أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 742

جلسة 10 من يونيه سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى كامل وفتحي حجاب نائبي رئيس المحكمة ونير عثمان وجاب الله محمد جاب الله.

(108)
الطعن رقم 40620 لسنة 59 القضائية

(1) نيابة عامة. أمر حفظ. أمر بألا وجه.
العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الأوراق. هي بحقيقة الواقع. لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به.
أمر الحفظ هو الذي يصدر من النيابة العامة دون أن تجرى في الدعوى أي إجراء من إجراءات التحقيق.
الأمر الصادر منها بعد انتدابها مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي على الجثة أو تشريحها لبيان سبب الوفاة. قرار بألا وجه. ولو جاء في صيغة أمر الحفظ.
(2) نيابة عامة. أمر بألا وجه "إلغاؤه". إجراءات "إجراءات التحقيق". دعوى جنائية.
حق النائب العام وحده في إلغاء الأمر الصادر من أعضاء النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره. المادة 211 إجراءات. إلغاؤه من رئيس نيابة أثره: اعتبار الأمر قائماً.
(3) نيابة عامة. أمر بألا وجه "إلغاؤه". إجراءات "إجراءات التحقيق". دعوى جنائية. قوة الأمر المقضي. حكم "حجيته".
الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام لم يلغ قانوناً.
عدم جواز إقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة التي صدر فيها الأمر بألا وجه. ما دام قائماً. علة ذلك؟
(4) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إبداء الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. وجوب تحري حقيقة الواقع فيه والقضاء بقبوله أو رفضه. إغفال ذلك. خطأ في تطبيق القانون.
(5) دعوى مدنية. دعوى جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحكمة الجنائية. دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها. القضاء بعدم جواز نظر الأخيرة. يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.
1 - من المقرر أن العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة بحفظ الأوراق هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به فإذا صدر من النيابة أمر بمجرد الاطلاع على محضر الاستدلالات الذي تلقته من مأمور الضبط القضائي دون أن يستدعى الحال إجراء أي تحقيق بمعرفتها فهو أمر بحفظ الدعوى أما إذا قامت النيابة بأي إجراء من إجراءات التحقيق كصدور انتداب منها إلى مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي على الجثة أو تشريحها لبيان سبب الوفاة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الأمر الصادر يكون قراراً بألا وجه لإقامة الدعوى ولو جاء في صيغة الأمر بالحفظ.
2 - لما كان المشرع قد خول النائب العام وحده - وفقاً للمادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية - الحق في إلغاء الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من أعضاء النيابة العامة في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره مما يضحى معه إلغاء هذا الأمر من رئيس النيابة في الدعوى الماثلة على غير سند من القانون ويكون الأمر الصادر فيها بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية ما يزال قائماً لم يلغ.
3 - من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائماً لم يلغ قانوناً. فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر الأمر فيها لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي.
4 - لما كان على المحكمة إذا ما أبدى لها الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضي بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لم يقم على ما يحمله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية.
5 - لما كانت الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها - فإن القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أولاً: تسبيب خطأ في موت..... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالها وعدم احترازها بأن قادت سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فاصطدمت بالسيارتين رقمي...... و..... ملاكي الإسكندرية مما أدى إلى حدوث إصابة المجني عليها سالفة الذكر الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. ثانياً: تسببت خطأ في إصابة....... و....... و....... بالإصابة الواردة بالتقارير الطبية وكان ذلك ناشئاً عن إهمالها وعدم احترازها بأن قادت سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فاصطدمت بالسيارتين سالفتي الذكر مما أدى إلى حدوث إصابة المجني عليهم سالفي الذكر. ثالثاً: تسببت بإهمالها في إتلاف منقول (السيارتان السالف ذكرهما) والمملوكتين لمصانع......... على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: قادت سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابها بالمواد 238، 244/ 1، 378/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 4/ 1، 77 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1980 والمادتين 2، 116 من اللائحة التنفيذية.
وادعى كل من..... و...... و...... والممثل القانوني لمصانع...... مدنياً قبل المتهمة بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح باب شرق قضت حضورياً أولاً: برفض الدفع المبدى من المتهمة بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. ثانياً: ببراءة المتهمة مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية. استأنفت النيابة العامة والمدعون بالحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع المبدى من المتهمة وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس وإلزامها بأن تدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم القتل والإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وإتلاف منقول بإهمال قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنها دفعت بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية وعدم قبول الدعوى المدنية لسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية ما زال قائماً لم يلغ - لصدور قرار بإلغائه من رئيس نيابة في حين أن المختص بذلك هو النائب العام ولكن الحكم رد على ذلك بما لا يتفق والقانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعنة تمسك بدفاعه أمام محكمة أول درجة. وقد تبين من مطالعة المفردات المضمومة أنه دفع في المذكرتين المقدمتين أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لسابقة صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية وقد مضى على إصداره أكثر من ثلاثة أشهر ولم يقم النائب العام بإلغائه، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع بقوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهمة بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية فمردود بأن الأمر الصادر من النيابة هو أمر حفظ لعدم معرفة الفاعل وهو أمر إداري يصدر عنها ويجوز للنيابة العدول عنه بعد ذلك واستخراج الدعوى من الحفظ لما استجد من أمور ومن ثم يضحى الدفع في غير محله وترفضه المحكمة". لما كان ذلك، وكان البين من المفردات أنه بتاريخ 7 من أغسطس سنة 1987 أصدر وكيل النيابة قراراً بانتداب مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي على جثة المتوفاة لبيان ما بها من إصابات وأسبابها وكيفية وتاريخ حدوثها. ثم أصدر بتاريخ 12 من سبتمبر سنة 1987 أمراً بحفظ الأوراق مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل. وبناء على تظلم المدعين بالحقوق المدنية من هذا الأمر أصدر رئيس نيابة شرق الإسكندرية الكلية بتاريخ 7 من فبراير سنة 1988 قراراً بإلغائه وإحالة الدعوى للمحاكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة بحفظ الأوراق هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به فإذا صدر من النيابة أمر بمجرد الاطلاع على محضر الاستدلالات الذي تلقته من مأمور الضبط القضائي دون أن يستدعي الحال إجراء أي تحقيق بمعرفتها فهو أمر بحفظ الدعوى أما إذا قامت النيابة بأي إجراء من إجراءات التحقيق كصدور انتداب منها إلى مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي على الجثة أو تشريحها لبيان سبب الوفاة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الأمر الصادر يكون قراراً بألا وجه لإقامة الدعوى ولو جاء في صيغة الأمر بالحفظ. لما كان ذلك، وكان المشرع قد خول النائب العام وحده - وفقاً للمادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية - الحق في إلغاء الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من أعضاء النيابة العامة في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره مما يضحى معه إلغاء هذا الأمر من رئيس النيابة في الدعوى الماثلة على غير سند من القانون ويكون الأمر الصادر فيها بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية ما يزال قائماً لم يلغ. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائماً لم يلغ قانوناً. فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر الأمر فيها لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك، وكان على المحكمة إذا ما أبدى لها مثل هذا الدفع أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضى بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لم يقم على ما يحمله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكانت الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها, فإن القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.