أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 716

جلسة 4 من يونيه سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة وعمر بريك.

(103)
الطعن رقم 50932 لسنة 59 القضائية

(1) تعدي على أرض الدولة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
جريمة التعدي على العقارات المملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأي جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة بكافة صورها الواردة في المادة 372 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟
ثبوت أن الأرض المقام عليها البناء في حيازة الطاعن ووالده نفاذاً لحق الانتفاع. أثره: عدم تحقق جريمة التعدي حسبما عرفتها المادة 372 مكرراً عقوبات. إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن. خطأ في القانون.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة.
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة. واجبها وصف الواقعة المطروحة أمامها وصفها الصحيح في القانون.
1 - من المقرر أن المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 34 لسنة 1984 تنص على أنه "كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته...." ويبين من هذا النص أنه يجرم كل صور التعدي على العقارات المملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة، سواء كان ذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة منشآت عليها أو الانتفاع بها بأية صورة كانت، وتفترض هذه الصور جميعها أن يكون الجاني قد اغتصب العقار موضوع الجريمة أما إذا كان يضع يده على ذلك العقار بسند من القانون وأتى بفعل من الأفعال المشار إليها، فإن هذا الفعل يخرج من نطاق تطبيق النص آنف البيان، وإن جاز أن يندرج تحت نص عقابي آخر وهو المعنى المستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 34 لسنة 1984 إذ جاء بها ما نصه "لقد تزايدت حالات التعدي على أراضي الأوقاف والأراضي المملوكة للدولة وشركات القطاع العام، بحيث أصبح ذلك يشكل انتهاكاً لحرمة أملاك الدولة، ويؤدي إلى إثراء غير مشروع لبعض الأفراد، ويحرك بالتالي الإثارة في نفوس المواطنين وأصبحت القوانين القائمة لا تكفي لحماية أملاك الدولة العقارية وما في حكمها من التعدي عليها وحيازتها بغير سند من القانون، ابتغاء فرض الواقع، فلم يحل دون تلك التعديات نص المادة 970 من القانون المدني التي لا تجيز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، والتي تمنح الجهة صاحبة الشأن حق إزالة التعدي إدارياً". يؤيد هذا المعنى ويؤكده ما أوجبه النص المذكور من الحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء، وهو ما يفصح بجلاء ووضوح عن أن المشرع قد استحدث هذا النص لحماية أملاك الدولة العقارية وما في حكمها من الغصب. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض المقام عليها البناء مثار الاتهام في حيازة الطاعن ووالده من قبله نفاذاً لحق الانتفاع بها من الإصلاح الزراعي، فإن الفعل الذي وقع من الطاعن لا تتحقق به جريمة التعدي حسبما عرفتها المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات لأن حيازته لتلك الأرض تكون بسند من القانون وهو حق الانتفاع، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة التعدي على أرض الدولة يكون قد أخطأ صحيح القانون.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة للواقعة وهو الذي دين به الطاعن - ولها بل ومن واجبها أن تصف الواقعة المطروحة أمامها وصفها الصحيح في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام مبان على أرض مملوكة للإصلاح الزراعي دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمادة 372 مكرراً من قانون العقوبات. ومحكمة جنح القناطر قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه ورد الأرض بما عليها من مبان للجهة المالكة. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية "مأمورية قليوب" - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/........... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي بالبناء على أرض مملوكة للإصلاح الزراعي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن دفاعه قام على أن الأرض المقام عليها البناء مثار الاتهام مملوكة له وليست من أملاك الدولة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع إيراداً ورداً مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
من حيث إن المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 34 لسنة 1984 تنص على أنه "كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته...." ويبين من هذا النص أنه يجرم كل صور التعدي على العقارات المملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة، سواء كان ذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة منشآت عليها أو الانتفاع بها بأية صورة كانت، وتفترض هذه الصور جميعها أن يكون الجاني قد اغتصب العقار موضوع الجريمة أما إذا كان يضع يده على ذلك العقار بسند من القانون وأتى بفعل من الأفعال المشار إليها، فإن هذا الفعل يخرج من نطاق تطبيق النص آنف البيان، وإن جاز أن يندرج تحت نص عقابي آخر وهو المعنى المستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 34 لسنة 1984 إذ جاء بها ما نصه "لقد تزايدت حالات التعدي على أراضي الأوقاف والأراضي المملوكة للدولة وشركات القطاع العام، بحيث أصبح ذلك يشكل انتهاكاً لحرمة أملاك الدولة، ويؤدي إلى إثراء غير مشروع لبعض الأفراد، ويحرك بالتالي الإثارة في نفوس المواطنين وأصبحت القوانين القائمة لا تكفي لحماية أملاك الدولة العقارية وما في حكمها من التعدي عليها وحيازتها بغير سند من القانون، ابتغاء فرض الواقع، فلم يحل دون تلك التعديات نص المادة 970 من القانون المدني التي لا تجيز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، والتي تمنح الجهة صاحبة الشأن حق إزالة التعدي إدارياً..." يؤيد هذا المعنى ويؤكده ما أوجبه النص المذكور من الحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء، وهو ما يفصح بجلاء ووضوح عن أن المشرع قد استحدث هذا النص لحماية أملاك الدولة العقارية وما في حكمها من الغصب. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض المقام عليها البناء مثار الاتهام في حيازة الطاعن ووالده من قبله نفاذاً لحق الانتفاع بها من الإصلاح الزراعي، فإن الفعل الذي وقع من الطاعن لا تتحقق به جريمة التعدي حسبما عرفتها المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات لأن حيازته لتلك الأرض تكون بسند من القانون وهو حق الانتفاع، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة التعدي على أرض الدولة يكون قد أخطأ صحيح القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - بما يوجب نقضه. ولما كانت المحكمة بقضائها هذا قد قعدت عن بحث ما عساه أن يكون الفعل المسند إلى الطاعن من جرائم أخرى غير التي دانته بها خطأ. وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة للواقعة. وهو الذي دين به الطاعن - ولها بل ومن واجبها أن تصف الواقعة المطروحة أمامها وصفها الصحيح في القانون. لما كان ذلك، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.