أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 688

جلسة 23 من مايو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجى ومجدي الجندي ومحمد حسين وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة.

(97)
الطعن رقم 12712 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعنين أسباباً لطعنهما. أثره: عدم قبول طعنهما شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. موضوعي. حق محكمة الموضوع تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف انتزع منه بطريق الإكراه.
سلطان الوظيفة في ذاته. لا يعد إكراهاً. ما دام لم يتصل إلى المتهم بأذى مادياً كان أو معنوياً. مجرد الخشية منه لا يعد قرين للإكراه المبطل للاعتراف.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً. عدم التزامها نص اعتراف المتهم وظاهره لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع غيره. لا يعيب الحكم. متى استخلصت المحكمة الحقيقة من أقوالهما استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
(5) سرقة. إكراه. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
استظهار الحكم حصول الشروع في السرقة ليلاً من جناة متعددين يحمل أحدهم سلاحاً. لا جدوى معه النعي عليه في شأن ركن الإكراه في السرقة. عرف حامل السلاح أم لم يعرف. أخطأ الحكم في تحديد حامله أم لم يخطئ. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في تجزئة ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(6) سرقة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. مناط تحققه؟
تحدث الحكم عن قصد السرقة استقلالاً. غير لازم. ما دامت الواقعة الجنائية تفيد بذاتها أن المتهم قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. استخلاص هذا القصد. موضوعي. الجدل في ذلك غير جائز.
1 - لما كان المحكوم عليهما........ و........ وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنيهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبولهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. وكان سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يتصل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً ومجرد الخشية منه لا يعد من قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به المتهمان من بطلان اعترافهما للإكراه وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول.
3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى. إذ هي ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل أن لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها.
4 - من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر حصول الشروع في السرقة ليلاً من جناة متعددين يحمل أحدهم سلاحاً. عرف حامل السلاح أم لم يعرف. أخطأ الحكم في تحديد حامله أم لم يخطئ، فإن ذلك لم يكن بذي أثر في مسئولية الطاعنين عن الجريمة. لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة ظرف مادي متصل بالفعل الإجرامي يسري على كل من قارف الجريمة فاعلاً كان أم شريكاً ولو لم يعلم به فإن كل ما يثيره الطاعنان في صدد تجزئة المحكمة لأقوال الشهود واعترافات المتهمين أو تناقضها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في تجزئته ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في السرقة التي دان الطاعنين بها بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان استخلاص نية السرقة - من الأفعال التي قارفها الطاعنان - هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه، فإن ما يجادل فيه الطاعنان لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: شرعوا ليلاً في سرقة السيارة....... حال كون المتهم الأول حاملاً سلاحاً أبيض (سنجة) وذلك بمناسبة السرقة وأوقف أثر الجريمة لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبط أولهما وثانيهما والجريمة متلبس بها وفرار والآخرين. ثانياً: المتهم الأول أيضاً أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (سنجة). وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 3، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرر، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليهما......... و.......... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنيهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبولهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنين الآخرين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما - وآخرين - بجريمة الشروع في السرقة ليلاً مع حمل السلاح والأول أيضاً بإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة ردت بما لا يسوغ على الدفع ببطلان الاعترافات التي تساندت إليها في إدانتهم لحضور محرر المحضر أثناء التحقيق معهم بالنيابة العامة، وبينما أثبتت إنكار المتهم الرابع للتهمة جزأت أقوال الشهود واعترافات المتهمين لتستخلص منها إدانتهم، كما تساندت في إدانتهم إلى أقوالهم وأقوال شهود الإثبات رغم تناقض كل منها في شأن من كان يحمل السلاح من بين المتهمين. وأخيراً فإنها لم ترد على دفع الطاعنين بانتفاء القصد الجنائي في جريمة السرقة لديهما، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان كلاً من الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وإقرارات المتهمين الأول والثاني بمحضر الشرطة واعترافهما والمتهم الثالث بتحقيقات النيابة العامة وضبط السلاح بحوزة المتهم الأول، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر إن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. وكان سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يتصل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، ومجرد الخشية منه لا يعد من قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به المتهمان من بطلان اعترافهما للإكراه وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، إذ هي ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل إن لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكان من المقرر أيضاً أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر حصول الشروع في السرقة ليلاً من جناة متعددين يحمل أحدهم سلاحاً، عرف حامل السلاح أم لم يعرف، أخطأ الحكم في تحديد حامله أم لم يخطئ، فإن ذلك لم يكن بذي أثر في مسئولية الطاعنين عن الجريمة، لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة ظرف مادي متصل بالفعل الإجرامي يسري على كل من قارف الجريمة فاعلاً كان أم شريكاً، ولو لم يعلم به، فإن كل ما يثيره الطاعنان في صدد تجزئة المحكمة لأقوال الشهود واعترافات المتهمين أو تناقضها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في تجزئته ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في السرقة التي دان الطاعنين بها بكافة أركانها كما هو معرفة به في القانون، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الطاعنان هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه، فإن ما يجادل فيه الطاعنان لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.