أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 139

جلسة 23 من يناير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي ومحمد عيد محجوب.

(20)
الطعن رقم 189 لسنة 65 القضائية

(1) تزوير. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
جرائم التزوير. لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
مبدأ تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(2) تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير تمامه. دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
مثال.
(3) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. رهن بتعمد الجاني التداخل بنشاطه في نشاط الفاعل.
التحدث صراحة واستقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة التزوير. غير لازم.
(4) تزوير "أوراق رسمية". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات وقوع تزوير المحرر من الطاعن يلزم عنه أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزويره واستعماله.
تعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. غير لازم.
اطمئنان المحكمة إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده؟
(5) تزوير. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التنازل عن المحرر المزور ممن تمسك به. لا أثر له على وقوع الجريمة. أساس ذلك؟
1 - لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الطاعن كان قد قدم للمحاكمة أمام محكمة...... بتهمة امتناعه عن تسليم الشقة التي باعها لـ.......، وأمام تلك المحكمة بجلسة..... قدم الطاعن إقراراً موثقاً في الشهر العقاري تحت رقم..... توثيق..... يفيد تصالحها مع الطاعن وتنازلها عن حقوقها في القضية المشار إليها، فأنكرته ونفت صدوره منها أو أنها قامت بتوثيقه. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال..... التي شهدت بأن إقرار التصالح لم يصدر منها، ومن أقوال..... أمين سر محكمة..... الذي شهد بأن..... محامي الطاعن في تلك القضية قدم في حضور الطاعن إقرار التصالح المشار إليه، ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن البيانات الأصلية بمحضر التوثيق رقم..... قد محيت بمادة كيماوية وأثبت بدلاً منها البيانات المزورة، ومما ورد بكتاب مكتب توثيق الشهر العقاري.... أن البيانات الأصلية بمحضر التوثيق المشار إليه تتضمن إثبات تصالح..... في الدعوى المقامة منه ضد....، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم وكان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن - على نحو ما سلف بيانه - سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور أو الفساد في الاستدلال وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجاني التداخل بنشاطه في نشاط الفاعل وليس أمراً لازماً للتحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه.
4 - لما كان ما أورده الحكم أن الطاعن ساهم بالاتفاق والمساعدة في تزوير بيانات المحرر الرسمي بأن اتفق مع الفاعل وأمده بالبيانات واستعمل المحرر فيما زور من أجله بأن قدمه محاميه في حضوره بالجلسة فإنه لا يكون ملزماً بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ما دام أن إثبات وقوع الاشتراك في التزوير منه يلزم عنه أن يتوافر في حقه ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه الاشتراك في تزويره واستعماله ومع ذلك فإن الحكم قد أفاض في الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً والمحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعن في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
5 - من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور، فإن التنازل عن المحرر المزور ممن تمسك به لا أثر له على وقوع الجريمة ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي - هو محضر التصديق رقم..... والمنسوب صدوره لمكتب توثيق...... - بالمحو والإضافة بأن قام بمحو بياناته الأصلية واستبدلها ببيانات أخرى مزورة، ثانياً: المتهم وآخر سبق الحكم عليه استعملا المحرر المزور آنف البيان بأن قدماه لمحكمة جنح أمن دولة..... مع علمهما بتزويره، وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً - ثالثاً، 41/ أولاً، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في إدانته على أقوال شاهدي الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وكتاب مكتب توثيق..... وهي أدلة لا تؤدي إلى إدانته ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر عناصر الاشتراك في حق الطاعن أو علمه بتزوير المحرر ودانه بجريمة الاشتراك في التزوير على الرغم من أنه نفى علمه بالمحرر المزور في ذات الجلسة التي قدمه فيها محاميه وأنه كان محبوساً حين توثيق محضر الصلح المزور مما لا يتيح له فرصة تزويره أو الاشتراك في تزويره وقد ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الطاعن لم يكتب عبارات المستند المزور هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يتمسك بحجية المحرر المزور وتنازل عنه في ذات الجلسة التي قدم فيها بما ينفي عنه ارتكاب جريمة استعمال المحرر المزور، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الطاعن كان قد قدم للمحاكمة أمام محكمة..... بتهمة امتناعه عن تسليم الشقة التي باعها لـ......، وأمام تلك المحكمة بجلسة..... قدم الطاعن إقراراً موثقاً في الشهر العقاري تحت رقم...... توثيق...... يفيد تصالحها مع الطاعن وتنازلها عن حقوقها في القضية المشار إليها، فأنكرته ونفت صدوره منها أو أنها قامت بتوثيقه. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال..... التي شهدت بأن إقرار التصالح لم يصدر منها، ومن أقوال..... أمين سر محكمة..... الذي شهد بأن...... - محامي الطاعن في تلك القضية - قدم في حضور الطاعن إقرار التصالح المشار إليه، ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن البيانات الأصلية بمحضر التوثيق رقم..... قد محيت بمادة كيماوية وأثبت بدلاً منها البيانات المزورة، ومما ورد بكتاب مكتب توثيق الشهر العقاري...... أن البيانات الأصلية بمحضر التوثيق المشار إليه تتضمن إثبات تصالح..... في الدعوى المقامة منه ضد......، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم وكان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن - على نحو ما سلف بيانه - سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور أو الفساد في الاستدلال وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجاني التداخل بنشاطه في نشاط الفاعل وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه، وكان ما أورده الحكم أن الطاعن ساهم بالاتفاق والمساعدة في تزوير بيانات المحرر الرسمي بأن اتفق مع الفاعل وأمده بالبيانات واستعمل المحرر فيما زور من أجله بأن قدمه محاميه في حضوره بالجلسة فإنه لا يكون ملزماً بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ما دام أن إثبات وقوع الاشتراك في التزوير منه يلزم عنه أن يتوافر في حقه ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه الاشتراك في تزويره واستعماله ومع ذلك فإن الحكم قد أفاض في الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً والمحكمة غير ملزمة من بعد بتعقب الطاعن في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور، فإن التنازل عن المحرر المزور ممن تمسك به لا أثر له على وقوع الجريمة ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.