أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 979

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي.

(139)
الطعن رقم 20940 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تقليد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تحدث الحكم استقلالاً عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها. لا يعيبه. ما دامت الوقائع التي أثبتها الحكم تفيد توافر هذا العلم لديه.
القول بتوافر العلم بالتقليد. موضوعي.
(3) تقليد. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
جريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها. كفاية أن يكون التشابه بين العملة الصحيحة والمقلدة بما يجعلها مقبولة في التداول ويخدع به الناس.
عدم تعرض الحكم لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والمقلدة. لا يعيبه. ما دامت المحكمة قدرت أن من شأن التقليد أن يخدع الناس.
(4) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم مؤدى تقرير الخبير الذي استند إليه في قضائه. إيراد نقص التقرير. غير لازم.
(5) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. كفاية القضاء بالإدانة رداً عليها.
(6) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات.
الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم؟
حق مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات. سماع أقوال من لديه معلومات عن الوقائع الجنائية. وسؤال المتهم عنها. أساس ذلك؟
(7) قبض. دفوع "الدفع ببطلان القبض". مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توجه مأمور الضبط القضائي إلى الطاعن وسؤاله عن الاتهام المسند إليه. لا يعد تعرضاً مادياً يمس بحريته الشخصية. ما دام لم يكن مقروناً بإكراه.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان القبض.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - لما كان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه، وكان فيما أورده الحكم من عرض الطاعن للورقة فئة المائة دولار للبيع بسعر يقل كثيراً عن سعر الورقة الصحيحة، ما يوفر علم الطاعن بتقليد هذه الأوراق، وكان القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من اختصاص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر أنه يكفي للعقاب على حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد الترويج مع العلم بذلك أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من شأنه أن يخدع الناس، وإذ كان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الأوراق التي عوقب الطاعن من أجل حيازتها مقلدة وفق أساليب التقليد الكلي بدرجة لا بأس بها بحيث ينخدع بها بعض الأشخاص غير المتعادين على التعامل بأوراق النقد الأجنبية، فإن عدم تعرض الحكم لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والعملة المزيفة المضبوطة لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد قدرت أن من شأن ذلك التقليد أن يخدع الناس.
4 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأبرز ما جاء به من أن الأوراق المضبوطة مقلدة بحيث ينخدع بها بعض الأشخاص، فإنه لا ينال من سلامته عدم إيراده نص التقرير بكامل أجزائه، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول.
6 - من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرءوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأية كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم، أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك.
7 - لما كان توجه مأمور الضبط القضائي إلى الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما توفر له من معلومات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أن ما قام به مأمور الضبط القضائي من توجه إلى مكان ضبط الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته، فإن رفضها دفع الطاعن ببطلان القبض يكون سليماً بما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً خارج البلاد - وهي مائة ورقة من فئة المائة دولار أمريكي المضبوطة والمصطنعة على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة - مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 202/ 1، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما هو مسند إليه ومصادرة الأوراق المقلدة المضبوطة.
فطعنت الأستاذة/...... المحامية نيابة عن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً خارج البلاد بقصد الترويج شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة ولم يستظهر علم الطاعن بتقليد العملة المضبوطة أو أوجه الشبه بين العملة المقلدة والعملة الصحيحة وقنع في هذا الصدد بما أورده التقرير الفني والذي لم يبسط مؤداه كاملاً، ولم يورد الحكم مؤدى أقوال كل من شاهدي النفي على حدة هذا إلى أن الحكم أطرح بما لا يتفق وصحيح القانون دفع الطاعن ببطلان استيقافه والقبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إن الرائد..... علم من أحد مصادره السرية أن المتهم يعرض للبيع أوراقاً من فئة المائة دولار بأسعار تقل عن سعرها الحقيقي فتوجه مع مصدره السري حيث أشار له هذا الأخير إلى المتهم، وإذ توجه إليه الضابط واستوقفه وواجهه بما لديه من معلومات فأقر المتهم بصحتها وقدم إليه مائة ورقة من فئة المائة دولار الأمريكي التي ثبت أنها مزورة واعترف له المتهم بقصد ترويجها مع علمه بأنها مزورة". وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن بما ينتجها من وجوه الأدلة التي استقاها من معينها الصحيح من الأوراق بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في واقعة الدعوى - كان ذلك محققاً لحكم القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه، وكان فيما أورده الحكم من عرض الطاعن للورقة فئة المائة دولار للبيع بسعر يقل كثيراً عن سعر الورقة الصحيحة، ما يوفر علم الطاعن بتقليد هذه الأوراق، وكان القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من اختصاص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للعقاب على حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد الترويج مع العلم بذلك أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من شابه أن يخدع الناس، وإذ كان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الأوراق التي عوقب الطاعن من أجل حيازتها مقلدة وفق أساليب التقليد الكلي بدرجة لا بأس بها بحيث ينخدع بها بعض الأشخاص غير المعتادين على التعامل بأوراق النقد الأجنبية، فإن عدم تعرض الحكم لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والعملة المزيفة المضبوطة لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد قدرت أن من شأن ذلك التقليد أن يخدع الناس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأبرز ما جاء به من أن الأوراق المضبوطة مقلدة بحيث ينخدع بها بعض الأشخاص، فإنه لا ينال من سلامته عدم إيراده نص التقرير بكامل أجزائه، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان استيقافه والقبض عليه وتفتيشه واطرحه بقوله: "وحيث إن المحكمة تأخذ بأدلة الإثبات سالفة البيان وتعول عليها في قضائها وهي قاطعة الدلالة على أن الشاهد الأول من شاهدي الإثبات إنما قام باستيقاف المتهم وواجهه بما نما إلى علمه من معلومات بشأن حيازته لأوراق نقد أجنبية مقلدة وعرضها للبيع، وهو إجراء قانوني وسائغ لمأمور الضبط القضائي، وأن المتهم بادر على الفور إلى تقديم الأوراق المضبوطة مقراً للضابط بأنه كان ينوي عرضها للبيع مع علمه بأمر تقليدها ومن ثم فلا مجال للقول بأن ثمة بطلان شاب الإجراءات التي قام بها شاهد الإثبات الأول". وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرءوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأية كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم، أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان توجه مأمور الضبط القضائي إلى الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما توفر له من معلومات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أن ما قام به مأمور الضبط القضائي من توجه إلى مكان ضبط الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته، فإن رفضها دفع الطاعن ببطلان القبض يكون سليماً بما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.