محررة أسبابه موقعاً عليها ممن أصدره وقت تحرير الشهادة، فضلاً عن أنه من المقرر أن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره لا يجدي في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني وإذ كان ذلك فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
2 - إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذ به بقوله "وتعين لذلك معاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وإعمالاً للمادة 340/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون.
3 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض في أقوال الشهود على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
4 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفال الحكم إيراد أقوال المتهم لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذها هذا الإجراء وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الطب الشرعي فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - إن البين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في التقرير المقدم منه أو إعادة المأمورية إليه فليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم ترى هي من جانبها حاجة لاتخاذه ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر إنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس وفضلاً عن ذلك فإن البين من حضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة بقالة أن المجني عليه لم يكن يعرف المتهم وكان يتعين عرضه عليه عرضاً قانونياً ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثر شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
9 - من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/ 1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفي لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه في عينه اليمنى قد خلقت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين عن قوتها الطبيعية تقدر نسبتها بنحو 75% ومن ثم فإن ما يثيره من ضعف قوة الإبصار قبل الإصابة أصلاً لا يؤثر في قيام أركان الجريمة ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كانت فاقدة الإبصار من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها ويكون منعاه في هذا الشأن على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً..... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بأن ضربه على عينه اليمنى بسوط مما أضعف إبصارها عن قوتها الطبيعية فنشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وتقدر بنسبة 75% على النحو المبين بالتحقيقات. وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ثمانية آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي فطعن كل من المحكوم عليه والأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النطق به وخلا الحكم من بيان نص القانون الذي عاقب الطاعن بمقتضاه وعول على أقوال المجني عليه وشقيقه رغم تعدد رواية الأول وتناقضها وأن شهادة الثاني سماعية ولم يعرض لأقوال المتهم والتفتت المحكمة عن طلبه مناقشة الطبيب الشرعي أو إعادة المأمورية إليه بشأن إصابة العين قبل الحادث وإنهاء خدمة المجني عليه بالقوات المسلحة لهذا السبب وعول الحكم على الدليلين القولي والفني رغم تناقضهما ولم يتم عرض المتهم على المجني عليه عرضاً قانونياً وعاقب الحكم الطاعن بتهمة العاهة المستديمة على أساس قله الإبصار رغم أن القانون لا يعتبرها عاهة إلا إذا أدت إلى كف البصر كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد قدم شهادة من قلم كتاب نيابة شرق القاهرة الكلية استدل بها على أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه في الميعاد القانوني تاريخها 7 من إبريل سنة 1993 مؤداها أن الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بتاريخ........ من فبراير سنة 1993 أودعت أسبابه ملف القضية يوم...... مارس سنة 1993.
لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه في الميعاد القانوني ينبغي أن تكون على السلب أي داله على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعاً عليه وقت صدورها وأنه لا يغني عن هذه الشهادة السلبية أي دليل آخر سوى أن يبقى الحكم حتى نظر الطعن خالياً من التوقيع وإذن فالشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة يوم 29 من مارس سنة 1993 لا تفيد لأن قانون الإجراءات الجنائية في المادة 312 منه لم يجعل لقلم الكتاب الاختصاص ببيان تاريخ ورود الحكم في مقام طلب إبطاله بل قصر اختصاصه على مجرد إثبات وجود الحكم أو عدم وجوده في القلم المذكور محررة أسبابه موقعاً عليها ممن أصدره وقت تحرير الشهادة، فضلاً عن أنه من المقرر أن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره لا يجدي في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني وإذ كان ذلك فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذ به بقوله "وتعين لذلك معاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وإعمالاً للمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال المجني عليه وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمه بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحله من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض في أقوال الشهود على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفال الحكم إيراد أقوال المتهم لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذها هذا الإجراء وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الطب الشرعي فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أن البين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في التقرير المقدم منه أو إعادة المأمورية إليه فليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم ترى هي من جانبها حاجة لاتخاذه ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي في قوله "إذ أورى أولهما في تاريخ الواقعة..... عن وجود كدمة واحمرار وسحجه بالعين اليمنى وسحجه طولية بالرقبة وأورى ثانيهما أن إصابة المجني عليه بالعين اليمنى كانت أصلاً ذات طبيعة رضية حدثت من مثل الضرب بكرباج وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث وقد تخلف لدى المصاب من جراء إصابته ضعف إبصار العين اليمنى عن قوتها الطبيعية مما تعتبر عاهة مستديمة لا يمكن تحديد مداها نظراً لعدم قوة إبصار العين قبل الحادث وأنه من المعروف أن ضعف إبصار عين سليمة يبلغ قوة إبصارها 6/ 36 بالنظارة وقوة إبصار العين الأخرى 6/ 60 بالنظارة يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 75%" وحصل أقوال المجني عليه في قوله "أنه أثناء سيره في شارع....... التابع لقسم....... احتكت به عربة من الخلف فعاتب راكبها وهو المتهم الأخير بنهره وذهب وعاد حاملاً كرباج وتعدى عليه بالضرب فأحدث إصابته في عينه اليمنى" كما حصل أقوال الشاهد الثاني في قوله "أن المجني عليه حضر وكان مصاباً في عينه اليمنى مقرراً أن هناك شخص تعدى عليه بالكرباج فذهب مع المجني عليه لعمل تحقيق في قسم..... فأشار عليه أحد الضباط بالذهاب إلى منطقة الحادث لمعرفة اسم المتهم وهناك استعلم عن اسم المتهم فعلم أنه..... ولدى مواجهته قرر له الأخير أنه الذي اعتدى بالضرب بالكرباج على المجني عليه بالفعل" وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم عن تلك الأدلة، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس وفضلاً عن ذلك فإن البين من حضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة بقالة أن المجني عليه لم يكن يعرف المتهم وكان يتعين عرضه عليه عرضاً قانونياً ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثر شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك وكان من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/ 1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفي لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه في عينه اليمنى قد خلقت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين عن قوتها الطبيعية تقدر نسبتها بنحو 75% ومن ثم فإن ما يثيره من ضعف قوة الإبصار قبل الإصابة أصلاً لا يؤثر في قيام أركان الجريمة ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كانت فاقدة الإبصار من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها ويكون منعاه في هذا الشأن على غير أساس. لما كان تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.