أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 852

جلسة الأول من سبتمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الإكيابى ومحمد عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره نواب رئيس المحكمة.

(123)
الطعن رقم 15270 لسنة 64 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
الاعتداء على من لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول الاعتداء على المدافع أو غيره. لا تتوافر به حالة الدفاع الشرعي.
تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال. كان في إمكانه أن يركن إلى رجال السلطة العامة. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة في وقت الحادث وميعاده. دفاع موضوعي. كفاية أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
1 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها، وكان الاعتداء على من لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول الاعتداء على المدافع أو غيره لا تتوافر به حالة الدفاع الشرعي، كما أن تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال كان في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة العامة مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع لتعلقه بتحصيل فهم الواقع في الدعوى.
2 - لما كان ما قام عليه دفاع الطاعنين من منازعة في وقت الحادث ومكانه على نحو ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة من أن ميقات الحادث كان الساعة الخامسة صباحاً يوم 2/ 9 وأن مكان الحادث مجهول لا يعدو دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر سبق الحكم عليه بأنهم ضربوا عمداً....... وذلك بأن كاله الأول والثاني (الطاعنان) بضربات متلاحقة على رأسه وانهال عليه المتهم الآخر ضرباً على صدره وكان ذلك (بعصا شوم) كانت بأيديهم فأحدثوا به الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات سوهاج لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائتي واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1، 242/ 1 - 3 من قانون العقوبات - بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبحبس الثاني لمدة شهر واحد مع الشغل وبأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائتي واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه أطرح ما تمسكا به من أنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس والمال برد يخالف القانون وأغفل الرد على دفاعهما القائم على المنازعة في مكان الحادث وزمانه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في حوالي الساعة السادسة من صبيحة يوم 2/ 9/ 1990 توجه المجني عليه....... وشقيقه......... إلى حقل أشجار النخيل المملوكة لوالدهما لجني ثمارها وما أن اعتلى........ شجرة النخيل وكان المجني عليه يقوم بجمع ثمار النخلة من تحتها حتى حضر إليه المحكوم عليه وحدثت بينهما مشادة كلامية بسبب ادعاء كل منهما ملكيته لتلك الثمار تبادلا فيها الشتائم والسباب ثم انصرف المتهم المذكور وعاد بعد فترة وجيزة وبصحبته المتهمين الأول والثاني وما أن اقتربا من المجني عليه حتى عاجله المتهم الأول بضربه بعصا شوم على رأسه فأحدثت به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، بينهما كال له المتهم الثاني ضربة بقطعة حديدية على ساقه اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي...."، وبعد أن ساق الحكم الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة والمستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الأولى عرض لما تمسك به الطاعنان من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال وأطرحه بقوله "وحيث إنه لما كان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع للقصاص والانتقام وكان الثابت من الأوراق أن توجه المتهمين ناحية المجني عليه كان انتقاماً منه وإخوته من أخذهم ثمرات النخيل شركتهم ومشادتهم مع المتهم الثالث الذي سبق الحكم عليه غيابياً. وأن اعتداء لم يقع من المجني عليه على أي من المتهمين ساعة الحادث بل وإلى المتهمون جميعاً الاعتداء على المجني عليه حتى سقط أرضاً إثر اعتداء المتهم الأول عليه بتلك الضربة على رأسه والتي أعجزته عن أي اعتداء أو الاستمرار فيه وإذ ما كان الدفاع الشرعي لا وجود له بعد أن زال الخطر الحال الوشيك ولم يكن المجني عليه أو إخوته في حالة يظن منها أنهم مصدر خطر فلا مجال للقول بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس وإذ ما كان الدفاع عن المال لا وجود له إذ كان في الإمكان الركون إلى رجال السلطة العامة وكان المتهم الثالث قد انصرف لاستدعاء ذويه من أبنائه دون التوجه بدلاً من ذلك إلى رجال الحفظ ليركن إليهم بشكايته فلا محل للقول بقيام حالة الدفاع الشرعي عن المال". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها، وكان الاعتداء على من لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول الاعتداء على المدافع أو غيره لا تتوافر به حالة الدفاع الشرعي، كما أن تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال كان في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة العامة مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع لتعلقه بتحصيل فهم الوقائع في الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما تمسك به الطاعنان من أنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس لما استخلصه من وقائع الدعوى وظروفها من أن المجني عليه لم يكن مصدر اعتداء على الطاعنين أو غيرهما كما أطرح دفاعهما بقيام حالة الدفاع الشرعي عن المال بأنه كان في الإمكان الالتجاء إلى رجال السلطة العامة وكان ما أورده الحكم رداً على هذا الدفاع بشقيه سائغاً وكافياً ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعنان نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما قام عليه دفاع الطاعنين من منازعة في وقت الحادث ومكانه على نحو ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة من أن ميقات الحادث كان الساعة الخامسة صباحاً يوم 2/ 9 وأن مكان الحادث مجهول لا يعدو دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.